الفنانة الفلسطينية ميرنا عيسى: الالتزام الإنساني والوطني في الفن والعلم

الفنانة الفلسطينية ميرنا عيسى: الالتزام الإنساني والوطني في الفن والعلم
رام الله - دنيا الوطن
نشأت في أحضان عائلة لاجئة تعشق الوطن والوطنية، فقد استشهد أعمامها الثلاثة نورالدين وأحمد عيسى، لذلك اندفعت الى الأغنية الوطنية حبا لوطنها وقضيتها بعد أن اكتشفت موهبتها الغنائية. لم تحدّ حياة اللجوء وصعوبة العيش من تفوقها التعليمي، وكانت عينها على دراسة الطب تحديدا، لتساهم في تخفيف آلام اللاجئين، لم يكن الجمع بين طريق الفن وطريق الطب سهلا، لكن محبتها لوطنها ألهمها الإبداع ومنحها القوة. كان اختيارها للون الوطني عن وعي وإدراك وشعور، وفي داخل هذا الغناء الوطني غنت الأغاني الفولكلورية. صوت جميل يشع من مخيم عين الحلوة في لبنان حاملا معه أشواق طبريا في فلسطين.
مع الفنانة ميرنا عيسى كان هذا اللقاء:

• كيف تقدمين نفسك للقراء؟
– ميرنا ناصر عيسى فلسطينية الأصل من بلدة حطين قضاء طبرية، هجّر أجدادي قصرا عن فلسطين عام 1948. ولدت في مخيم عين الحلوة في لبنان سنة 1996. نشأت وترعرعت في مدارس الأونروا، وأنهيت دراستي بتفوق في المرحلة الابتدائية والتكميلية والثانوية، وحزت على شهادتي البريفية الحكومية والبكالوريا الثانية (علوم الحياة) والآن أتابع دراسة الطب في السنة الثانية.

• تميلين للغناء الوطني، ما سر ذلك؟ هل هو اختيارك أم اختيار الجمهور؟
– منذ صغري تذهب أفكاري في مخيلتي، لماذا يعيش شعوب العالم في أوطانهم إلا نحن الفلسطينيون نعيش في بلاد اللجوء والمنافي، حيث لا نتمتع بحقوق مدنية أو سياسية أو اجتماعية. لقد ولدت في بيئة وطنية يطغى عليها النضال والمقاومة لاسترداد حقنا السليب، فمخيم عين الحلوة أسطورة بالنضال، فهو من أعلن الوجود الفلسطيني في لبنان حيث كانت الشرارة في 23 أبريل في الستينات، وهو من صمد (20 يوما) في وجه الغطرسة الإسرائيلية عندما اجتاحت لبنان في عام 1982، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فعلى صعيد عائلتي، فقد نشأت في أحضان عائلة تعشق الوطن والوطنية، بحيث لنا من الشهداء نصيب، وهم أعمامي الثلاثة نورالدين وأحمد عيسى، فلهذا كان اندفاعي الى الأغنية الوطنية حبا لوطني وقضيتي بعد أن اكتشفت موهبتي بالغناء.

• متى بدأت الغناء وكيف شققت طريقك في الفن؟
– بدأت الغناء في عام 2010 بعد مسيرة العودة الى الحدود اللبنانية الفلسطينية في (مارون الراس) في ذكرى النكبة، بحيث دارت مواجهات بين أبناء مخيمات لبنان وبين الجنود الإسرائيليين، وسقط العديد من الشهداء والجرحى، فتم تخليدهم بأغنية (يا بلادي) وكانت أولى أغنياتي الوطنية. وبعدها عملت على صقل موهبتي التي كرستها لفلسطين، ولن أغني لغير فلسطين، وانتجت العديد من الأغاني اذكر منها: يا حمامة فلسطينية، شعب الجبارين، أبطال الميدان، غربة فلسطيني، أول شمعة، بالإضافة الى أغنيتين من التراث الفلسطيني.

• كيف استقبلت اسرتك موهبتك الغنائية؟
– والدي مصور وإعلامي في منظمة التحرير الفلسطينية، فهو من وقف إلى جانبي منذ البداية، وهو من ارتقى بالروح العالية في نفسي، وهو من عمل معي في كل الأغاني وصورهم لي « فيديو كليب» على نفقته الشخصية، ومعروفة كم هي باهظة تكلفة الأغنية حتى تصبح جاهزة. أما والدتي فهي من تحيك وتخيط الملابس التراثية لتليق بي وبالأغنية التي سأصدرها. كما وقف الى جانبي أخي علاء مدير أعمالي وصفحتي الإلكترونية «الفلسطينية ميرنا عيسى» وهو الذي يزوّد وسائل الإعلام والمواقع الإخبارية أخبارا وتقارير عن نشاطاتي الفنية.

• هل لك أغان خاصة؟ وهل تم التلحين لك؟
– طبعا، وكما ذكرت لي أغان خاصة تقارب الـ18 أغنية وطنية وتراثية.

• أنت من لاجئات فلسطين في لبنان، ماذا أضاف لك معنى اللجوء فنيا، خصوصا في ظل اللاجئين العرب الذين اصبحوا بالملايين؟
– اللجوء مرارة، اللجوء حرمان، اللجوء ضياع، وخصوصا إذا لم تتمتع كما أسلفت بحقوقك المدنية والاجتماعية والسياسية، لهذا ترى نبرة الفنانين الفلسطينيين إجمالا يغلب عليها الطابع الحزين على ارض اغتصبت منا بالقوة، بفعل المؤامرة التي حيكت ضدنا، حيث قاوم شعبنا لاسترداد الوطن المغتصب لتحقيق حلمنا بالعودة إلى ديارنا وإقامة دولتنا الفلسطينية بعاصمتها القدس الشريف. وشعبنا الفلسطيني عانى الأمرين منذ نكبة فلسطين سنة 1948 وحتى اليوم، في مخيمات لبنان، وفلسطين (الضفة وغزة ومناطق 48) إلي مخيمات سورية، العراق، ليبيا. والآن نحن نشهد لجوء شعوبنا العربية وشعوب أخرى تتعرض لظلم التهجير. لذلك فنحن كلاجئين ولاجئات نتضامن معهم إنسانيا، وبشكل خاص لأننا أصلا ما زلنا نعاني من اللجوء.

• علمنا انك تدرسين الطب، لِمَ لم تدرسين الموسيقى والغناء؟ أم انك تفضلين أن يكون وجودك في الفن وجود موهبة لا فنانة محترفة متفرغة للفن؟
– صحيح أنا أتابع دراستي الجامعية في مجال الطب، والطب عمل إنساني ومهم بالنسبة لشعبي لتضميد جراحهم، وسلاحنا هو علمنا، ومن الجهة الثانية أواكب علمي بموهبتي التي خلقت معي منذ نعومة أظافري، ولن ابخل على شعبي بصوتي ولا بعلمي. سأغني لفلسطين، للشهداء، للجرحى، للأسرى، لشعب الجبارين، ولقائدنا ورمزنا الشهيد ياسر عرفات.

• الفن الغنائي شديد العلاقة مع الشعر والموسيقى، ما علاقتك كلنسانة وفنانة بالشعر الغنائي والموسيقى؟
– يجمع ذلك الهم الوطني في الشعر واللحن، والغناء هو ثالثهما فنيا وإنسانيا.

• أنت في مقتبل العمر، ونتوقع منك غناء معبرا عن مرحلة عمرك، هل من جديد؟
– أنا لست متفرغه للفن بشكل كامل ولكن لن ابخل على موهبتي بعطاءاتي، وأحاول أن أوفق بين العلم وبين الفن بطريقتي.

• متى ستزورين فلسطين؟
– عندي أمل كبير في زيارة فلسطين، ولكن متى؟ ! لا ادري. وهناك أسعى لتحقيق أمنيتي، عسى تكون الزيارة قريبة، ولو ليوم واحد وأغني على أرضها. يتم تأجيل الزيارة بفعل المناخات السياسية التي تحصل على ارض الوطن.

• كيف ترين اختيار اللون الغنائي والتسويق الفني؟
– الغناء جميل جدا، فهناك الغناء العادي والذي يمكن أن يدر على الفنان/‏‏ة مبالغ هائلة، وهناك الغناء الوطني، الذي تكون مكافأته المالية رمزية، فواجب الفنان أن يعيش مع شعبه بصوته كون قضيته عادلة، وخصوصا نحن الفلسطينيين، فلنا حق مغتصب، وكل القرارات الدولية التي تطالب بإعادة الحق لأصحابه ضربت بعرض الحائط.

• من الذي ترغبين أن تغني له أو لها؟
– أنا أحب وأعشق الأغاني الوطنية وخصوصا أغاني عظمائنا الفنانين الكبار، أمثال الفنانة فيروز في أغانيها: سنرجع يوما إلى حينا، وزهرة المدائن، وبيسان، وغاب نهار آخر .. والفنانة أم كلثوم مثل «اصبح الآن عندي بندقية» حيث إنني اردد تلك الأغاني على الدوام.

• هل تغنين لأسرتك ولصديقاتك؟
– أغني لأسرتي عندما يكون هناك فرحة زفاف تخصنا فقط، حيث أغني الأغاني الوطنية الفلسطينية، مثل علي الكوفية والدلعونا الفلسطينية.

• هل تعزفين؟
– لا أبدا ، ليس هناك عندي أي فراغ لتعلم العزف، من الكلية إلى منزلي الى دراستي التي تحتاج الكثير من الوقت، كما أنني أنشغل بعمل بروفات الأغاني، حتى اتقن الأغنية بلفظها الصحيح حسب اللحن.

• هل من رسالة للفن ترينها؟
– طبعا وأكيد، قضيتنا كبيرة وعادلة، لن يشعر العالم باستقرار ما دام شعبنا مشردا، ففلسطين تريد منا الطبيب والمحامي والفنان والرسام …. فكل يحارب بطريقته لتحرير فلسطين، الفدائي ببندقيته، الرسام بريشته، الشاعر بقلمه والفنان بحنجرته.

• هل من كلمة لشعبنا؟
– أشد على أياديهم بالوحدة، الوحدة صمام الأمان لشعبنا الفلسطيني، والرحمة لشهدائنا الأبرار، الحرية لأسرانا البواسل، والشفاء للجرحى وأننا لعائدون الى فلسطين.

التعليقات