التماس لمحكمة العدل العليا: محاكمة مسؤولي أمانا ومستوطنة رحليم

الداخل - دنيا الوطن
يطالب الالتماس بمحاكمة المسؤولين بعد خرقهم أمر المحكمة العليا الذي يحظر إسكان المباني في رحليم ومواصلة البناء غير القانوني

التمس رئيس مجلس قرية الساوية الفلسطينية لمحكمة العدل العليا صباح اليوم (الاثنين 27/6)، بواسطة منظمة "ييش دين"، طلبًا بأن تصدر المحكمة أمرًا للنائب العام، شاي نيتسان، بمحاكمة الأمين العام لمنظمة "أمانا"، زئيف حيفر (وكنيته زامبيش) والمسؤولين السابقين للبؤرة الاستيطانية "رحليم"، بتهم ارتكاب مخالفات تتعلق بتشويش إجراءات التحقيق، الإدلاء بشهادة زور، خرق أمر قضائي والبناء غير القانوني.

وكان رئيس مجلس الساوية قد التمس في آذار (مارس) 2009 لمحكمة العدل العليا طلبًا لتطبيق أوامر الهدم الصادرة بحق تسعة مبانٍ غير قانونية بُنيت على أراض عامة في منطقة رحليم (حين كانت لا تزال بؤرة استيطانية غير شرعية)، ولإصدار أمر يحظر إسكان المباني. وأعلنت الدولة في ردّها حينذاك على الالتماس، أن البناء هو بالفعل غير قانوني، وأنه صدر أمر يعلن أن المنطقة التي بُنيت عليها المباني هي منطقة مغلقة يحظر دخول الإسرائيليين إليها. بعد فترة وجيزة من تقديم الالتماس، أصدر القاضي حنان ملتسر أمرًا مؤقّتًا، ينص على "الامتناع عن مواصلة البناء في الأرض التي تشكل موضوع الالتماس، أو عقد أية صفقة تتعلق بالمباني الملتمَس بشأنها أو الاستمرار في إسكانها".

ولكن في خرق واضح لقرار المحكمة، تواصلَ البناء في المكان، مما دفع الملتمِسين للتوجّه إلى الشرطة التي شرعت بالتحقيق في القضية. وبالرغم من الأدلة الكثيرة التي تشير إلى خرق الأمر المؤقت الصادر عن المحكمة، بما فيها اعترافات العائلات التي تعيش في المستوطنة بانتقالها للسكن في البيوت الجديدة بعد صدور الأمر، والمعلومات التي نقلها مستوطنو رحليم أنفسهم بشأن الدور الكبير الذي تلعبه منظّمة "أمانا" في إسكان البيوت، قرّرت الشرطة إغلاق الملف في عام 2013.

الشخص الوحيد الذي تقرر تقديم لائحة اتهام ضده كان سكرتير البؤرة الاستيطانية حينها، نوعام شمبا، وذلك لإدلائه أمام المحكمة بشهادة زور ادعى فيها أنه تمّ إسكان بعض البيوت قبل إصدار محكمة العدل العليا الأمر المؤقت، الأمر الذي تعارض حتى مع إفادة العائلات نفسها التي سكنت تلك البيوت. غير أن النيابة العامة تراجعت لاحقا عن لائحة الاتهام.

مؤخّرًا رفضت النيابة العامة الاستئناف المقدَّم بواسطة منظمة "ييش دين"، على قرار الشرطة إغلاق ملف التحقيق. على أثر ذلك تمّ تقديم الالتماس لمحكمة العدل العليا. وحاجج الملتمِسون بأن الأدلّة التي جمعتها الشرطة تُظهر بشكل لا يقبل التأويل أن المتورّطين في القضية قد عملوا بهدف إفراغ أمر المحكمة من مضمونه، وكذبوا بهذا الشأن على المحكمة. كما جاء، أن الشرطة لم تجمع المستندات من مكتب شركة "أمانا" مع أن هذه المستندات كانت من الممكن أن تستخدَم ضد المشتبه بهم الجاري التحقيق معهم. وقد تبنّت النيابة العامة في كتاب رفضها الاستئناف تفسيرا استثنائيا إذ لم تعزُ أي معنى لحقيقة كون أحد الذين جرى التحقيق معهم قد التزم السكوت أثناء التحقيق، بادعاء أنه فعل ذلك لأسباب "مبدئية". ويأتي هذا خلافا للتفسير المتعارف عليه في القانون والذي يشير إلى أن السكوت في التحقيق إنما يشكّل دليلاً ضد المحقَّق معهم.

وقد أُرفق طي الالتماس رسالة وجّهتها سكرتارية مستوطنة "رحليم" إلى إحدى العائلات التي كانت تنوي الانتقال للسكن في البيوت الملتمَس بشأنها، وذلك في تشرين ثان (نوفمبر) 2009، أي بعد مرور نصف سنة على صدور أمر المحكمة. وجاء في الرسالة أن "إسكان البيوت ضروري لعدة أسباب سآتي على تفصيل اثنين منها: أولا، في لحظة انتقالكم لهذه البيوت سيكون بمقدورنا استيعاب عائلات جديدة في المستوطنة. كما أنه من المفترض إسكان هذه البيوت أما إذا أجريت رقابة أشارت لغير ذلك فسيكون بالإمكان تغيير وضعيتها".

كما جاء في الرسالة، أن مسؤولي سكرتارية رحليم قد تشاوروا مع الأمين العام لشركة أمانا وفهموا منه أنه "ليس هناك سيف إخلاء مسلّطٌ على البيوت". هذا، في حين كانت محكمة العدل العليا لا تزال تناقش مستقبل هذه البيوت بعد أن حظرت إسكانها. كما جاء في الرسالة المذكورة أنه "من المخطط إسكان بقية البيوت مباشرةً بعد انتهاء أعمال البناء. صحيح أنه بالنسبة لهذه البيوت هناك جلسات محكمة بالموضوع، ومن  غير الواضح ماذا سيكون مصيرها، ولكن على كل حال وحسبما بلغنا، فإن زمبيش يعتزم إسكان البيوت بشكل فوري".

قرار النيابة العام عدم تقديم لوائح اتهام ضد المتورّطين في هذه القضية، هو استمرار لسياسة منح الحصانة الجارفة للمدنيين الإسرائيليين المتورّطين في البناء غير القانوني في الضفة الغربية. ولكن هذه الحالة تعتبر غير معقولة بشكل مبالغ فيه وذلك على ضوء الأدلة التي جمعتها الشرطة. وجاء في الالتماس: "يبدو أن هذه الحالة تُظهر مدى المبالغة في الحصانة التي تمنحها سلطات تطبيق القانون لمخترقي القانون. تفسيرات النيابة العامة المتساهلة، والتي لا مثيل لها في تاريخ القانون الجنائي في إسرائيل، تجاهُل الأدلة المتوفّرة، غضّ الطرف بقوة إزاء تجسد الركيزة الواقعية والنفسية التي تثبت وقوع المخالفات الجنائية، القرارات عديمة الأساس في الرد على الاستئناف الذي قدّمه الملتمِسون – كل هذه تجاوزت حد المعقولية مما يستوجب تدخل المحكمة الموقَّرة".

بالإمكان قراءة المزيد عن الالتماس بخصوص إخلاء المباني في موقع ييش دين

التعليقات