لماذا تاكل الثورة اولادها ؟

لماذا  تاكل  الثورة  اولادها ؟
عبد الاله الاتيره

    وقفت عصر اليوم تائها  وسط  جموع الاوفياء الهاميّن بمواراة  قامة فلسطينية عالية في تراب الوطن الام  فلسطين وقريته كفر قليل  ، رجل فلسطيني اثر العمل في الظل منذ ولادته حتى يوم رحيل جسده عنا اليوم ، فلقد انخرط الشهيد يوسف عزت عامر واثنان من زملاءه الآخرين في خليه كنت احد المشرفين عليها من الخارج ضمن القطاع الغربي ، اشهد انها كانت واحدة من اشرس وانقى المجموعات الفدائية الي عملت داخل الوطن ، ذاك انها جاءت في الزمن المستحيل للثورة الفلسطينية حيث الانكسارت التي كادت تعصف بنا من كل جانب ، كان عمل هذه الخلية يتلخص في تنفيذ العمليات الفدائية من جانب ومتابعة وتصفية عملاء الاحتلال من جانب اخر ونجحوا بشكل كبير ولافت في مهامهم .

هؤلاء الرجال ، جبلوا على حب الوطن والنقاء الثوري وعفة النفس ، واشهد انهم ما طالبوا  يوما  بمقابل مادي ولا منصب ولا رتبة مقابل عملهم ، نفذّوا ما طلب منهم، ولما جاء زمن غيرهم – بكل ما يحمله من سوء – اثروا الابتعاد ، فزمن الطفيليات ليس زمانهم .

اقترب احد ابناء القرية المناضلة – قرية سعد صايل العظيم - وهمس في اذني : هل تعلم ان للمرحوم يوسف ولدا انهى المرحله الجامعية بتخصص تكنولوجيا المعلومات ولما لم يجد عملا ، هو الان سائق سرفيس ، اين انتم منه ؟ 

نزلت المعلومة علي كالصاعقة ، يا الله ، رجل بهذه القامة ، يصمت كل ذلك الوقت ويتوفاه الله ولم يفعل شيء لابناءه كي يؤمن مستقبلهم ، وهو من فدى الوطن كله يوما ما يوم عز الرجال .

ما ان عدت للوعي قليلا حتى اقترب صديق اخر قائلا : الله يرحمك يا يوسف ، تركت اخاك جبر عامر ، العضو الثاني في الخلية ، سألته على الفور : شو اخباره ، تغيرت معالم وجهه وقال : هو بالزرقاء حاليا ، ممنوع عليه دخول الوطن ، يتم قطع راتبه كل فتره ووضعه المعيشي سيء جدا .

تذكرت كيف وبعدما انكشف امر المجموعة ، اخرجنا جبر بقبر حجري عبر شاحنه تنقل الحجارة الى عمان وكيف احتفلنا به لدى وصوله سالما ، واليوم الرجل وكأنه عالة علينا ، وحيدا في الزرقاء يقطع راتبه لاكثر من مرة وبلا سبب ، يمنع من العودة وغيره يسمح لهم ولم يقدموا للوطن عشر ما قدم .

لم يمهلني صديقي ان ابقى قليلا في الماضي الجميل حتى عاجلني : لو تدري ماذا حل بعضو الخلية الثالث الشهيد حسين علي حسين ( ابو علي ) استشهد له ولدان ، علي وعرفات ، ولما هدم وخرب الاحتلال منزل العائلة في البلده ،منذ 10 سنوات لم يستجب احد لطلب العائلة اعادة اعمار المنزل ، والعائلة لم تعد تكثرت من كثرة الوعودات دون تنفيذ .

يا الله ، معقول ان هذا يحدث كل هذا لرجال واحدة من انشط الخلايا العسكرية التي دوخت العدو وحسب لها الف حساب ؟

معقول ان من حمل هم الوطن باخلاص ، ان يترك وحيدا دون ادنى اهتمام  لا هو ولا عائلته ؟

لماذا تأكل الثورة اولادها ؟ من اوصلنا الى هذا الحد ، لماذا تهنا وفرطنا في كل شيء جميل واصبحت الحثالات تطفو على السطح وغاب المناضلون الاشداء الحقيقيون  ؟

هو نداء الى كل حر شريف في الثورة الفلسطينية ، لا تتركوا هؤلاء الابطال ولا اهاليهم يموتون قهرا كل يوم .

الى القيادة الفلسطينية ومن تبقى من الاحرار وحملة وصايا المناضلين من اصحاب القرار  ، ابحثوا عن هؤلاء  العناوين ، فقاتل ابيه لا يرث الا الخزي والعار .