سيادة المطران عطا الله حنا يستقبل وفدا كنسيا بلغاريا : " ان فلسطين وطن نسكن فيه ولكنه ساكن في قلوبنا وفي وجداننا "

رام الله - دنيا الوطن
 استقبل سيادة المطران عطا الله حنا رئيس اساقفة سبسطية للروم الارثوذكس صباح اليوم وفدا كنسيا من بلغاريا ضم عددا من الاساقفة والاباء والرهبان من عدد من الاديار الارثوذكسية في بلغاريا والذين وصلوا الى مدينة القدس في زيارة حج الى الاماكن المقدسة حاملين معهم رسالة التضامن والمحبة والسلام مع مسيحيي الاراضي المقدسة ومع كافة ابناء شعبنا الفلسطيني .

وقد رحب سيادته بالوفد الاتي من الكنيسة الارثوذكسية البلغارية الشقيقة وقد ابتدأت الزيارة للقدس بجولة في كنيسة القيامة حيث استمع الوفد الى شروحات وتوضيحات من سيادة المطران عن تاريخها واهميتها واهم المواقع الدينية الواقعة فيها .

كما تمت زيارة غرفة الذخائر المقدسة وسجد الجميع لخشبة الصليب المقدسة ولرفات القديسين التي ما زالت محفوظة في هذا المكان داخل كنيسة القيامة منذ قرون طويلة .

ومن ثم توجه الجميع الى الكاتدرائية حيث استمعوا الى حديث روحي من سيادة المطران تحدث خلاله عن تاريخ الكنيسة المسيحية في القدس وعن اهمية المدينة المقدسة روحيا وحضاريا وانسانيا ووطنيا .

قدم سيادته للوفد وثيقة الكايروس الفلسطينية بنسختها البلغارية حيث تمت ترجمة هذه الوثيقة الى اللغة البلغارية ، وقد تحدث سيادته عن هذه الوثيقة واهدافها ومضامينها ورسالتها .

وقال سيادته بأن المسيحيين في فلسطين وفي مدينة القدس بشكل خاص هم متشبثون بانتمائهم لهذه الارض المقدسة وهم يفتخرون بانتمائهم لفلسطين هذه البقعة المقدسة من العالم التي تجسدت فيها محبة الله للانسان وهي ارض تحتوي على كثير من المعالم الروحية والتاريخية والحضارية التي تشير الى اهميتها والى قدسيتها وبعدها الروحي والانساني والتاريخي .

قال سيادته بأن فلسطين وطن نعيش فيه ولكنه ساكن في قلوبنا وفي افئدتنا وفي عقولنا فالمسيحيون هم وطنيون يحبون بلدهم ويخدمونه ويدافعون عنه وعن قضيته العادلة وعن شعبه المظلوم .

لم يكن المسيحيون الفلسطينيون في يوم من الايام الا منحازين لقضية شعبهم ولم يكن المسيحيون الفلسطينيون الا دعاة سلام ومحبة واخوة وتضامن مع المظلومين والمتألمين والمحزونين وفي مقدمتهم شعبنا الفلسطيني المظلوم .

ان المسيحية التي نبشر بها وننتمي اليها تدعونا للوقوف الى جانب كل انسان مظلوم فحيثما هنالك الالم والحزن والظلم نحن منحازون الى جانب كل انسان متألم ومحزون ومظلوم .

المسيحية لا تدعونا ان نكون الى جانب الظالمين على حساب المظلومين ولا تعلمنا ان نكون الى جانب الجبابرة والاقوياء على حساب الضعفاء والفقراء والمحتاجين ، ومعلمنا الاول عندما كان ينتقل في فلسطين من مكان الى مكان كان يذهب الى الفقراء والى المساكين والى المرضى والى المحزونين والى كل انسان محتاج ، لم يذهب الى الزعماء تاركا البسطاء ولم يذهب الى الاغنياء تاركا الفقراء بل كان دائما منحازا الى جانب المظلومين والمتألمين في هذه الدنيا .

ونحن بدورنا كمسيحيين نعيش في هذا الزمن المظلم الذي تسوده اجواء العنف والكراهية والتطرف وانتهاكات حقوق الانسان ، يجب ان يبقى الصوت المسيحي مدافعا عن حقوق الانسان ومدافعا عن المظلومين والمتألمين ايا كان دينهم وايا كانت قوميتهم .

نتمنى منكم ومن كنيستكم الشقيقة بأن تلتفتوا الى جراح فلسطين ومعاناة ابنائها ، من تضامن مع المسيحية في فلسطين ونادى بالحفاظ على الحضور المسيحي في هذه الارض المقدسة عليه ان يرفع صوته عاليا منددا بالاحتلال ومطالبا بالعدالة والحرية لشعبنا الفلسطيني ، ذلك لان القضية الفلسطينية هي قضية عادلة بامتياز وهي مفتاح السلام في منطقتنا .

من كان مسيحيا وتمسك بقيم المسيحية ورسالة الانجيل عليه ان يكون منحازا للشعب المظلوم في فلسطين وعليه ان يكون منحازا لكل انسان مظلوم في عالمنا ، فحيثما هنالك الظلم والالم والشدة يجب ان نكون مع اخوتنا في الانسانية في آلامهم واحزانهم ومعاناتهم لكي نكفكف دموعهم وندخل الفرح الى حياتهم .

ان المسيحيين الفلسطينيين كما ان كنائس القدس كانت دوما تطالب بتحقيق العدالة في فلسطين وانهاء الاحتلال وتحقيق امنيات وتطلعات شعبنا الفلسطيني العادلة .

سنبقى مع شعبنا الفلسطيني  في آلامه واحزانه ومعاناته وفي نضاله المشروع نحو الحرية ، ومهما تآمروا علينا وعلى شعبنا وعلى قضيته العادلة سنبقى متمسكين بحضورنا ورسالتنا ومبادئنا ودورنا الانساني والروحي والوطني.

وفي الوقت الذي فيه نؤكد انحيازنا لشعبنا الفلسطيني نقول بأننا نرفض العنف والارهاب والكراهية والتطرف ، كما اننا نرفض كافة المظاهر الارهابية الدموية التي نلحظها في منطقتنا العربية وفي عالمنا .

قبل ايام ذبحوا طفلا فلسطينيا في سوريا ولعل هذا الطفل الذبيح هو نموذج لما حدث في سوريا من استهداف وتآمر وعنف وبطش وارهاب طال كافة ابناء الشعب السوري الابي والمثقف المحب لبلده .

اننا من قلب فلسطين الجريحة والقدس المتألمة نلتفت الى سوريا معربين عن تضامننا ومؤكدين رفضنا وتنديدنا لهذه المؤامرة الكونية ، وان النزيف السوري هو نزيفنا جميعا وآلام ومعاناة الشعب السوري هي معاناتنا وآلامنا جميعا .

نتمنى من كنيستكم ومن كافة الكنائس المسيحية في العالم ان تلتفت الى آلام ومعاناة شعبنا وكافة شعوب منطقتنا ، فكفانا عنفا وارهاب ودمارا وقتلا حيث اصبحت مشاهد القتل المروعة مشاهد يومية .

نتمنى ان يُسمع الصوت المسيحي العالمي دفاعا عن الوجه الحضاري والروحي والانساني في ارضنا المقدسة وفي مشرقنا العربي ، فاولئك الذين يسعون لافراغ منطقتنا من الحضور المسيحي ،انما هدفهم الاساسي هو تشويه الوجه الحقيقي لهذه المنطقة الذي جمالها وبهائها لن يكون الا من خلال هذا العيش المشترك والتآخي الديني الاسلامي المسيحي .

اننا نرفض من يستغلون الدين ويلبسون ثوب الدين ويقوموا بممارسات لا تمت للدين بصلة لا بل تسيء لرسالته ومبادئه وقيمه .

كما وضع سيادته الوفد في صورة ما يحدث في مدينة القدس وفي باقي الاراضي الفلسطينية المحتلة وقال : فلتكن كنائسنا كما كانت دوما مبشرة بقيم المحبة والسلام والاخوة ومنادية بالعدالة والحرية والكرامة للانسان الذي خلقه الله على صورته ومثاله .

ثم قدم سيادته للوفد بعض الهدايا التذكارية من وحي التراث المقدسي الفلسطيني ، أما الوفد البلغاري فقد شكروا سيادة المطران على استقباله وقدموا له كتابا قيما عن تاريخ الكنيسة البلغارية واكدوا لسيادته بأن الكنيسة البلغارية الارثوذكسية ستبقى منحازة لقضايا العدالة في عالمنا فنحن حريصون كل الحرص على التضامن مع اخوتنا في فلسطين