اميركا تخصي التقرير

اميركا تخصي التقرير
عمر حلمي الغول

أخيراً وجد تقرير الرباعية الدولية طريقه للنور، ويا ليته لم يصدر، لانه لم يعد هناك ما يرتجى من هذا الاطار الفاقد للاهلية السياسية والدور المنوط به. ومنذ ترك طوني بلير، كممثل للجنة المذكورة، وحتى قبل ذلك، وهناك شبه اجماع فلسطيني على فشل اللجنة في تحمل مسؤولياتها تجاه تمثل دورها كراعية لعملية السلام.

التقرير من خلال الاطلاع على العديد من المواقع الاعلامية، التي اوردت ابرز ما جاء في تقرير الرباعية الدولية، ومما رشح من مصادر شبه عليمة، فإن الولايات المتحدة في اعقاب لقاء جون كيري، وزير خارجيتها مع رئيس الحكومة الاسرائيلية، نتنياهو في روما مطلع الاسبوع الماضي، بعد ان أجلت نشر التقرير مرات عدة للتدخل في صياغته شبه النهائية، وذلك لانتاج صياغة تتوافق مع الرؤية الاسرائيلية، لاسيما وان التقرير تم تسريبه للقيادة الاسرائيلية، وسجلت التحفظ تلو التحفظ على ما تضمنه. وتلى ذلك اجتماع كيري مع باقي ممثلي الرباعية، وتمكن من إسقاط الفصل المتعلق بتحميل إسرائيل المسؤولية الكاملة عن فشل خيار السلام وحل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967. وابقى التقرير صيغة ملتبسة، وغير محددة بشأن الدور الاسرائيلي المعطل للتسوية، وقصر الحديث عن على المنطقة (C) والحل الاقتصادي؛ فضلا عن تحميل الطرف الفلسطيني المسؤولية عن فشل التقدم في العملية السياسية وفق ما جاء في التقرير بسبب "التحريض"؟!

للاسف الشديد تؤكد الولايات المتحدة الاميركية مرة اخرى، انها ليست اهل لرعاية عملية السلام. ليس هذا فحسب، بل انها اداة تعطيل نتاج تساوقها مع الرؤية الاسرائيلية، وكأن سياستها تقوم على إنتهاج سياسة المماطلة والتسويف بهدف ارباك وشل الدور الاممي، والتغطية على انتهاكات دولة الاحتلال والعدوان الاسرائيلية في مصادرة وتهويد الاراضي وبناء المستعمرات الجديدة وليس فقط توسيع المستعمرات المقامة وتسمينها بالاف من الوحدات الاستيطانية الجديدة، والزج بالقيادة والشعب الفلسطيني في اي منبر وتصريح او تقرير دولي ك"شريك في النعطيل" لعملية السلام. مع ان القاصي والداني من داخل الادارة الاميركية وخارجها في دول الاتحاد الاوروبي والاتحاد الروسي والامم المتحدة بمنظماتها وممثليها منفردين ومجتمعين يعلم، ان الشعب الفلسطيني وقيادته الشرعية قدموا كل التسهيلات المطلوبة لنجاح التسوية السياسية، ولم يبقى عنوان من العناوين إلآ وخلقت له شروط التقدم والنجاح.

ولكن كما هي العادة الاميركية تُّصر الادارات المتعاقبة على لي عنق الحقيقة، عندما تزج بمسألة "التحريض" الفلسطيني، وكأن آذان الزعماء والمسؤولين الاميركان لا تسمع سوى الصوت الوطني الفلسطيني المدافع عن الحق في الحياة والبقاء وتحقيق الاهداف الوطنية على ارض الوطن الفلسطيني المحتل، وتعيد التأكيد على الحق في جزء يسير من أرض الوطن المغتصب لا يزيد عن ال22% من فلسطين التاريخية، ارض الاباء والاجداد، وتنازلت عن ما تضمنه قرار التقسيم الاممي 181، الذي قامت إسرائيل الاستعمارية على اساسه، ودعا لاقامة الدولة الفلسطينية على مساحة تصل لحوالي ال44%. وتجاهلت كليا التحريض العنصري الاسرائيلي السافر ضد الكل الفلسطيني في داخل الداخل وفي اراضي الدولة الفلسطينية المحتلة عام 67 وفي الشتات، وتجاهلت مذابح ومجازر وحروب واجتياحات إسرائيل، ومصادرة وتهويد الاراضي الفلسطينية في القدس وعموم الضفة الغربية، وحصارها لقطاع غزة لعشر سنوات خلت، وقتل وحرق الاطفال كمحمد ابو خضير وعائلة دوابشة وحرق وتدنيس اماكن العبادة الاسلامية والمسيحية والمزروعات والبيوت والمصالح الخاصة والعامة الفلسطينية، وغضت النظر عن القوانين والكتب والتصريحات والفتاوي الحريدية العنصرية، التي جميعها تحرض على قتل الاغيار الفلسطينيين العرب، وتتناسى اميركا منظمات الارهاب الاسرائيلية العاملة الان مثل "تدفيع الثمن" و"شباب التلال" و"لهباه" .. وغيرها

النتيجة المنطقية مما ورد في التقرير، اولا يجافي الحقيقة، ولا ينسجم مع مرجعيات السلام؛ ثانيا المساواة بين الضحية والجلاد، فيه اسقاط رغبوي وارادوي من قبل اميركا على الكل الاممي، وفيه مخالفة لابسط معايير الرعاية الاممية للتسوية؛ ثالثا التركيز على المسائل التفصيلية للهروب من الاستحقاق الاساسي بالتأكيد على ضرورة الانسحاب الاسرائيلي الكلي من اراضي الدولة الفلسطينية المحتلة عام 1967، وضمان حق العودة للاجئين الفلسطينيين على اساس القرار الدولي 194؛ رابعا يؤكد التقرير الفشل المريع لاطار اللجنة الرباعية الدولية كراعي لعملية السلام. والنتيجة الضرورية المطلوبة من القيادة الفلسطينية، إعلان وفاة الرباعية، وتحميل اميركا المسؤولية عن ذلك.

[email protected]

[email protected]