الدرس التركي

الدرس التركي
ماهر حسين .

العالم من حولنـــا مضطرب ويوجد إرهاب مقيت يضرب في كل مكـــان بل وللأسف بات هذا الإرهاب يضرب العقول  ...في عالمنا العربي الممتد من المحيط للخليج ...سوريا مشتعلة والعراق على صفيح ساخن حيث المعركة ليست مع الإرهاب وفقط ولكن هناك معركة أخرى مع المواطنة وحق أن يكون أسمك (عمر) مثلا"، وفي نفس الوقت مصر تحاول أن تعيد بناء كل شيئ (الإقتصاد والجيش والبنية التحتية ووو)  ولكن عليها كذلك مواجهة الإرهاب والفساد ، وشرعية  اليمن تعود ببطء وبتضحيات  وبدماء زكية...بالمحصلة ستعود اليمن رغم أنف الإنقلابيين وداعيميهم ...الأردن الشقيق والسند يواجه الإرهاب بلا هوادة ومن كل الجهات ..وكالعادة مفاوضات السلام الفلسطينية الإسرائيلية متوقفة و لا يوجد أفق سياسي لحل عادل لتحقيق السلام،  وفي غزة هناك دولة (الإخوان المسلمين) حيث يعيش أبناء غزة هاشم  تحت حكم (الإخوان المسلمين ) فنرى حكام غزة يتقلبون في مواقفهم على كل الصٌعد سياسيا" ودينيا" وإجتماعيا"  .

مثلا"..تهجم على الرئيس أبو مازن وعلى حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) وعلى السلطة الوطنية  ومن ثم الدعوة لتغليب المصلحة الوطنية  ..مشعل يتحدث إيجابا" فيخرج وبسرعة الزهار ليقول عكس ذلك  ..تقديس لحسن البنا بإعتباره الإمام والقائد والقدوة  وقسم الولاء للإخوان المسلمين من قبل أبناء شعبنا هناك  ودعم لرابعة عبر القناة الفضائية المسماة للأسف (الأقصى) ودعم ودعاء وتأييد لمرسي المعزول في مصر  ومن ثم نزع كل صور البنا ومرسي من غزة بمجرد أن حماس رتبت لزيارة لمصر !!!؟؟؟طبعا" المشاكل في غزة  طالت كل جانب من جوانب الحياة من غلاء وفساد ومحسوبية ومع ذلك يخرج علينا الحاكم بأمر الله في غزة (هنية) ليقول الشعب بخير ويعيش حياة هنية بل يعتبر (هنية حمـــاس) بأن غزة تعيش أحسن من غيرها .

كذب وتضليل وإستهبال غير مسبوق !!!!!!

للأسف البعض يصدق بأن المواطن في غزة يعيش بأفضل حـــال .

في هذا العالم المضطرب وفي ظل التناقضات المذكورة (الجميع يتحدث مع الجميع ) و(الجميع يبحث عن مصلحته ) والمصلحة هنـــا كمثال قد ترتبط في طرفٍ ما بسوريا وطرف أخر مناقض له  في العراق !!!! طبعا" وفي ظل هذه التناقضات والظروف والصراعات تحـــاول اسرائيل أن تستفيد لتعزيز موقعها ودورها ولتكون جزء من المعادلة وللتوضيح يتحدث البعض عن هدنة إسرائيل مع النظام السوري متهما" النظام بالتخاذل ويتحدث البعض الأخر عن علاقات إسرائيل في المعارضة السورية !!!

كل شئ ممكن ووارد ...فالجميع يبحث عن دور ومصلحة .

بالنسبة لي اليوم وفي ظل بوادر الإتفاق التركي- الإسرائيلي وهمـــا طرفين هامين وفاعلين في المنطقة فإنني سأحاول الحديث  معكم عن تركيـــا .

تركيا الصديقة والحليفة والشقيقة ...تركيا التي يجمعنا معها تاريخ وحاضر وإن شاء الله مستقبل أفضل .

بالنسبة لي أنا معجب بالنجاح التركي طبعا" وقد تشرفت بزيارة تركيا عدة مرات وشاهدت هذا النجاح والتفوق بنفسي  ولكن هذا لا يعني بأني متفق مع المواقف التركية في العديد من الملفات ومع ذلك  تركيـــا دولة جارة وشقيقة ولنا معها علاقات تاريخية ويجب  أن تكون العلاقات التركية - العربية عموما" بأحسن حـــال وكذلك العلاقات الفلسطينية - التركية .

تركيا بالمحصلة دولة إسلامية ..وصديقة وحليفة .

في ظل كل التناقضات الحاصلة في المنطقة وفي هذه المعادلة المعقدة من حولنـــا من حق دولة كتركيـــا أن تبحث عن مصالحها وأن تعزز من دورهــــــــــــــــا ...حيث تحاول تركيا الاعب الأقليمي الهــــــــــــــــــام بأن تكون موجودة وفاعلة في كل الملفات ...فتركيا بحجمها وقوتها من حقهـــا أن تكون صاحبة دور وهي الأولى بذلك بمنطق الأخوة الإسلامية ولكن بما لا يمس مصالح  دول المنطقة والشعوب العربية .

الكل يعلم بأن

تركيا (أردوغان) لديها علاقات مميزة مع (الإخوان المسلمين ) ولكن هذا لا يعني بأن تركيا يجب ان تكون على خلاف مع الدول التي عانت من أفعال وممارسات وبل من إرهاب (الأخوان المسلمين).

في فلسطين مثلا" ...

تركيا(أردوغان) لديها علاقات مميزة مع (حماس الإخوانية) ولكنها تحتفظ كذلك بعلاقات رسمية وحسنة مع القيادة الشرعية للشعب الفلسطيني ممثلة بالرئيس محمود عباس (أبو مازن)  وهذا يُحسب للأتراك وليس عكس ذلك ولكننا نريده دورا" إيجابيا" .

ومع علاقات الأتراك المميزة في (حماس) والعلاقات الرسمية التركية- الفلسطينية يوجد علاقات مميزة جدا" بين تركيا وإسرائيل !!!

طبعا العلاقات التركية _الإسرائيلية إستراتيجية وعريقه وممتدة منذ زمن وتشمل عدة مجالات أبرزها التعاون العسكري بين الدولتين وهذه العلاقة  واحدة من عناصر القوة السياسية لدى الأتراك ولدى الإسرائيلين كذلك  فكلاهما يستفيد من هذه العلاقة المتينة  وكما يعلم الجميع فلقد مرت  هذه العلاقات  بتوتر شديد  بعد حادثة سفينة مرمرة التي كانت متجهة لنصرة غزة وللوقوف مع حمـــاس  ..حيث سقط شهداء أتراك بسبب اعتداء البحرية الإسرائيلية على السفينة  ..

ولكن من توقع الحرب بين تركيا وإسرائيل هو واهم ..أكرر من توقع الحرب بين تركيا وإسرائيل واهم ....

وكذلك من توقع استمرار القطيعة بين الأتراك والإسرائيلين هو ساذج ....وأكرر من توقع إستمرار القطيعة بين تركيا وإسرائيل هو ساذج ....

وعالم السياسة لا مكان فيه للوهم ولا مكان فيه للسذج .

بعد التوتر جاء الإنفراج القائم على أولوية مصالح البلدين وفلسطين من خلال غزة كانت حاضرة في الإتفاق التركي الإسرائيلي ... حاضرة من خلال مبادرة إنسانية هنـــا أو هناك .

ولكن وكما يبدو غاب عن المتفقين الأصدقاء والحلفاء بأن مشكلتنا في غزة ليست الكهرباء أو المياه وفقط ... مشكلتنا في غزة (الإنقلاب)  والإحتلال ومشكلتنا في فلسطين  بما فيها غزة (الإحتلال) .

نعم الكهرباء مشكلة ولكنها مشكلة فرعية ...علينا التخلص من الإنقلاب في غزة والإحتلال وعندها يمكن لنا حل كل المشاكل .

لهذا نقول للأصدقاء الأتراك ...شكرا" لاهتمامكم بملف الكهرباء والماء ..ألف شكر ولكننا نريد منكم مساعدتنا  لإنهاء (الإنقلاب) من خلال أقناع حماس بضرورة تسليم المعابر والسلطة في غزة للشرعية ونريد منكم دعمنا سياسيا" للتخلص من الإحتلال  من خلال دعمكم لمبادرة السلام العربية وللتحرك الفرنسي .

طبعا" نريد إستثمارات تركية في غزة والضفة والقدس ...نريد خبرة الأتراك وعلمهم ونريد صداقتهم ونحتاج دوما" لعلاقاتهم الحسنة مع كل الأطراف في فلسطين ونحتاج كذلك لعلاقتهم مع إسرائيل للتخفيف عن شعبنا ولتعزيز حماية القدس وللتأثير على الإحتلال ..فكل ذلك يمكن البناء عليه إيجابا" لمصلحة فلسطين  ولمصلحة شعب فلسطين الساعي للحرية والسلام والإستقلال .

علينا التعامل مع (الدرس التركي) بإيجابية وذكاء وعلى (حماس ) أن تتعلم سياسة بعيدا" عن السذاجة والوهم .