قبعة شاهد على المرحلة

قبعة شاهد على المرحلة
عمر حلمي الغول

لشهر تموز/ يوليو قصة مع كفاح ومناضلي الشعب الفسطيني، حيث كوت حرارته بنيرانها قلوب وافئدة الفلسطينيين. رغم ان كل شهور وايام العام لها علاقة مباشرة مع معاناة واحلام وافراح الفلسطينيين. ففي تموز رحل قادة ومفكرين وفنانين فلسطيين، منهم القائد والمفكر والاديب غسان كنفاني، ورحل الفنان التشكيلي ناجي العلي ايضا، وشنت إسرائيل حربها الاجرامية على غزة تموز 2014، التي اودت بحياة مايزيد على الالفين ومئتين طفلا وإمرأة وشيخا، وما يزيد على احد عشر الف جريح  وغيرها من الاحداث.   وهذا هو المناضل الوطني الكبير تيسير قبعة يلحق بركب الشهداء من جيل الرواد، الذين حملوا راية الفكرة والثورة والمنظمة والسلطة منذ البدايات.

 في النصف الاول من  سبيعينيات القرن الماضي في بيروت تعرفت على الرفيق تيسير بعدما خرجنا من الاردن، وبعدما ابعدته سلطات الاحتلال الاسرائيلية. غير ان سجل كفاح ابو فارس كان اسبق من ذلك بكثير.حيث عايش بدايات النهوض من وحشة النكبة، التي المت بالشعب الفلسطيني في اعقاب قيام دولة التطهير العرقي الاسرائيلية أيار 1948، وتمكن بفضل تجربته النضالية وبراعة عقله الديناميكي من رؤية المشهد كما يليق بالمناضل الوطني. ابن قلقيلية المناضلة كانت بوصلته تؤشر نحو تحرير فلسطين، وبناء الدولة الديمقراطية عليها. من هنا وجد مكانه في صفوف القوميين، وبدأ مع التحاقه في حركة القوميين العرب، التي تحولت فيما بعد نكسة حزيران عام 1967 إلى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، التي تبوأ فيها مكانة عضو المكتب السياسي. الهيئة القيادية الاولى في الجبهة.

لم يكن تيسير قبعة رقما عاديا في صفوف الجبهة، بل كان يمثل تيارا وعنوانا. اختلف معه الانسان ام اتفق، كان احد الارقام الاساسية في قيادات الشعبية. حتى عندما تراجعت مكانته التنظيمية لاعتبارات خاصة بالجبهة الشعبية وممارسات ابو فارس، بقي يمثل تيسير احد الارقام المهمة في المعادلات التنظيمية. كما انه مثل الجبهة في منظمة التحرير، عندما إحتل عضوية اللجنة التنفيذية، وبقي لآخر يوم في حياته نائبا لرئيس المجلس الوطني الفلسطيني. وهو اعلى هيئة تشريعية في منظمة التحرير، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني. وكان له باع طويل في حقل التاسيس والتطوير للاتحاد العام لطلبة فلسطين، الذي لعب دورا محوريا في النضال الوطني، وكان ومازال احد روافع المنظمة. وتمكن المناضل تيسير قبعة من تحقيق جملة من الانجازات في الميدان السياسي والنقابي، حيث استطاع من خلق انوية وركائز لاتحاد الطلاب في حوالي اربعين بلدا بعدما كان محصورا في عدد قليل من البلدان لا تتجاوز عدد اصابع اليد الواحدة.

ورأس المناضل ابو فارس فرع التنظيم الخارجي للشعبية لسنوات طويلة، احد اهم اذرع الجبهة بعد فرع الارض المحتلة والساحات المركزية، التي كانت تتواجد فيها الهيئات المركزية للجبهة. ونجح في استقطاب الكفاءات الشابة وابناء الجاليات الفلسطينية في المهاجر، التي رفدت فصائل العمل الوطني والثورة عموما بطاقات فكرية وسياسية وتنظيمية واقتصادية ومالية وثقافية كبيرة, ومن خلال الفرع الخارجي نسج علاقات وطيدة مع عدد من الزعماء الامميين والقادة العرب في الوطن العربي الكبير وخاصة في شمال افريقيا.

كما ان الرفيق تيسير كان من المناضلين الاوائل، الين دخلوا للارض المحتلة، وتم إعتقاله ثم ابعاده من قبل إسرائيل. كان العضو القيادي في الجبهة الشعبية شاهد على مراحل بذور فكرة الثورة الفلسطينية المعاصرة، واحد قادتها، وعنوان من عناوينها البارزة والمؤثرة في تاريخ الشعب الفلسطيني. واذا شاء مؤرخ وطني او قومي يدون تاريخ الثورة، فإنه بالضرورة سيحتاج للالمام بتجربة المناضل تيسير ليغطي احد جوانبها المهمة. رحم الله المناضل الوطني الديمقراطي تيسير قبعة. الذي سيبقى اسمه ناصعا في سجل الكفاح الوطني التحرري. والعزاء الحار لعائلته وذويه ولرفاقه في قيادة الشعبية وللحركة الوطنية ومنظمة التحرير الفلسطينية.

[email protected]

[email protected]