الفنانة الكوردية نسرين احمو: لا أرى لشخصيتيّ ايةُ معنى من دون الألوان

الفنانة الكوردية نسرين احمو: لا أرى لشخصيتيّ ايةُ معنى من دون الألوان
رام الله - دنيا الوطن - كاوه عيدو الختاري
الفنانة التشكيلية الكوردية نسرين احمو، من مدينة الحسكة قوة الإبداع لديها تأتى من قوة حضورها و جرأتها بأعمالها ألفنية وأعمالها تصف سمات البيئة الكردية بكل ما فيها من قيم حضارية وإنسانيه وما حققته الفنانة نسرين من إبداع ينظر إليه بعين الدهشة والإعجاب وهي الآن تعيش في المانيا و تتمتع بفاعلية الحضور الدائم في المعارض الفنية.

هي إنسانة وجدت نفسها بين ألوان الحياة حاولت عبر سنين مضت أن تجمع تلك الألوان لتشكل منها لوحة وجاءت إلى حياة مليئة بالأشياء, فمن الطبيعة أخذت الصمت والألوان. ومن الصخور تعلمت الصبر والنحت. ومن الماء تعلمت الشفافية والصدق الخ.. ما هنالك من أحداث وأحاسيس. وجدت في هذا الفن ترجمة لمشاعر المرأة الفنانة والإنسانة بجميع مجالاتها.

الألوان عند الفنانة الكوردية نسرين احمو كالكريات التي تسير في دمها حيث تدخل إلى القلب وتعود إلى ألأصابع لتحرك الريشة كما تشاء بحيث كل لون يأخذ مكانه و هي بحسب قولها " لا ترى لشخصيتها ايةُ معنى من دون الألوان "

التَّشكيليّة الكوردية  تعرض عبر لوحاتها أفكاراً وحواراً مفتوحاً يحملُ بين طيَّاته رؤية أشبه ما تكون ميثولوجية حول الوجود منذ انبعاث آدم وحواء على وجه الدُّنيا. و الحوار كان مع الفنانة الكوردية نسرين احمو

 :- من أنت وماذا ولمن ترسمين وما هي ميزتك وكيف تنظرين لشخصيتك الفنية ؟

نسرين احمو حالِمَةٌ صغيرة كالكثيرات, لربما باحثةٌ عن الحياة في رحم الأوجاع المتراكمة. الأحلامُ وحدُها تستطيع أن تخبرنا بماذا من اللاشيئ إلى كُل شيئ إلى عالم يخلو منه دنائة الأقدار وتصبح الحياة الشريك المناسب لك لا شيء سوى الألوان. قبل أن أدخل عالم الفن التشكيلي فكرتُ ملياً بهذه الجملة " لمن سأرسم" لو كُنتُ منصفة لما بحثت عن الإجابة. بدأت ارسم لنفسي بدأت ارسم شيء يليق بوجودي كأنثى ولدت في الشرق بعيدً تشاؤم اللحظات الآنية

 بدأت بعدها برسم لمن حولي وإدخال اوجاعهم في صدر لوحاتي لا أحملُ شيء مميزاً سوى محاولة الانتحار مراراً من على منصة الألوان فاجعل الألوان تتصارح فيما بينها وتبدأ المرأة الشرقية برسم ذاتها في لوحة تجريدية فانتقم من نفسي لأرسم ذاتي في تلك اللوحة, فجميع ما ارسمه هو انا في مكان آخر من هذا الزمان. لا أرى لشخصيتيّ ايةُ معنى من دون الألوان وهذا ما احاول ان أخبر الجميع به.

أين تجدين ذاتك ؟ في الشعر أم في الرسم أم ماذا ؟

في الحقيقة هُنالك الكثير من الأماكن التي أجد نفسي بها أحيانا في رحم وطنٍ ينزف وأحيانا أخرى أجدُ نفسي في جسد أنثى ومحاطٌة انا بأسلاك شائكة من العادات والتقاليد واحتاج التحرر وما زلت ....

دائما أعتبرُ الرسم هي قصيدةٌ بالألوان دون النطق بأي حرف وحالما وددت أن أكتبَ قصيدة أجد نفسي بين الألوان وأبدا بالرسم.

 هل يمكن اعتبار لوحتك قصيدة فنية ؟ وأقرب الشعراء الى قلبك ؟

 بالنسبة لي يمكنني أن اعتبرها قصيدة موزونةٌ ايضا .في الحقيقة هُنالك الكثيرين كـ فدريكو لوركا, بابلو نيرودا, شيركو بيكس, جكر خوين, محمود درويش, زرادشتي كال. وهنالك الكثير والكثير اقرأ لهم دون حفظ الاسماء

من أقرب الرسامين الى قلبك، و ما هي مشاريعك الفنية مستقبلا؟

عندما كُنت صغيرة لم أتجاوز العاشرة كانوا يسمونني "بيكاسو" من دون أن أعلم من يكون هذا الرجل وماذا يرسم وكيف يرسم لكن يمكنني القول بأن أقربهم إلى قلبي هو " ليوناردو دافينشي"

هُنالك الكثير والكثير أمامي لاقوم بإنجازه منها إقامة معارض في أوروبا وإيصال صوتي للعالم أجمع .

 كيف جئت إلى عالم الفن التشكيلي، وما الذي استهواك في هذا الفن العظيم؟

 في الحقيقة ليس من انا جاء إلى عالم الفن التشكيلي بل هو جاء الي يمكنني أن اسميه الإلهام فأنا أرسمُ منذ الصغر وأنا بدوري اود ان اكون لهذا الفن صديقة وفية. الفن التشكيلي هو حقيقتنا يمكنك أن ترى صرخةً ما دون أن تسمع اية صدى من حولك يمكنك أن تشعُرَ بصخب مأساة بُكائنا دون أن يمد لك دموعك يد العون وهكذا إلى ما لانهاية.

برأيك أيهما يعتبر ألأهم الفن ألواقعي أم الفن ألتجريدي وهل صحيح أن على الفنان أن يبدأ بالمدرسة الواقعية حتى تكون لديه مرجعية لأسس اللون وتكوين لوحته؟

 الفن التشكيلي يمتلك مدارس متعددة ومهمة جداً لكن في الحقيقة أنا أعتبرُ المدرسة الواقعية مرحلة مؤقتة ولكن لا يمكن الاستغناء عن هذه المدرسة مدى الحياة ونحتاجها, وأنا كثيراً أعملُ في المدرسة التكعيبية وفي المستقل القريب اود ان يكون ليّ مدرسة خاصة وهذا ما احاول الوصول إليه واعمل عليه جاهدةً.

 من يرسم أللوحة هي التي ترسم نفسها أم الكامن في أعماق الفنان، أم موهبته وقدرته على الرسم ألبارع؟

 الحقيقة سلسة جداً. في جميع الحالات الالهام والدافع يلعبُ دورهُ هُنا وبكل قوة بالنسبة لي فأنا الذي اقود الريشة واعتبر نفسي الحاكمة على اللوحة ويلعبَ الريشة دور الطاغية على الألوان وهذا ما يحصل مراراً وتكراراً

  هل وصلت الفنانة التشكيلية الكردية في روج ئافا إلى المكانه التي تليق بها، وما هي الحركة الفنية التشكيلية الكردية الأبرز في المرحلة الراهنة؟

 لا أعتقد ذلك أبدا والفنانة التشكيلية لم تلقي اي اهتمام مطلقا. كُل فنان تشكيلي يرى حسب منظوره ويعمل عليه كيفما كان فأنا بالنسبة لي أرى المرأة هي الأهم ويجب الالتفاف حولها وما تعانيه من اضطهاد

هل تحرصين على نهج مدرسة معينة أو أكثر أم لا تتقيدين بمدرسة معينه؟ وما الشيء الذي يحرك بداخلك حس الفنانة لتبدعي عبر الريشة والألوان؟

 المدرسة التكعيبية هي المفضلة لدي ولكن لا بأس من التنوع وعدم التقيد, أحياناً بيننا وبين الألم والوجع الكثير والكثير من النهايات مخيبة للآمال والقليل من الفرح لذالك لا أجدُ نفسي إلا بين رُكام المأساة " الألم ووجع الحياة"

 تتعاملين مع ألألوان فكيف تختارينها، وما دور الألوان في إغناء اللوحة وجماليتها؟

لكُل لوحة خاصيتها وفكرتها ولونها الخاص الذي يميزها عن سابقاتها, اختيار الألوان يأتي مع اختيار الفكرة دون عناء. و بالنسبة لي اختيار الألوان مُهم للغاية جداً, فلولا الألوان لما وجدتني أرسمُ الان وكُل لوحة تقدم أجمل ما لديها لتبدوا أجمل وانا بدوري اقوم بوضع الحلة المناسبة لها بالألوان

من أين تأخذين مواضيع أعمالك، وما دور بيئة مدينتك (الحسكة) في ذلك؟

عشتُ في وسط اجتماعي مكبوت ضمن حالة اجتماعية مزرية نسبيا وقبل أن أبدأ برسم لوحةً ما احاول افكر مليا في مدى تأثيرها علي وعلى من حولي ومدى تقبلهم للوحة التي أرسمها, يمكنني أن أبدأ بالمقولة "السياسة تفعلُ كُل شيء" وأنتهي منها ايضاً فالسياسة هي الحاكمة على مدينتي لمدة نصف قرن وواجهت الحرمان والكثير من المعوقات وأثرت علي سلباً وهذا الشيء الذي دفعني ان ارسم وأدخل هذا الفن بقوة

يعتبر الفن التشكيلي من أعظم الفنون لأنه لا يحتاج إلى ترجمة، ما رأيك؟

 الجميل في الفن التشكيلي هو أن كُل من يرى اللوحة يُعبر عنها حسب هواه ويترجمها هو كما يراه مناسب ويفسر حسب منظوره وليس بمنظوري وهذا الشيء أيضاً له تأثير إيجابي على الفنان التشكيلي .

انت كفنانة تشكيليه ماذا قدمتِ للفن التشكيلي ألكردي؟

 كُل فنان تشكيلي لديه أيقونة تميزه عن غيره من الفنانين التشكيليين الآخرين وأنا باعتقادي حاولتُ جاهداً أن أدخل إلى الفن التشكيلي الألوان والحركات التي تناسب شخصيتي وتليق بالمرأة الكردية لا اكثر

إلى جانب الفن التشكيلي تمارسين الكتابة فأيهما تجدينه ألأجمل الفن التشكيلي أم الأدب؟

احيانا وليس دائماً ولكن بالنسبة لي اعتبر الفن التشكيلي هو شيء مقدس ولكن بالنسبة للأدب فهو أيضاً لا يمكن الاستغناء عنه وهُنالك أيضاً أصحابهُ وهنالك من يواسيه.

ما هي اللوحة الفنية التي تجدين نفسك منجذبة إليها؟

 هُنالك الكثير من اللوحات التي أجد نفسي فيها ولكن لوحة "سيدة ألقرنفل"  للفنان العالمي ليورناردو دافنشي والتي بالنسبة لي تمثل السلام والشفاء. وهنالك ايضا لوحة "العارية الزرقاء" لهنري ماتيس والتي تمثل رمزاً للقوة بالنسبة لي أيضاً

 كم عدد اللوحات التي رسمتها؟

 لم يحصل لي يوم وقمتُ بإحصائها ولكن على ما أعتقد بين "100" لوحة وبين أعمال يدوية والرسم على الحيطان و اعتقد بأن هذا العدد لا بأس به لحد الان

متى ترسم نسرين؟ وهل لمشاكل الفنان وظروفه أو المواقف التي يمر بها تأثير في تكوين لوحته كما الحال مثلاً بالنسبة للشاعر؟

 ليس هُنالك وقتٌ معين أو متى أبدا برسم لوحةٍ ولا اهتم بالزمان أبدا. حتماً الظروف التي أمرُ بها تؤثر وبشكل جذري على لوحاتي. كثيراً ما أمر بمواقف مُحزنة  فأجد الألوان والريشة بيدي وأبدا بالصراخ على لوحتي وكذالك ايضا هي حالات السعادة وإبداء باستخدام الألوان الربيعية ولا سيما يعتبر كُل فنان تشكيلي بأن كُل لوحة يرسمها تصبح تلك اللوحة طفلته ويزيدُ الاعتناء بها كما هي حال الشاعر .

الكلمة الاخيرة من الفنانة نسرين لجمهورها ومحبيها..

الشكر الكبير الى اهلي الذين يدعمونني ماديا ومعنويا منذ بداية دخولي الى عالم الفن والشكر لكم على هذا الحوار الشيق.


التعليقات