في كتابه "عرفات -حياته كما أرادها الفصل 12 ج2" أحمد عبد الرحمن يروي ذكريات الانشقاق

في كتابه "عرفات -حياته كما أرادها الفصل 12 ج2" أحمد عبد الرحمن يروي ذكريات الانشقاق
دنيا الوطن ميسون كحيل

استكمالا للفصل الثاني عشر فقد زار طرابلس وفدا مصريا من سياسيين ومثقفين كان على رأسهم حسين الشافعي ويذكر انه في تلك الفترة كانت العلاقات العربية مع مصر مقطوعة على أثر اتفاقات كامب ديفيد وعقد صلح ما بين مصر واسرائيل كانت قد تم التوقيع عليها في ديسمبر عام 1978 . وقد عبر الوفد المصري عن تقديره واعجابه بالصمود الكبير والإنفراد الفلسطيني في مواجهة الآلة العسكرية الإسرائيلية و قال حسين الشافعي لأبو عمار أن مصر ترحب به على أرضها . و قبل مغادرة مغادرة عرفات طرابلس علم أن مصر ارسلت قطع بحرية مصرية لمرافقة وحماية السفن التي تنقله والمقاتلين من طرابلس إلى اليمن واثناء عبور السفن ميناء بورسعيد لوحظ ترحيب كبير به من الناس والبحارة وكل مَن كان يتواجد حينها في الميناء وفي الإسماعيلية التي وصلها عرفات لاقى ترحيب واستقبال كبيران حيث كان في استقباله رئيس الوزراء المصري ووزير الخارجية ووزير الدفاع ومستشار الرئيس حسني مبارك . ومن الإسماعلية إلى قص القبة في القاهرة حيث استقبله الرئيس المصري حسني مبارك باستقبال حار ثم عقد الرئيسان جلسة رسمية صدر بعدها بيان رسمي مصري يؤكد على الحقوق الوطنية الفلسطينية ودعم مصر لمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني ولرئيسها ياسر عرفات أمام هذه الهجمة والتآمر على عرفات شخصيا وعلى القضية الفلسطينية . واشار الكاتب في نهاية هذا الفصل إلى حجم الغضب الإسرائيلي من البيان المصري كما كان الغضب أشد من أولئك الذين وضعوا أنفسهم في حضن المتآمرين على القضية والثورة ما يدل على توافق هذه الأطراف التي لا تضمر خيرا للقضية  الفلسطينية ويجدر القول هنا ان عرفات قلب الطاولة عليهم واصبحوا كمن يسير في العراء ومن جهة لا بد من الإشارة ان هذا الاختراق العرفاتي الفلسطيني المحنك فتح المجال للدولة المصرية في العودة لقيادة الجسم العربي الهزيل أصلا  ومن أوسع الأبواب .

-------------------------------------------------

 الفصل الثاني - الجزء الثاني

دولتان عربيتان هما سوريا وليبيا إلى جانب إسرائيل العدو الدائم تقفان مع الانشقاق، «المشرق العربي لم يصل بعد إلى مرحلة الدولة إنها قبائل وأسر حاكمة»، مصر وحدها دولة وشعب عريق، ولا يحتاج أبو عمار من يذكره بمصر في ساعة محنته وهو الذي يقول دائماً: «أنا مصري الهوى» ويحمل رتبة ضابط احتياط في الجيش المصري، وفي طرابلس زاره وفد مصري كبير من سياسيين ومثقفين وفنانين وعلى رأسهم عضو مجلس قيادة الثورة حسين الشافعي وبقيت كلمات الشافعي تتردد على لسان أبو عمار: «لا يمكن الحكم على مصر باتفاقية كامب ديفيد ودور مصر أكبر بكثير من كامب ديفيد، وكل هؤلاء الذين جاءوا للتضامن معك يعبرون عن موقف مصر من فلسطين ومن قيادتك الشرعية»، وأن «مصر ترحب بك على أرضها». في الواقع وأثناء حصار بيروت أجرى أبو عمار اتصالات مع القيادة المصرية وكان هناك المشروع الفرنسي المصري المقدم لمجلس الأمن الدولي وفيه التعديل المطلوب على قرار المجلس 242 بحيث تعترف المنظمة بالقرار بعد التعديلات التي تعترف بحق الشعب الفلسطيني بأرضه ودولته وحل قضية اللاجئين الفلسطينيين ولم يكن هناك قطيعة مصرية – فلسطينية.

 كل هذه الخواطر جالت في ذهن أبو عمار، وهو يستعيد كلمات حسين الشافعي, وقبل أن يصعد إلى السفينة التي تنقله إلى اليمن، جاءه رسول من مصر يحمل له خبراً أثلج صدره «إن القيادة المصرية قررت إرسال قطع بحرية مصرية لحراسة السفن التي تنقله والمقاتلين من ميناء طرابلس حتى وصولها إلى ميناء الحديدة في اليمن»، وبنفسه وزع ياسر عرفات الخبر على أوسع نطاق, وفي عرض البحر كان يتطلع بكبرياء إلى هذه القطع البحرية التي ترفع علم مصر ويعلق: «مصر كبيرة ومصر تبقى مصر»، وفي ميناء بور سعيد رحبت مصر به، البحارة والسفن والناس كانوا في استقباله, وهبط من السفينة وصافحهم, وبدا عليه التأثر الشديد وهو يقول: «لقد كنت مع أول مجموعة مصرية مقاتلة تدخل بورسعيد بعد تحريرها في عام 1956, وكرمني أهالي بورسعيد واعتبروني مواطن شرف في المدينة»

       وفي محنته العاصفة والتآمر عليه وعلى قيادته في حلف غير مقدس يريد الخلاص منه ومن ثورته, في هذه المحنة تهب مصر لمساعدته, إن مصر تعد له استقبالاً رسمياً وشعبياً في مدينة الإسماعيلية التي يصلها بعد ساعات, رئيس الوزراء, وزير الخارجية, ووزير الدفاع, ومستشار الرئيس وكبار ضباط الجيش المصري الذي دمر خط بارليف, إنه يعرفهم وقد جاء لزيارتهم بعد حرب أكتوبر وتفقد مواقعهم في سيناء وغرف العمليات والتحصينات الإسرائيلية التي دمرها جيش مصر, ويقول: «إن كامب ديفيد وليدة ظروفها, ولن تكون قيداً على الدور المصري من أجل فلسطين»، وفي الإسماعيلية تكرم مصر أرض الكنانة أبو عمار, ومن الإسماعيلية إلى قصر القبة في القاهرة « لشكر مصر والرئيس مبارك على ما قدمته مصر وشعبها من مساعدة وحماية للسفن التي تنقله إلى اليمن».

وبعد الاستقبال الحار في قصر القبة والجلسة الرسمية مع الرئيس مبارك والغداء الرسمي يصدر البيان المصري، الذي يؤكد دعم مصر للشعب الفلسطيني في كفاحه المشروع لاستعادة حقوقه الوطنية ودولته المستقلة, ودعم مصر للقيادة الشرعية لمنظمة التحرير الفلسطينية برئاسة أبو عمار. وبالطبع هذا البيان المصري تجاوز صريح لمعاهدة كامب ديفيد, وقد أثار البيان غضب إسرائيل التي قالت إن هذا التأييد المصري لعرفات خرق خطير لمعاهدة كامب ديفيد, والمفارقة أن الغضب كان أشد ضراوة عند الأوصياء وأتباعهم، وعند البعض من ذوي النوايا الحسنة, وسبب هذا الغضب أن مصر أعلنت تمسكها بالمنظمة وبقيادة ياسر عرفات وبالحقوق الوطنية الثابتة للشعب الفلسطيني, لقد انقلب السحر على الساحر، وأبو عمار الذي تجدد مصر ثقتها به وبقيادته أصبحت الإطاحة به بعيدة المنال وهدفاً مستحيلاً.

إن هذا الاختراق العرفاتي لكامب ديفيد لا يصدر عن سياسي تحكمه حسابات صغيرة, بل عن قائد شجاع يحكمه حس تاريخي ورؤية سياسية شمولية لموقع ومستقبل قضيته في الصراع المرير ضد إسرائيل، وفي مواجهة مؤامرات كيانات سايكس/ بيكو التي شطبت فلسطين من دائرة اهتمامها. وانهالت أثناء وبعد الزيارة على أبو عمار الاتهامات والإدانات يميناً ويساراً, ولكنه تجمل بالصبر وبدا صامداً كالطود الشامخ, وبدت له الحملة الظالمة ضده أمراً عادياً, ففي كل حدث تاريخي لا بد من الشجاعة والإقدام, وهل كان ممكناً قيام الثورة بدون الإقدام والشجاعة في عام 1965, سخروا منا وقالوا «مجانين», ولكن أين نحن الآن؟ وبفضل الانطلاقة المسلحة فقضيتنا اليوم استعادت مكانتها الدولية ولا أمن ولا سلام ولا استقرار بعد اليوم إلا بإنصاف الشعب الفلسطيني وقيام الدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
    

«هناك منعطفات حاسمة وهامة يجب المجازفة والإقدام عليها وإلا تضيع الفرصة ويطوينا النسيان» خذ معركة الكرامة, وصمود بيروت وقرار القمة, أحداث ومنعطفات حاسمة وهامة كرست قضيتنا في الشرق الأوسط وفي العالم.

        أما زيارة القاهرة والاجتماع مع الرئيس مبارك وصدور البيان المصري، فهي استعادة لدور مصر القومي للوقوف معنا في صراعنا ضد إسرائيل. «إن مصر لا تحكمها معاهدة كامب ديفيد حين يتعلق الأمر بفلسطين»، وردد قول النبي محمد «ص»: «اللهم أهد قومي فإنهم لا يعلمون».




 عرفات - حياته كما أرادها للكاتب أحمد عبد الرحمن "الفصل العاشر ج3: تفاصيل تهدئة بيروت واجتماع سرّي لعرفات وأبوجهاد

عرفات - حياته كما أرادها للكاتب أحمد عبد الرحمن "الفصل العاشر ج2" : عندما قال أبو عمار .. وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى

عرفات حياته كما أرادها : متى ولماذا قال أبو عمّار "العرب نائمون" ؟
عرفات-حياته كما أرادها : وبدأ الهجوم على بيروت..هكذا سحب حافظ الأسد قواته -وهذا رد فعل قائد ثورة بساط الريح



"عرفات - حياته كما أرادها".. الفصل السابع - ح2 : قصة "بيان" وتعليق خليل الوزير .. استمرار مؤامرة "الأسد الأب"







"عرفات - حياته كما أرادها".. الفصل الخامس-ح2:مجزرة تل الزعتر ودور نظام "الأسد"-من الذي تواطأ في اجتياح لبنان 82 ؟



"عرفات - حياته كما أرادها".. الفصل الثالث-ح2: قصة سفينة السلاح من "هونيكر" لياسر عرفات وكيف رد له الجميل أبو عمار

التعليقات