الشهيدة المجد الخضور.. الصوّامة القوّامة والمُضحّية

رام الله - دنيا الوطن
"سامحوني .. دير بالك على البتول"، كلمات لم يلقي لها بالًا ولم يتوقف عندها الشاب سمير الخضور كثيراً، إلا عندما وصله ظهر الجمعة خبر استشهاد زوجته المجد من بلدة بني نعيم شرقي الخليل، ليستجمعه قواه ويستعيد ذاكرته أن مجد كانت تعلم أنها لن تعود وتوصيه بابنتهم الوحيدة "البتول".

لم يتوقع الخضور أن زوجته الشهيدة الفتاة التي لم تتم الثامنة عشرة من عمرها بعد، ستقدم على تنفيذ عملية بطولية بدهس عدد المستوطنين، وذلك رغم تعلقها في الآونة الأخيرة بالشهداء وأخبار انتفاضة القدس، وإقبالها الشديد على الصلاة وقيام الليل خلال شهر رمضان.

الصوامة القوامة
يقول سمير الخضور في حديثٍ لـ"أمامة" إن زوجته الشهيدة معروفة بحسن أخلاقها في الحي الذي تقطن فيه، ورغم أن العائلة بطبيعتها متدينة وملتزمة بالصلاة إلا أن مجد عاشت أيام رمضان هذا العام بأجواء روحانية غير مسبوقة، فكانت تقضي الليل في صلاة التراويح والقيام والدعاء.

وحرصت المجد منذ شهور على أن تترك ابنتها "البتول" 18 شهراً بجانب والدها، وأن ترافقه في كل مكان وكأنها تريد بطفلتها أن تتعلق به لا أن تتعلق بوالدتها التي سترحل عما قريب، لما كانت تخطط له منذ فترة على ما يبدو.
 
مشاعر ممتزجة
ويقول زوجها "ظهر الجمعة التاسع عشر من شهر رمضان، عُدت للمنزل وأبلغت زوجتي الشهيدة أننا سنتناول طعام الإفطار هذا اليوم مع عائلتي، فما كان منها أن قالت (إن شاء الله) وهي آخر كلمة سمعتها منها، حيث غادرت المنزل لسقاية الأشجار ولم أعلم بما جرى إلا باتصال هاتفي أن المجد استشهدت".

ويتابع "مشاعر الحزن امتزجت بالفخر والاعتزاز مرة واحدة، فاجأتني لحظة سماعي بالخبر أن المجد نفذت عملية دهس ضد جنود الاحتلال مشاعر لم تكن بالتأكيد ستكون لو أخبروني أنها قضت في حادث سير".

ويؤكد الخضور أن المجد كانت مبتدئة في تعلم السياقة، ولم تكن تغادر المنزل دون أن تخبرني، وأضاف "لا أعلم كيف تمكنت من مغادرة بني نعيم والخروج على الخط الالتفافي وتنفيذ عملية الدهس قرب المدخل الشرقي لمستوطنة كريات أربع شرق الخليل، قبل أن يقوم جنود الاحتلال بإطلاق الرصاص عليها وقتلها".

فخر واعتزاز
ورغم ما يعبر عنه الخضور من فخر واعتزاز بما أقدمت عليه المجد من عملية بطولية، إلا أن ملامح الصدمة لا تفارقه عما جرى، ويقول إنه حتى الآن لا يكاد يصدق الواقع الجديد الذي سيعيشه بعيداً عن زوجته المحبة له ولبيته، ويضيف "لا زلت أعيش تفاصيل الحياة ومجد برفقتي في المنزل أراها في أركان البيت الذي عشت فيه أجمل عامين في حب وسعادة ربما لم يعش مثلها أحد".

 

ويتابع أبو البتول "تقدمت لخطبة المجد وهي في الثالثة عشرة من عمرها، ولم يسمح لنا أن نعقد القران إلا بعد أن بلغت السادسة عشرة، وها نحن اليوم نفارقها بعد عامين وهديتها لي (البتول) التي نذرت حياتي بعد استشهادها أن أحافظ عليها وأجعلها تعتز بأمها يوم أن تكبر، ولكي تفاخر أقرانها أن أمها قدمت روحها رخيصة في سبيل الله وشهيدة من أجل الأقصى والقدس".

ورغم ألم الفراق والبعد والوجع الذي يرتسم في حياة سمير وعائلته اليوم، إلا أن شهادة زوجته المجد لم تكن إلا محطة عزة وفخر له كما يقول، حيث أكد أنه يحترم خيارها والطريق الذي قررت أن تسير فيه على درب الشهداء وكأنه يقول للاحتلال إن دماءنا وأبناءنا وأزواجنا أرخص لدينا من القدس والأقصى.

تضحية وفداء
ويُكبر الخضور في زوجته الشهيدة حجم الفداء والتضحية التي قدمتها كفتاة في مقتبل العمر، حيث قدمت القدس وفلسطين والشهادة على الزوج والابنة والعائلة والحياة السعيدة التي يشهد جميع الجيران وسكان الحي عليها.

ويأمل الخضور اليوم أن يفرج الاحتلال عن جثمان زوجته التي يسميها بـ"الشهيدة الأسيرة" لكي يسجيها في قبرها وفق تعاليم الإسلام الحنيف، ويحميها من برودة ثلاجات الاحتلال.