فوز فتح وخسارتها في الانتخابات البلدية .. خسارة

فوز فتح وخسارتها في الانتخابات البلدية .. خسارة
رجائي عبد الله الشطلي
إعلامي

تساؤلات مشروعة //

لو افترضنا جدلا أن فصيلاً بعينه فاز وخسرت حركة حماس ، هل ستسلم حركة حماس بهذه النتائج ؟

ولو سلمت حركة حماس بالنتائج ، ألا تحتاج هذه البلديات والمجالس إلي قوة شرطية لتنفذ القانون علي الأرض وعلي الجميع ؟ ؟ لذلك لابد الاجابة عن  هذه التساؤلات قبل الخوض في الانتخابات البلدية لانها قد تكرس الانقسام .وأنا هنا لست متشائماً ولكن عشر سنوات من الانقسام عاشها شعبنا عاني خلالها ويلات الحصار والبطالة دفع بشبابنا إلي الانتحار والهجرة من الوطن باي وسيلة غير ابهين من الموت علي شواطيء اوروبا ،فالمعبر الوحيد الذي يربط غزة بالعالم الخارجي معبر رفح وعلي الرغم من استيائنا الشديد من إغلاقه إلا انه في حالتنا هذه ، حد من الهجرة ولو جزئيا ،تخيلوا معي لو كان مفتوحا علي مصراعيه ،فلن يبقي في غزة إلا من تجاوز الخمسين عاماً للأسف ، اعذروني فهي ليست دعوة مني لاستمرار إغلاقه ولكن هذا هو الواقع الذي نعيشه ، فللأسف بعد هذه السنون من الانقسام بما حملته في طياتها من موت بطيء لابناء غزة لم تكن كافية لان ننهي هذا الانقسام البغيض ، بل بدءنا اليوم بالتحضير لتعزيزه أكثر عبر التحضير للانتخابات البلدية والمجالس القروية ، والمشكلة هنا لا تكمن في الانتخابات فهي حق مقدس واستحقاق للمواطن لاختيار من يمثله ،ولكن المشكلة تكمن في ما بعد الانتخابات وما ستفرزه صناديق الاقتراع ، والتي ستعزز عنترية الأحزاب والفصائل بتمسكها بحقها وشرعيتها التي ستحصل عليها عبر صناديق الاقتراع ، والتي هي حق لها لا يمكن إنكاره ، ولكنه في حالتنا الفلسطينية  المنقسمة ، سيزيد انقسامنا انقساما آخر ، بل وسيكون أعمق من ذي قبل وسيكون انهاء الانقسام أكثر تعقيدا من ذي قبل بل ومستعصيا وتجربتنا السابقة خير دليل علي ذلك ، لذلك كان لابد أن ننهي الانقسام أولا وقبل كل شيء ، وان لم نستطع ، أن تتفق كافة الفصائل بل وتشكل ائتلافات وان تخوض الانتخابات بقوائم موحدة ، وهذا قد يخفف من تأزم الحالة الفلسطينية أكثر .فالقوائم المهنية الوطنية المشتركة هي بداية المصالحة الوطنية الشاملة .

غزة والانتخابات //

كل هذه المعاناة التي عاشها ويعيشها شعبنا بالتأكيد ستلقي بظلالها بل وستحدد نسبة المشاركة في الانتخاب ، فلا احد يستطيع أن يحسم أويجزم أو يتنبأ بنسبة المشاركة الجماهيرية في الانتخابات القادمة سوي أنني استطيع القول بأننا ربما نشهد نسبة مشاركة كبيرة جدا أو ضعيفة جدا فستكون الوسطية غائبة فيها ، بل ربما تكاد أن تكون معدومة لسببين أولهما / أن ما عاناه أبناء شعبنا من الانقسام والحصار والحروب والبطالة كان احد ما أفرزته الانتخابات التشريعية والرئاسية السابقة مما جعل الشعب يفقد الثقة بكل الفصائل ، وهذا  ما سيدفعه لعدم المشاركة . أما السبب الثاني ، أن شعبنا في غزة وبعد فشل حكم حماس في إدارة أمور الناس ، سيجعل الشعب يذهب بقوة إلي صناديق الاقتراع في محاولة منه لتغيير الواقع الصعب الذي يعيشه ، ولكنه يبحث عن البديل وما هو برنامجه الانتخابي ؟ وهذا سيجعل نسبة المشاركة كبيرة جدا ، وما بين المشاركة وعدمها شعرة .
 
مصباح علاء الدين //

يعتقد الكثير من أبناء شعبنا  أن هذه الانتخابات هي فرصته للتغيير وأنها أي الانتخابات ما هي إلا كمصباح علاء الدين ما إن لمسوه بأيديهم سيخرج لهم ماردا جديدا ككل مرة يفعلون ذلك ، ليطلبوا منه تحقيق آمالهم وتطلعاتهم ، وربما لا يعلم الجميع حجم التركة بعد هذه السنوات من الانقسام من عجز في موازنات البلديات ورواتب وأجور مستحقة للعاملين فيها منذ زمن لم يتلقوا إلا جزءا يسيرا منه ، ناهيك عن البنية التحتية المدمرة والديون المتراكمة لصالح البلديات علي المواطنين الغير قادرين علي السداد بسبب قلة مصادر الدخل لديهم وشحها . كل هذه الإشكالات ستكون العائق أمام من سيفوز في الانتخابات بل وستضعه في زاوية المسائلة إن لم يستطع حلها ، ومن ذا الذي يستطع حلها ؟؟

تحليلات واراء //

ومع كل ما سبق ذكره ، تعددت التحليلات إلي أن أشار البعض عن نية حماس بإلقاء كل هذه الأعباء والتركة ونقلها من كاهلها إلي كاهل حركة فتح ، لتجد نفسها أي حركة فتح في مواجهة مع المواطن المتعطش للتغيير النوعي ، وبذلك يتم ترحيل الأزمة باختلاق أزمة أخري للطرف الآخر ، وهذا التحليل فيه جزء كبير من المنطق واتفق معه تماما فالسياسة دهاء ، ولكن أنا أري أن حركة حماس والتي تسيطر علي غزة بالكامل ليست بهذه السذاجة أن تترك المربع الأول مربع الحكم وتبتعد كثيرا ولنا معها تجارب بعدم تمكين حكومة الوفاق من العمل بغزة وايضا كلنا يعلم قضية رئاسة جامعة الاقصي بغزة ، لو انها اعتمدت هذا التفسير لتركت جامعةالاقصي والوزارات وكلها بالمحصلة خدماتية كالبلديات اكثر منها سياسية  ، وبمنطق الربح والخسارة فان ما ستكسبه حركة حماس وستجنيه بإلقاء كل هذه التركة تجاه خصومها سيكون اقل بكثير مقابل أهمية بقائها وتجديد شرعيتها أمام شعبها والعالم ، ناهيك عن أنها انتهت من إعداد واختيار مرشحيها وقوائمها وهذا يعني عزمها خوض المعركة بل وكسبها ، لذلك برائي أنها لن تفعل بل ستحافظ علي مكانتها ،بل وتفضل فوزها في البلديات والمجالس المحلية  علي أن تفوز بالتشريعي والرئاسة  .

حماس هي الفائز  //

مع تعطش شعبنا لإجراء الانتخابات ومع إعلان لجنة الانتخابات عن موعدها وإعطاء حركة حماس موافقتها علي إجراءها في غزة ، دفع الكثير من الشباب التواق للتغيير والممتعض من أداء الفصائل إلي لملمة أوراقه وتجهيز قوائمه لإعلان ترشحه للانتخابات والكثير من المستقلين أيضا ، وهذا كله سيؤثر علي نتائج الانتخابات وبالتالي سيكون له تأثير قوي علي الفصائل ، السؤال الأهم هنا لماذا سيكون الفوز حليف حركة حماس ؟؟ استنادا علي كل ما سبق هنا، حركة حماس هي الاقوي حظا في الفوز لعدة اعتبارات أولها مراهنة حماس علي حالة الانقسام التي تعيشها حركة فتح بل ستعززها وتغذيها وستسهل للأطراف المتناحرة فيها وبذلك ستتشتت أصوات أبناء حركة فتح والموالين لها من أبناء شعبنا وبالتالي هذا سيصب في مصلحة حركة حماس  ، ثانيا : قوائم المستقلين والمجموعات الشبابية والتي ستشتت وستحصد اصواتاً ولكنها لن تحصدها من أبناء حركة حماس فالمعروف ان أبناء حركة حماس سيلتزمون بقوائم وما تمليه عليهم الحركة علي قاعدة الولاء والبراء ولن تتشتت أصواتهم هنا أو هناك ، لذلك سيكون نصيب المستقلين والمجموعات الشبابية كبير من أصوات حركة فتح واليسار ، وكل هذه مجتمعة ستصب في مصلحة حركة حماس وبالتالي سيكون الفوز حليفها .

 فتح خسارتها وفوزها خسارة //

فهي بكلتا الحالتين خاسرة ، خاسرة إن لم تعي تماما ما سبق وان لم تتحد وتتوافق حول قائمة واحدة موحدة يلتزم بها عناصرها ، وان حالف حركة فتح الفوز ستكون خاسرة أيضاً ، فهي ستصطدم بجيش من المواطنين ينتظرون منهم التغيير السريع والنوعي ، فان لم تستطع معالجة التركة التي سترثها عن من سبقهم ستفتح عليهم أبواب الانتقاد والتظاهر وحرية الرأي والتعبير .