سيادة المطران عطا الله حنا مستنكرا جريمة ذبح الكاهن الفرنسي : " اولئك الذين ذبحوا الكاهن الفرنسي الجليل هم ذاتهم الذين يذبحون وطننا العربي "

رام الله - دنيا الوطن
عبر سيادة المطران عطا الله حنا رئيس اساقفة سبسطية للروم الارثوذكس عصر اليوم عن استنكاره وشجبه للجريمة النكراء التي ارتكبتها منظمة داعش الارهابية الدموية بحق كاهن فرنسي يبلغ من العمر 86 عاما والذي ذبح بطريقة همجية في كنيسته كما تم الاعتداء على من كانوا معه .وقال سيادته بأن هذه الجريمة النكراء تضاف الى سلسلة الجرائم المروعة التي ارتكبتها داعش واخواتها من المنظمات الارهابية سواء كان هذا في سوريا او في العراق او في غيرها من الاماكن .

ان اولئك الذين ذبحوا هذا الكاهن الجليل في كنيسته هم ذاتهم الذين ذبحوا الطفل الفلسطيني في شمال سوريا وهم ذاتهم الذين يذبحون ويقتلون ويدمرون في سوريا والعراق دون اي وازع اخلاقي او انساني .

لا يمكننا ان نجد الكلمات اللائقة والمناسبة لوصف هذه الجرائم التي ترتكب بحق الانسانية من قبل هذه الجماعات الارهابية التي انشأت لكي تدمر وتخرب وتثير الفتن والتصدعات المذهبية ولكي تستهدف القيم الروحية والانسانية والحضارية .

لقد ارتكبت منظمة داعش الارهابية وغيرها من المنظمات الارهابية جرائم مروعة في عدد من الدول العالمية .

ويؤسفنا ويحزننا ان نقول بأن هنالك بعضا من الدول الغربية التي غذت هذه المنظمات الارهابية بالمال والسلاح لكي تدمر وتخرب في منطقتنا العربية وما نلحظه اليوم هو انه قد انقلب السحر على الساحر ، الغرب هو الذي غذى هذه المنظمات وهو الذي سهل لها كل الوسائل لكي تصل الى سوريا والى غيرها من الاقطار العربية لكي تدمر وتخرب وتقتل وتذبح كل ما هو حضاري وانساني في منطقتنا .

اننا نستنكر كافة العمليات الارهابية والتي استهدفت المدنيين واخرها جريمة ذبح هذا الكاهن الجليل ، ولكننا في نفس الوقت نحمل الحكومات الغربية مسؤولية ما آلت اليه الامور ، فاولئك الذين ارسلوا هذا الارهاب لكي يدمر ويخرب في سوريا نلحظ ان الارهاب قد وصل اليهم فما زرعوه قبل عدة سنوات بدأوا يحصدونه اليوم .

يحزننا ويؤلمنا ان الابرياء هم الذين يدفعون الثمن فالحكومات في الغرب هي التي تخطط وهي التي تمول وهي التي تعمل على تفكيك مجتمعاتنا العربية وتدمير ثقافة العيش المشترك واليوم نلحظ ان نيران هذا الارهاب الدموي بدأت تصل اليها .

آن للدول الغربية ان تصحوا من كبوتها وان تعود للقيم والمبادىء الاخلاقية والانسانية ، فلماذا ترسلون ادوات الموت الى منطقتنا ولماذا تبذلون من اسلحتكم واموالكم من اجل تدمير مجتمعاتنا ولماذا تفكرون فقط بمصالحكم الاقتصادية وتتجاهلون الشعوب الفقيرة المقموعة والمظلومة ؟ .

ان هذا الارهاب الذي بدء ينتشر في عالمنا يحتاج الى معالجة ، والمعالجة لا يمكن ان تكون عسكرية او امنية فحسب فهنالك حاجة لمعالجة ثقافية فكرية انسانية يتم من خلالها تكريس القيم الدينية الحقيقية قيم السلام والمحبة والاخوة بين الناس .

لا يمكننا ان ننسى اخوتنا المطارنة المخطوفين في سوريا والشعب السوري الكريم الذي اكتوى بنار الارهاب خلال السنوات الاخيرة والارهاب ذاته عصف بالعراق وبغيرها من الاقطار العربية .

ان داعش واخواتها من المنظمات الارهابية هي صناعة استعمارية بامتياز ولكنها وجدت بؤراً حاضنة لها في وطننا العربي بسبب الفقر والجهل والتخلف والكبت والظلم والقمع وبسبب انعدام وجود التوجيه الديني السليم في بعض الاماكن .

علينا ان نتصدى لداعش ولاخواتها من منظمات الارهاب ليس فقط ببيانات الشجب والاستنكار ونحن في كل يوم نشاهد الجرائم المروعة التي ترتكبها هذه المنظمات ، المعالجة الحقيقية يجب ان تكون من خلال تكريس ثقافة الاخاء الديني والوحدة الوطنية في مجتمعاتنا العربية ، وتأكيد قيم الدولة المدنية الديمقراطية التي تحترم حقوق الانسان وحريته وكرامته ، دولة المواطنة والقانون التي لا يتحدثون فيها بلغة الاكثرية او الاقلية .

اولئك الذين ذبحوا الكاهن المسن في فرنسا هم ذاتهم الذين يذبحون شعوبنا العربية ويذبحون اوطاننا وحضارتنا وتاريخنا وقيمنا وهم في ذلك يخدمون اولئك الذين يريدون تصفية القضية الفلسطينية وابتلاع القدس .

يريدوننا ان ننسى القدس وان ننسى فلسطين وان ننسى هذه القضية التي هي قضيتنا جميعا ، ويريدوننا أن نعيش في اجواء من الصراعات الدينية والطائفية والمذهبية .

نعزي اسرة الكاهن وابناء رعيته ونعزي اسر ضحايا الارهاب في سوريا والعراق وفي الوطن العربي وفي العالم اجمع ، ونعزي شعبنا الفلسطيني الذي ما زال صامدا وثابتا في دفاعه عن قضيته العادلة.

لن نستسلم للارهاب وللذين يريدوننا ان نعيش صراعات دينية ومذهبية وليكن ردنا على هذا الارهاب الذي يستهدفنا جميعا بأن نوحد صفوفنا وان نتعاون معا وسويا من اجل نبذ ثقافة التعصب والعنصرية والكراهية وتكريس ثقافة المحبة والاخوة والسلام والتلاقي بين الناس .

لقد ارتكبت الدول الغربية جرائم مروعة بحق شعوبنا العربية ونتمنى ان تصحح اخطائها واعوجاجاتها ، فمن يزرع الارهاب لا يمكنه الا ان يحصد الارهاب .

وقد اتت كلمات سيادة المطران عطا الله حنا هذه في مقابلة اذاعية على اذاعة فرنسا الناطقة باللغة العربية مساء اليوم .