خط أنقرة اسدود غزة

خط أنقرة اسدود غزة
كتب نبيل عمرو 

أخيراً تمت المصالحة التركية الاسرائيلية، ودخل أردوغان ونتنياهو في مباراة دعائية ـ يروج فيها كل واحد منهم للمزايا الهائلة التي جناها، وسوف يجنيها مستقبلا من عودة العلاقات الاستراتيجية بين تركيا واسرائيل .

الخبراء وحدهم من يستطيع فرز المزايا بدقة، ولكن وصف العلاقة بالاستراتيجية يغني عن التفاصيل، لأنها تشمل شبكةً من العلاقات الاساسية والثانوية المدنية والعسكرية وبينهما الاقتصادية ، وهذا يعني ببساطة ان الجانبين استفادا وسوف يستفيدان كثيراً من عودة العلاقات .

غير أن للفلسطينيين قواعد تقويم مختلفة، فهم ينظرون الى اي امر من زاوية واحدة... ما اذا كان مفيداً لهم أم ضارا بهم، وحين تكون تركيا واسرائيل هما شقي معادلة ، فإن الاهتمام الفلسطيني يكون اساسيا وملحاً.

بصورة اولية فإن الخاسر الواضح في المعادلة التركية الاسرائيلية الجديدة هو الرهان الفلسطيني على تركيا، في رام الله راهنوا على دعم تركي له وزن مؤثر في المجال الدولي، حيث نقل الفلسطينيون قضيتهم اليه وراهنوا كذلك على دور تركي فعال في امر المصالحة واحتمالات الحل الاقليمي للقضية الفلسطينية، فكانت تركيا هي أكثر البلدان التي زارها الرئيس محمود عباس واجرى محادثات مع قادتها.

اما في غزة وعلى صعيد حماس بالذات، فلم يخفي القادة هناك رهانهم على دولة الخلافة الاخوانية والاطلسية في ذات الوقت ، لرفع الحصار وفتح ابواب مغلقة مع العالم من اقصاه الى اقصاه ، ذلك من خلال حسبة بسيطة قوامها ان الدولة الاقليمية العظمى يمكن ان تخلق معادلة  جديدة تستفيد منها حماس استراتيجيا بأكثر من مواد الاغاثة الانسانية، وابعد من تنديد كلامي بالعدوان الاسرائيلي حال وقوعه ،وأكثر من تحفيف الحصار كما أعلن .

 قد تضطر حماس لاظهار مزايا مضخمة للصفقة التركية الاسرائيلية من قبيل حفظ ماء وجه الرهان ، الا ان من سنعتمده حكما في الامر هو اهل غزة وكيف يقيمون ما حدث بعد وصول الباخرة حاملة الاربعة عشر الف طن من المواد .

لم تعجبني التغطية الساذجة للصفقة ، والاستخدام المبالغ فيه لمزايا الباخرة ، ولم تعجبني تطمينات اردوغان حول استمرار الموقف التركي من المسجد الاقصى ، حيث وعد بمواصلة التنديد بالانتهاكات الاسرائيلية المستمرة لحرمته ، ولم يعجبني انجاز ربط غزة بميناء اسدود الذي سيكون شبيها بكرم ابو سالم وايريز، واهل غزة يعرفون الفرق بين رفع الحصار الذي يتطلعون اليه وتخفيفه على الطريقة القديمة .

لقد كسب اردوغان وكسب نتنياهو واكتشفنا بعد اتمام الصفقة ان الحديث عن رفع الحصار كان مجرد تحسين للشروط وهذا هو حال القضية الفلسطينية مع تركيا وغيرها .