حكاوي اليورو (18): حسابات ربع النهائي .. ولا صوت يعلو على صوت قمة الآزوري والمانشافت

حكاوي اليورو (18): حسابات ربع النهائي .. ولا صوت يعلو على صوت قمة الآزوري والمانشافت
وليد جودة

دخلت بطولة كأس الأمم الأوروبية "يورو 2016" مراحلها الحاسمة، وبعد دور ال16 الذي حمل في طياته العديد من المفاجآت، وصل محطة اليورو إلى ربع النهائي، 8 منتخبات عينها على اللقب في 4 مواجهات مثيرة، أبرزها بدون شك تلك التي ستجمع بطلة العالم ألمانيا بخصم أثبت قوته اسمه إيطاليا، فدعونا نلقي نظرة على حسابات هذه المواجهات الأربعة:

البرتغال VS بولندا .. 55% - 45%

مواجهة مجهولة المعالم، الفريقان قدما خلال مشوارهما في البطولة حتى الآن أكثر من وجه يجلعنا أمام مهمة صعبة لتوقع مجريات اللقاء، فالبرتغال التي تأهلت من مجموعتها بأعجوبة وبدون أي إقناع، نجحت في ثمن النهائي بتقديم مباراة تكتيكية عالية المستوى أمام كرواتيا أحد أبرز منتخبات الدور الأول وخطفت انتصاراً لم يكن يتوقعه الكثير من النقاد والمحللين والمتابعين، في حين كانت بولندا أكثر من مقنعة في الدور الأول بحلولها ثانية في مجموعتها الثالثة خلف ألمانيا بفارق هدف وحيد فقط، لكنها قدمت وجهاً شاحباً في دور ال16 أمام سويسرا وكانت قريبة في العديد من لحظات اللقاء من تجرع مرارة الخسارة، أداء سلبي وبعيد عن التوهج لم يفلت منه البولنديون سوى بركلات الترجيح.

الآن، المنتخبان أمام فرصة ذهبية لاقتناص حلم التواجد في نصف النهائي، مع معرفتهم بأن الخصم القادم في نصف النهائي لن يكون أحد القوى الأوروبية الكبرى ما يجعل فرصة النهائي التاريخي سانحة، في نصف النهائي ستكون إما بلجيكا أو ويلز في الانتظار وليس إيطاليا أو ألمانيا أو فرنسا.

الجميع في انتظار معركة بين القائدين كرستيانو رونالدو من ناحية البرتغال و روبرت ليفاندوفسكي من الناحية البولندية، النجمان لم يقدما الكثير في هذه البطولة حتى اللحظة، وتعول الجماهير على لحظة انفجارهما في هذا اللقاء.

مسيرة المنتخبين حتى اللحظة تعطي مؤشرات بأن المباراة ستكون معركة تكتيكية بامتياز، وكلمة السر الأولى ستكون في منتصف الميدان، المنتخب الذي سيتحكم في منطقة المناورات ستكون له اليد الطولى في النهاية أغلب الأمر، وتبقى للمهارات الفردية المتواجدة في كلا المنتخبين كلمة قد تكون حاسمة.

 بلجيكا VS ويلز .. 65% - 35%

المنتخب البلجيكي يعد أحد أبرز المرشحين للتواجد في العاشر من يوليو للعب نهائي البطولة، بلجيكا وبعد التعثر الأول أمام إيطاليا استعادت عافيتها بشكل ممتاز، وقدم نجومها أداءً تصاعدياً توجوه بمباراة مثالية أمام المجر في ربع النهائي انتهت نتيجتها برباعية نظيفة، أما ويلز التي تعيش حلماً وردياً فقد أقنعت منذ البدايات بأن لديها ما تقدمه لكتابة اسمها بحروف من ذهب في مشاركتها الأولى تاريخياً بقيادة نجمها الأبرز غاريث بيل.

على الورق، ويلز تمتلك غاريث بيل ومن خلفه آرون رامسي كأبرز الحلول ونقاط القوة، أما بلجيكا فحدث ولا حرج عن كم المواهب والنجوم الموزعين على كل المراكز، بل أن الدكة البلجيكية قادرة على تقديم منتخب منافس في البطولة، بذلك فإن هازارد ودي بروين ولوكاكو والبقية لديهم أفضلية نسبية قبل صافرة البداية.

ويلز بمدربها كريس كولمان قدمت أداءً تكتيكياً متوازناً، يعتمد بشكل أساسي على التأمين الدفاعي بـ5 مدافعين أمامهم ليدلي لاعب الارتكاز المتفرغ للمساندة الدفاعية، في حين تعتمد في عملياتها الهجومية على تمريرات رامسي وجو آلين الدقيقة وانطلاقات النفاثة غاريث بيل، ويحلم الويلزيون بأن تنجح هذه التركيبة أمام بلجيكا التي فشلت تحديداً أمام تكتيك مشابه لإيطاليا كونتي في اللقاء الأول.

منطقياً، فإن بلجيكا أن حافظ نجومها على تركيزهم ووجدوا الانسجام والجماعية المطلوبين فأنهم سيكونون الأقرب لحجز مقعدهم في نصف النهائي، إلا لو كان لهداف البطولة ونجم الريال بيل كلاماً آخر، في الحقيقة هي معركة فردية مثيرة بين بيل وهازارد المرشحان للتواجد في الريال معاً في المستقبل القريب.

ألمانيا VS إيطاليا .. 60% - 40%

لو كتبنا مجلدات عن هذه المواجهة لن يبدو الأمر كافياً، هي المواجهة الأبرز والأقوى، هي النهائي المبكر، هي الفرصة الذهبية للألمان لإنهاء عقدة تاريخية تمثلت بعدم الفوز على إيطاليا طوال التاريخ في أي مباراة رسمية، وهي في ذات الوقت فرصة إيطاليا لترسيخ هذه العقدة وإثبات علو كعبها أمام المانشافت حتى لو لم تكن تملك جيلاً متميزاً من النجوم.

ألمانيا أظهرت حتى اللحظة أنها الأكثر امتلاكاً للحلول بين كل منتخبات اليورو، حلول جماعية وفردية عالية الجودة، ومرونة تكتيكية كبيرة يمتلكها خواكيم لوف ولاعبيه، تبدو قادرة على فك شيفرة أي حصون دفاعية للخصوم، معززة بخط دفاع هو الأقوى في البطولة بعدم استقباله أي هدف حتى اللحظة.

إيطاليا التي فرضت احترامها وخلقت لنفسها مكاناً بين المرشحين المولودين من رحم البطولة، كسبت حتى اللحظة مع مدربها أنتونيو كونتي احترام الجميع، جيل يبدو من ناحية الأسماء الأقل نجومية في تاريخ إيطاليا، لكنه بالتأكيد يمتلك من القتالية والروح والغرينتا الإيطالية ما يكفي لقهر أي خصم كما فعلت أمام إسبانيا.

هذه النوعية من المباريات تحسم بتفاصيل صغيرة، هي من نوعية اللقاءات التي يحبذها الطليان أكثر، فهم يحبون الخصم الذي يهاجمهم باستمرار ويتصدون لكل محاولاته ويوصلوه لدرجة اليأس، قبل أن يضربوه بمرتدة من هناك أو كرة ثابتة من هناك ويقضوا عليه تماماً، لكن الخصم هذه المرة لديه من الأسلحة القادرة على إفشال كل هذه التكتيكات بحلوله المتعددة.

إيطاليا ستعاني من معضلة كبيرة تتمثل بغياب محتمل لنجم ارتكازها وأحد أبرز مقاتليها دانييلي دي روسي، ويزيد الطين بلة الإيقاف المفروض على بديله الأول تياغو موتا، إلى جانب الشكوك حول إمكانية أنتونيو كاندريفا بالعودة من إصابته التي غيبته عن مواجهة إسبانيا الماضية، طريقة كونتي في حل هذه الإشكالية في قلب التشكيلة الإيطالية سيكون لها دور بارز في شكل الأزوري وقدرته على مواجهة الألمان.

ألمانيا دائماً ما تعاني ذهنياً أمام إيطاليا، تشعر بأن الماكنات التي تعمل بلا توقف أمام الجميع يصيبها العطب أمام الآزوري، هذه هي النقطة الأهم بالنسبة للمانشافت في هذه المواجهة، فإن تحلى مولر و أوزيل والبقية بالثقة بأنهم قادرون هذه المرة على كسر العقدة فسيكسرونها، أما إن تسربت إليهم ذكريات الماضي فالسقوط سيأتي لا محالة.

 

فرنسا VS آيسلندا .. 70% - 30 %

تعبنا ونحن نردد منذ بداية البطولة بأن فرنسا غير مقنعة، فرنسا عشوائية، لكنها في كل مرة تنجح في النجاة من مأزقها وتواصل مشوارها أمام جمهورها العريض الباحث عن اللقب، هذه المرة الديوك الفرنسية يجدون أنفسهم أمام خصم يمثل الحصان الأسود ربما في هذه البطولة، فآيسلندا المغمورة أرغمت الجميع على تحيتها بعد أن أزاحت الإنكليز في ثمن النهائي، وبأداء مثير للإعجاب.

لا يمكن أن يقتنع أحد بأن فرنسا ستفوت هذه الفرصة بالعبور إلى نصف النهائي ومواجهة قدرها الألماني أو الإيطالي حينها، لكن الأهم الآن هو العبور ولكل حادث حديث، لكن مواجهة منتخب ليس لديه ما يخسره دائماً ما تكون محفوفة بالمخاطر، آيسلندا تعيش حلماً كبيراً وقد حققت كل ما تتمنى في مشاركتها الأولى، وتلعب بدون أي ضغوط أو مركبات نفسية، على العكس تماماً من الوضع الذي يعيشه المنتخب الفرنسي.

المنتظر أن يكون اللقاء باتجاه واحد هو اتجاه المرمى الآيسلندي، هجوم فرنسي ودفاع آيسلندي، الواقع يقول بأن نجوم فرنسا لم ينجحوا في تقديم حلول إبداعية أمام الدفاعات القوية، وآيسلندا أثبتت خلال مشوارها أنها واحدة من أكثر المنتخبات تنظيماً، لذلك فإن الحالة الذهنية والصبر سيكونان المفتاح الأهم للفرنسيين من أجل تحقيق النجاح.

من المهم جداً للمدرب الفرنسي ديدييه ديشامب ولاعبيه ألا يكتفوا بتحقيق الانتصار بأي طريقة، بل أنهم مطالبين بتقديم وجه قوي لزرع الثقة في نفوس مشجعيهم قبل مواجهة نصف النهائي، وهو أمر يضع المزيد من الضغوط على كاهل الديوك، لكنه أمر لا مفر منه.  

التعليقات