مؤتمر وطنيون لإنهاء الانقسام ينعقد بالتزامن في رام الله وغزة وينتخب لجنة متابعة

رام الله - دنيا الوطن
شارك مئات المواطنين من مختلف محافظات الضفة بما فيها القدس، في المؤتمر الشعبي الحاشد الذي دعت له ونظمته لجنة المتابعة المؤقتة لحراك "وطنيون لإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة". وعقد مؤتمر الضفة متزامنا مع مؤتمر مماثل في مدينة غزة، وقدمت لهما نفس التقارير وجدول الأعمال، وجاءا تتويجا لسلسلة من اللقاءات والاجتماعات الفرعية والاتصالات المكثفة التي جرت في المحافظات الفلسطينية كافة مع ممثلي القوى السياسية والقطاعات والاتحادات الشعبية، على امتداد الأشهر الأربعة الماضية، حيث عقد المؤتمران تحت شعارات " الدفاع عن مشروعنا الوطني وانتصاره بتحقيق حقوقنا في العودة وتقرير المصير واستقلال دولة فلسطين وعاصمتها القدس” ومن اجل اعادة بناء نظامنا السياسي على أسس الديمقراطية والعدالة الاجتماعية” و"معاً من اجل انهاء الانقسام واستعادة الوحده الوطنية".

وحضر المؤتمر الذي عقد في قاعة الهلال الأحمر الفلسطيني في مدينة البيرة صف عريض من الشخصيات القيادية بينهم عدد من أعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، والأمناء العامون وقادة الفصائل، ورؤساء واعضاء البلديات والنقابات العمالية والمهنية، والأطر النسوية وفي مقدمتها الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية، والاتحادات الشعبية، وناشطون من ممثلي الحراكات الشبابية والنسائية، ورجال الدين الإسلامي والمسيحي، وأهالي الشهداء والأسرى، والأسرى المحررون، وممثلو شبكة المنظمات الأهلية ومنظمات المجتمع المدني، ووفد من جماهير الشعب الفلسطيني في الداخل برئاسة محمد بركة رئيس لجنة المتابعة العليا

وبدأت أعمال المؤتمر بالوقوف دقيقة صمت إجلالا لأرواح الشهداء، ثم وقف الحضور على عزف النشيد الوطني الفلسطيني، وبعدها افتتح عريف المؤتمر عصام بكر أعمال المؤتمر بكلمة ترحيبية أشار فيها إلى الأهمية الاستثنائية لهذا الجهد والحراك الشعبي لإنهاء الانقسام في هذا الظرف الدقيق من حياة شعبنا الفلسطيني وقضيته الوطنية، مبينا الآثار المدمرة للانقسام على كل مناحي حياة الشعب.

وانتخب المؤتمر لجنة لإدارة أعماله ضمت كلا من علي عامر، وفوز خليفة، ونهاد أبو غوش، وأمال خريشة، ومحرم البرغوثي وإيمان عبد الرحمن وطارق قعدان، والذين بدورهم انتخبوا علي عامر رئيسا للمؤتمر.

تحضيرات المؤتمر

وفي كلمته أمام المؤتمر استعرض علي عامر الجهود التي بذلتها اللجنة التحضيرية في كل من الضفة وغزة، وقال أن الانقسام وفر لبعض القوى الاقليميه فرصة للتدخل بالشأن الوطني الفلسطيني الداخلي، وتحويله الى أوراق تخدم أجنداتها الاقليميه، فيما يذهب المستفيدون من الانقسام نحو لعبة مزدوجه اذ يواصلون حوارات ثنائية عقيمه تغطي الأفعال الحقيقيه التي تكرس الانقسام لا بل يذهبون نحو مأسسته ونحو تحويله الى انفصال تام، وهذا بالضبط ما بات يشكل التهديد الاكثر خطورة على مشروعنا الوطني.

وأضاف عامر ان الانقسام بات عاملا في تشتيت دور الشتات والمهجر في دعم واسناد المشروع الوطني التحرري لشعبنا والزج بطاقاته في اطار وطني موحد ، كما أنه عامل رئيسي في كل اشكال التعدي على الحريات والتدخل في شؤون المواطنين واطرهم النقابية والجماهيرية، و تردي حالة الغالبية الساحقة من ابناء شعبنا في القدس والقطاع والضفة سواء الاقتصادية او الاجتماعية، وزيادة الفقر وتهديد السلم الاهلي واستشراء الفساد ومنع المشاركة الشعبية عبر افتقاد المؤسسات الديمقراطية. وخلص إلى أن مجابهة الانقسام والتصدي له والعمل لاستعادة الوحدة هو هم يومي ومصلحة حقيقية لكل مواطن من ابناء شعبنا .

وأوضح عامر أن لجنة المتابعة المؤقتة عقدت اكثر من 17 اجتماعا في المحافظات المختلفة، استهدفت الدعوة لاوسع مشاركة شعبية وصولا الى عقد هذا المؤتمر الشعبي لانهاء الانقسام ، كما تم استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وبخاصة انشاء صفحتين على الفيسبوك تحملان نفس الاسم واحدة رسمية ل وطنيون لانهاء الانقسام والاخرى للمجموعة الذي تجاوز عدد المنضمين لها اكثر من  2800   مشارك .

كما جرى التواصل مع الخارج عبر دائرة شؤون المغتربين وعبر جميع المداخل الممكنة مع الجاليات والمخيمات  وصولا لدور فاعل وموحد من قبل كل اطياف ومكونات الشعب الفلسطيني للضغط لانهاء الانقسام .

كما عرض محاور خطة العمل والتي تشمل توسيع حراك ( وطنيون لانهاء الانقسام ) على امتداد الجغرافيا الفلسطينة وحيث يتواجد الشعب الفلسطيني ، وتنفيذ فعاليات هدفها تحقيق اوسع التفاف شعبي جماهيري شبابي نسائي وطني حول الحراك وانجاز فعاليات جماهيرية ضاغطة على طرفي الانقسام لانهائه واستعادة الوحدة. تنظيم مسيرات جماهيرة  متزامنة ( شمال ، جنوب، وسط ، قطاع غزة ، الشتات ) تحت شعار انهاء الانقسام واستعادة الوحدة، وشملت الخطة كذلك محاور لنشاط إعلامي مستمر عبر كل وسائل الإعلام التقليدية والجديدة.

محمد بركة

وألقى محمد بركة رئيس لجنة المتابعة العليا للجماهير الفلسطينية العربية في الداخل كلمة دعا فيها إلى الاحتكام للشعب في كل قضايا الخلاف، وقال أن إنهاء الانقسام يحتاج إلى إرادة سياسية لدى أصحاب القرار، مؤكدا أن وجود خلافات واجتهادات متباينة، وتيارات سياسية وأيديولوجية هي أمور طبيعية ومفهومة، لكن ما يجب أن ندركه جميعا هو كيفية العمل تحت سقف واحد.

وأردف بركة " نحن لا نتحدث عن البدء في حوار لإنهاء الانقسام، بل عن تنفيذ ما اتفق عليه، ونقل الاتفاق من الورق إلى أرض الواقع، ودعا بركة إلى تطوير الحراك وصولا إلى فعاليات جماهيرية واسعة يقول فيها الشعب بصوت واحد وفي يوم واحد "كفى لهذا الانقسام"، وأضاف " في الداخل امتنعنا حتى الآن من أن نكون طرفا في موضوع الانقسام، ولكن الوقت قد حان لكي نأخذ دورنا إلى جانبكم وهي ليست مهمة سهلة.

وشدد على أن التناقض الرئيسي هو بيننا كفلسطينيين وبين المشروع الصهيوني، ولا يجوز لنا أن نخطىء في تشخيص هذه المعادلة، وقال لسنا بصدد فتح أكشاك جديدة، بل جهد وطني جامع يساهم في توسيع قاعدة العمل الشعبي لإنهاء الانقسام.

وألقى عصام حجاوي كلمة باسم الجالية الفلسطينية في اسكتلندا أكد فيها أن المصلحة الوطنية ليست ملكا لي تنظيم أو إطار، بل هي تتصل بالحقوق الثابتة والمشروعة لشعبنا، وفي مقدمتها تحرير الأرض، وحق العودة وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة.

وقدمت خلال المؤتمر أكثر من 20 مداخلة ركزت في مجملها على ضرورة امتلاك خطة عملية للتحرك، ومراكمة الجهود لإنهاء الانقسام، والتواصل مع تجمعات ىشعبنا في الوطن والشتات، ونقل النشاط إلى القواعد الشعبية الواسعة والتمسك بالثوابت الوطنية، وعدم التهاون أمام الممارسات الانقسامية سواء كانت في السلوك أو التصريحات والمواقف المتشنجة، كما دعا المشاركون إلى تعزيز دور النساء والشباب في الحراك. كما قدمت مقترحات مفصلة حول سبل إشراك مزيد من القطاعات الشعبية في فعاليات إنهاء الانقسام.

ووصلت للمؤتمر برقيات دعم ومؤازرة من التجمعات الفلسطينية في الشتات، من بينها رسائل من الدكتور جورج رشماوي، رئيس اتحاد الجاليات والمؤسسات الفلسطينية في أوروبا، وياسين قاعود عن الفيدرالية الفلسطينية والعربية في جمهورية بيرو، والدكتور خالد حمد منسق التحالف الأوروبي لمناصرة اسرى فلسطين، والدكتور سنان شقديح ممثلا عن تحالف منظمات مقاطعة إسرائيل في الولايات المتحدة، ورسائل من الجاليات الفلسطينية في مالمو في السويد، ومانشستر في انكلترا، وهولندا وبلجيكا وإيطاليا.

وبعد إقرار خطة العمل متضمنة الاقتراحات والتعديلات التي قدمها المشاركون، جرى انتخاب لجنة متابعة جديدة من 57 عضوا ضمت ممثلين عن مختلف المحافظات والقوى السياسية والاتحادات الشعبية والأطر النسوية والشبابية، مع التأكيد على أن هذه اللجنة مفتوحة لضم اية فعاليات وكفاءات وطنية تساهم في تعزيز هذا الحراك.

بيان ختامي

وفي نهاية أعماله أصدر المؤتمر بيانا ختاميا أن حراك وطنيون لإنهاء الانقسام يؤكد على وحدة الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات، مصممون على أن نحمي وحدتنا بحدقات العيون، ولا نسمح لشتات النكبة ولا لهذا الانقسام البغيض بتبديد هذه الوحدة أو الاستمرار في تهديدها.

وجاء في البيان أن الظروف الإقليمية والعربية المحيطة توفر المناخ والوقت المناسبين لعدونا الصهيوني للانقضاض على منجزات شعبنا، وللإجهاز على قضيتنا وحقوقنا الوطنية والإنسانية، وتبديد هوية وكيانية شعبنا ولتُستحضر من جديد الأكذوبة الصهيونية الكبرى بأن فلسطين أرض بلا شعب.

وأضاف البيان " إدراكاً منا لخطورة هذه المرحلة، ولحقيقة الأهداف والمخططات الصهيونية، ولخطورة الانقسام الكارثي الذي يصب الماء في حقل هذه المخططات التصفوية، فقد تنادى المئات في كل من قطاع غزة والضفة الفلسطينية لعقد هذا المؤتمر، متواصلين مع زملاء لنا في العديد من مواقع الشتات، لتكون بداية نضال جاد ودؤوب لإنهاء هذا الانقسام الكارثي، الذي جاوز تسع سنوات والمرشح للاستمرار والتفاقم إذا لم تتوحد جهود كل الوطنيين الفلسطينيين على اختلاف أطيافهم السياسية والفكرية وانتماءاتهم التنظيمية لإنهاء هذا الانقسام واستعادة وحدتنا الوطنية في مؤسسات وطنية وديمقراطية جامعة وتعددية، تحفظ وحدة الشعب وكيانه وممثله الشرعي الوحيد، منظمة التحرير الفلسطينية، التي ينبغي أن تُبنى مؤسساتها على أسس من الشراكة الوطنية التي تتسع للجميع، وبرنامج وطني يُجسّد القواسم المشتركة ويتمسك بالحقوق الوطنية لشعبنا.

وأكد البيان أن حراك "وطنيون لإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة" ليس حزباً جديداً ولا بديلاً لأي مؤسسة أو جهة تمثيلية للشعب الفلسطيني ولا مشروعاً لقائمة انتخابية، بل إطار وطني فلسطيني جامع يتوحد فيه كل الوطنيين الفلسطينيين على اختلاف أطيافهم وانتماءاتهم للنضال من أجل إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية، وإعادة بناء مؤسسات الشعب التمثيلية والقيادية بكل مستوياتها على أسس وطنية ديمقراطية، تستند إلى حق الجميع في المشاركة في هذه المؤسسات، وبما يضمن تكريساً حقيقياً للوحدة الوطنية المبنية على الديمقراطية والتعددية والتداول السلمي للسلطة عبر صناديق الاقتراع، وعلى هذا الطريق فإن المؤتمر يرحب ويدعم انتخابات المجالس المحلية المقررة في آب – أغسطس القادم ويراها خطوة في الاتجاه الصحيح ينبغي تعميمها.

وهو إطار يدعو كل جماهير الشعب للنضال السلمي والديمقراطي لتحقيق هذا الهدف، ننبذ وندين أي أشكال من العنف ونمارس حقنا في العمل السياسي الذي يكفله لنا القانون، وندعو الجميع لاحترام هذا الحق، وعن اشكال العمل والتحرك قال البيان " سنناضل، بالبيان، وبالنداء، وبالندوة، والمهرجان الجماهيري، بالمسيرات، بالسلاسل البشرية، بافتراش الأرض، بالاعتصام وبغير ذلك من وسائل النضال الجماهيري وفقاً للظروف والمعطيات الملموسة".

وختم البيان بدعوة الجماهير للتحرك لاستلام زمام المبادرة، وفرض إرادتها في الوحدة الوطنية على كل الأطراف، لنتمكن من حماية وتعزيز وحدتنا، خط دفاعنا الحصين وشرط الانتصار على كل سياسات ومخططات أعداء هذا الشعب.