القتــل بإســـم الله !!

القتــل بإســـم الله !!
محمد يوسف الوحيدي  

من الطبيعي أن تقوم الشعوب المضطهدة ، بإطلاق التنظيمات ، و الحركات ، السياسية و المسلحة ،  لتدافع عنهم ، ولترد على من يهاجمهم ، و لكن غير الطبيعي أن يكون هناك هجمات على مدنيين ، غير مبررة ، و سبق أن درست نتائجها العكسية سواء على النهج او العقيدة أو الإنسان .. و ثبت دائماً أنها تأتي بكوارث و خسائر على العرب و المسلمين دائماً .. فإرتكاب الخطأ و التعلم منه ، مفهوم ، أما تكرار الخطأ و التصميم عليه ، بنفس الشكل و الغباء ، يخر صاحبه من دائرة العقلانية إلى حالة الخبل أو الجنون ، أو الإجرام .. و من غير الطبيعي أيضاً أن نجد بيننا من يقول ( الأوروبيون ، الأجانب ،هم من بدأ بالإرهاب ، هم من قتل العرب وسفك الدماء وقصف و دمر ..ويبدو للوهلة الأولى أن هذه الحجة قابلة للتفكير ، غير أن قائلها يتمتع بذاكرة السمكة ، أو ربما الذبابة التي تدوم ثلاث ثواني و ينسى أن العرب منذ حرب تحرير الكويت و صولاً إلى ليبيا و من ثم سورية ، هم من توسل ، الغرب ، الناتو ، الأمريكان ، ليضربوا بلادهم و شعوبهم .. بحجة الثورة و نصرة الديمقراطية و الحرية و غير هذا من الشعارات و التبريرات .. هل هذا يبرر جرائم الناتو و أمريكا ؟ الإجابة القاطعة : لا ، و لكنه أيضاً لا يبرر تفسيراتنا و ردات أفعالنا المخزية ، و التي تنم عن إنكشاف تام ، و إبتعاد عن ثقافتنا القومية العربية و جذورنا و تقاليدنا ، بل تدلل على جهل مطبق ، بدين الإسلام الذي أبداً لم يحض ولو بآية واحدة على المبادءة بالعنف و الحرب ، و الذي ثبت أن كل ما تم حشو رؤوسنا به من لفظ ( غزوات ) ليس له أصل أساساً .. هاتوا لي حرباً / معركة / موقعة واحدة بدأ بها رسول الله عليه الصلاة و السلم أو أي من أمراء المؤمنين ؟ بل على عكس هذا ، فقد قال تعالى في سورة آل عمران (۞ لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا ۚ وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (186) صدق الله العظيم ، هل هناك أصرح و أوضح من هذا ؟ الأذى اللفظي ،سب و طعن في نبينا و كتابنا و الكيد للمسلمين ، يأمرنا الله تعالى بأن نصبر و نتقي .. هل هناك أي كلمة أو صيغة أو تلميح للعنف أو الرد أو البدء بالهجوم عليهم رغم أذيتهم لنا بالقول و الإفتراء ؟؟ الإجابة القاطعة : لا ..  الكلام المؤذ ، الرد عليه بتجاهله و الصبر عليه و بالتقوى ، ولكن ما لا يسكت عنه ، و يجب أن يرد عليه هو التحريض على العنف ، بجهل أو بقصد .. بل إن الله يأمرنا في آية شريفة أخرى في سورة الحجر ، بالإعراض ، و أن من يؤذ الرسول ، فالله سيتولاه ، و سيكفي رسوله عليه الصلاة و السلام " اصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ ِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ " سورة الحجر–آية 94 ، أما حماقتنا و لا معقوليتنا في التصدي و التجني و التشفي ، و إلصاق موقفنا و إحساسنا الشاذ المشوه بالإسلام ، كوننا عاطفيون عاطفة غير مهذبة غير مسيطر عليها ، غير نابعة لا من ثقافة عربية أصيلة ولا من القرآن و صحيح الإسلام  فهذا هو الكارثة بعينها و هذا ما يجعل من يتبنون هكذا آراء و مواقف ، إخواناً للإرهابيين ..هل فكر أحد برفع قضية على من يتجاوز بحق الدين أو الرسول ؟ هل  تقوم جحافل المسلمين في أوروبا و كندا و أمريكا بالتلاحم و إنشاء "لوبي"  يقاضي و ينافح عن مصالح الإسلام و العروبة ، و تجعل من الإقتراب من الإسلام أو اي من رموز الدين أو العروبة جرماً كجرم معاداة السامية و تأييد النازية أو التشكيك في محرقة اليهود ؟؟ الإجابة القاطعة : لا .. سيقولون لك ( الجهـــاد في سبيل الله ) ، وهل أمرنا الله تعالى ، هل حضنا الإسلام ، هل دعانا الرسول عليه الصلاة و السلام إلى الجهــاد بغزو أو هجوم مسلح أو قتل بغير دفاع عن النفس ؟؟  كل الآيات في القرآن الكريم ، التي تدعوا إلى الجهاد ، كلها ، تتفق في أمر واحد فقط ، هو دفع العدوان ، لا أن نبدأ بالعدوان .. هو جهــاد من أجل دفع البأس أو درء الفتنه  ( بمعنى وجود طرف أو أطراف قد بدأ بالفتنة ، هو الذي بدأ ) .. هل فتح مصر و الشام و العراق درء و طرد للإحتلال أو ( هجوم ) ؟ ثم أين هي تعاليم و أوامر الله ، و رسوله في ألا تحرق شجرة و لا يقتل كهل و لا إمرأة ، و أن تحترم آدمية الناس ولا يذل أعزاء قوم على اي دين أو مله أو حتى كفاراً كانوا ، على قاعدة ( لكم دينكم و لي دين ) ؟؟ !!

الإرهابيون ، و من يتعاطف معهم ، وصل بهم العناد إلى معاداة صريح آيات الله ، بل ، و يا للأسف إعتمدوا على بعض ما ورد في الأثر و الموروث من علم الناسخ و المنسوخ ، فرفضوا آيات الله ، التي تبين ماهية الجهاد ، بل إعتمدوا على ما ورد في الأثر ، من عنعنات و أحاديث أحادية السند ، ليطعنوا في آيات الله ، يا سبحان الله ، أَوَيُعقل أن يقول رسول الله ما يجافي أو يعاكس آيات الله ، مسخ الله من قال بهذا .. و نسخه من الدنيا ، و المؤلم أن تجد من الناس ، من يتأثر بهم ، أو عَلَّه ( يشعر بشئ من العدالة في الإنتقام من الغربيين ، ثأراً لمذابح المسلمين و العرب و الفلسطينيين ) على أيديهم .. هل يعرف أنه بذلك  يضع نفسه و شعبه و قضيته و دينه  في مأزق معادلة ( أنا مع الإرهابيين قاتلاً ، أو مع غير الإرهابيين مقتولاً ) ؟؟ المسالة لا يوجد لها أي مخرج آخر .. فأنت إن تعاطفت مع الإرهاب ، فأنت معه قاتلاً ..  و إن لم تتعاطف ، فقد حكمت على نفسك بالكفر ، أو تأييد المشركين و الأعداء و مداهنتهم ، وعليه فأنت هدف للقتل و الذبح . اليست هذه معادلة غريبة عجيبة ؟؟  أما بقي فينا بقية من عقلاء ؟ هل سنفتح كتاب الله و نقرأة بتدبر أم أننا سنُطَّلق عقولنا و نستسلم لتفاسير و تأويلات ، و تصريفات مشايخ و دعاة ودراويش و بهاليل فرية القتل بإسم الله ؟