المحروقات تشعل أروقة المحاكم: وزير التجارة الداخلية متهم ويستمهل.. وخلافات جارحة على خلفية الدعوى

رام الله - دنيا الوطن
مازالت تداعيات قرار الحكومة برفع اسعار المشتقات النفطية، قائمة ويمكن لمسها يومياً عبر الاسعار التي ارتفعت على خلفيته، لكن، كان للقرار تداعيات أخرى في أروقة المحاكم، بعد أن رفع احد الاشخاص دعوى قضائية ضد وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك “لاصداره قراراً خارج صلاحيته” على حد تعبيره.مصطفى قلعجي، وهو أمين عام حزب معارض يدعى “حزب التغيير والنهضة السوري”، هو من رفع الدعوى بعد ان لمس “ردود غير مقنعة من الوزارء في جلسات مجلس الشعب، واستجابة لدعوة رئيسة المجلس بالتوجه إلى القضاء لمن لم يقتنع بالردود”.

قرار وتفصيلات أخرى
الدعوى رقم 3943 في القضاء الاداري التي رفعها قلعجي جاءت بعد “استشارة عدد من المحامين” وفقاً لحديثه، قائلاً في حديث مع اذاعة ميلودي اف ام، ضمن برنامج “مين المسؤول” مع الصحفي حازم عوض، إنه “بعد ورشة عمل مع عدة محامين، تبين ان وزير التجارة الداخلية لم يكن يملك صلاحية قانونية لاصدار قرار رفع أسعار المشتقات النفطية، حيث كانت الحكومة بحكم المستقلية وفقاً للمادة 125 من الدستور”.

وتابع “رفعت الدعوى ليست فقط للطعن بشرعية القرار، وإنما هناك تفصيلات أخرى في نصها، أهمها أن سعر الدولار في الفترة السابقة للقرار وصل إلى حدود الـ 670 ليرة، وعندما صدر القرار كان سعر الدولار حوالي 460 ليرة أي انه انخفض، وأيضاً، كان سعر المشتقات النفطية في سورية مستقراً حينما كان سعر النفط عالمياً مرتفع، بينما تزامن صدور القرار مع هبوط في اسعاره وهي موجة انخفاض مازالت مستمرة حتى اليوم”.

تبادل تهم وخلاف حاد!
قلعجي حاول الحصول على تأييد من قبل الجمعيات الأهلية، لكن النتيجة كانت نشوب خلاف حاد بين الأطراف وصل حد تبادل التهم التي كانت جارحة في بعضها، حيث كشف انه “تواصل مع جمعية حماية المستهلك للوقوف إلى جانبه في الدعوى استناداً إلى أن هدف الجمعية هو الدفاع عن المستهلك، لكن الرد كان غير متوقعاً” على حد تعبيره.

وتابع “رفضت الجمعية التعاون، وراحت إلى أبعد من ذلك، حيث أصدرت بياناً حظرت به التعامل والتواصل معنا، وحذرت من معاقبة من يخالف التعليمات، وتم اتهامنا بأننا حاولنا دفع مقابل مادي لمن يؤيدنا من الجمعية”.

واتهم قلعجي الجمعية “بممارسة الاستبداد الغريب على اعضائها”، مستنكراً بعض الردود التي وصفها بـ “الخارجة عن اطار الادب”. وأيضاً كذّب قلعجي حجج الجمعية بأن “قانونها لا يسمح لها بالمشاركة في مثل هذه القضية”.

غوغائية وله مآرب أخرى!
مسؤول اللجنة الاعلامية في جمعية حماية المستهلك، فراس نديم، رد على قلعجي، واصفاً الخطوة التي قام بها عبر رفعه الدعوى ضد وزير التجارة الداخلية بأنها “غوغائية ولن تحقق نتائج، وهدفها تحقيق مآرب أخرى”.

وأضاف “نحن لانعلم النوايا الحقيقة لهذه الدعوى، فهذا الشخص يتبع لحزب سياسي وقد يكون هدف الدعوى مآرب معينة تعود للحزب”.

وتابع نديم “لايمكن أن نقبل المشاركة بمثل هذا التصرف، لأننا لا نقبل أن نكون مطية لأحد، عدا عن اننا لا نتوقع نتائج ايجابية قريبة حيث ستأخذ الدعوى وقتاً طويلاً”.

نديم أكد أن الجمعية ترى بقرار رفع اسعار المشتقات النفطية “مجحفاً بحق المواطنين”، لكنه قال أيضاً “يجب التعامل مع الموضوع بحكمة أكثر، نحن ضد القرار، لكن ضد معالجته بهذا الاسلوب الخارج عن نمط عمل جمعية حماية المستهلك”.

وأردف “بعد صدور القرار أصدرنا بياناً يعبر عن موقفنا الرافض له، وشاركنا بالاعتصامات، ونحن نمارس الضغط على الجهات المعنية عبر التواصل مباشر، ومن خلال التوعية والارشاد”.

في حديث مسؤول اللجنة الاعلامية في جمعية حماية المستهلك، مايشي بالسبب الحقيقي الذي منعهم من المشاركة، فرغم تأكيد نديم على أن النظام الداخلي للجمعية لا يسمح لهم بذلك، إلا أنه قال ايضاً “نحن نتبع لوزارة الشؤون الاجتماعية ونعمل تحت اشراف وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك”، وهذا ما علق عليه قلعجي قائلاً “الجمعية التي تعمل تحت اشراف الوزارة بالتأكيد لن تقف ضدها في المحكمة”.

في نهاية الجدال، تبقى جمعية حماية المستهلك جمعية أهلية، غير ملزمة بالمشاركة، ولا يمكن اجبارها على دعم دعوى قضائية سواء هذه الدعوى او غيرها.

القرار غير دستوري وهذا الدليل
وفي العودة إلى تفاصيل القضية، قال المحامي بسام نجيب، وهو جهة الدفاع عن المدعي قلعجي، إن “الدعوى لم ترفع على الوزير بشكل شخصي، بل بصفته كوزير”.

وحول سبب اختيار وزير التجارة الداخلية دون غيره من الفريق الاقتصادي الذي ساهم بصدور القرار، قال “القرار صدر عن وزير التجارة الداخلية، وفي الاجراءات القانونية عادة، توجه الدعوى ضد الجهة التي صدر عنها القرار، أما خلفيات صدور القرار ومن ساهم بإصاداره، فلا يتم الرجوع اليها الا اذا طرح ذلك من قبل الطرف الآخر كدفاع عن النفس”.

وعن مشروعية الدعوى، قال “طالبنا بوقف تنفيذ القرار إلى حين صدور الحكم، كون الضرر يقع على المواطنين بشكل يومي”، مشيراً إلى أن “صدور القرار كان مخالفاً للدستور في الفقرة الأولى من المادة 125 بالبند (ب)، وهذا ما استندنا اليه، حيث ينص الدستور حرفياً:

تُعد الوزارة بحكم المستقيلة في الحالات الآتية:
‌أ- عند انتهاء ولاية رئيس الجمهورية.
‌ب- عند انتخاب مجلس شعب جديد.
‌ج- إذا قدم أغلبية الوزراء استقالاتهم.
2- تستمر الوزارة بتسيير الأعمال ريثما يصدر مرسوم بتسمية الوزارة الجديدة.

وتابع المحامي قائلاً “الفقرة الثانية في المادة 125، تقول إن الوزارة تقوم بتسيير الأعمال حتى تشكيل وزارة جديدة، والقصد من تسيير الأعمال هنا، هو عدم حصول فراغ اداري فقط، الى حين تشكيل وزارة جديدة، لكن تبقى الوزارة السابقة مستقيلة والمستقيل لا يصدر قرارات”.