النائب المحارمة: مدينة سحّاب أردنية وأهلها مصريون من أصل حجازي إستقروا بداية في فلسطين

النائب المحارمة: مدينة سحّاب أردنية  وأهلها مصريون من أصل حجازي إستقروا بداية في فلسطين
رام الله - دنيا الوطن -  أسعد العزوني

قال النائب  الأردني عن مدينة سحّاب  "جنوب شرق " السيد عبد الهادي المحارمة ، أن  أهل  سحّاب  هم  مصريون من أصل حجازي إستقروا في فلسطين أولا ، وكانوا يقومون بحراسة قوافل الحج ، مضيفا أن مساحة المدينة  كيلو متر مربع واحد وتضم 106 مساجد ، ويطلق عليها مدينة المساجد.

وأوضح في حوار معه في منزلة بالمدينة  يوم الأربعاء الماضي ، أن والده الذي بدأ حياته مجاهدا في فلسطين قبيل قيام الكيان الصهيوني ، وإلتحق بحركة فتح الفدائية الفلسطينية  ووصل إلى مرتبة رائد ، وأنه كان  مع كل من أبوعمار وأبوجهاد الوزير وأبو جهاد محمد وهم قادة فتح آنذاك ، يتعشون قلاية بندورة "طماطم " ليلة  حدوث معركة الكرامة ربيع العام 1968 ، منوها إلى أن أبو عمار جاء إلى بيتهم في سحّاب وخطب أخته لأحد ضباطه.

وإلى نص الحوار :

حدثنا عن مدينة سحّاب عبر التاريخ ولماذا سميت بهذا الإسم؟

سميت  سحّاب بهذا الإسم لأنه كان فيها سيل قوي يسحب كل من يعبره ، وسميت بالساحب وتحولت لاحقا إلى سحّاب ، وفيها  آثار رومانية  وإستكشافات وأساسات أثرية قديمة ، وسكنها الأجداد وهم  مصريون من أصول حجازية ، كانوا يقومون بحراسة موكب الحج ، وأدلاء للحجاج من مصر للديار المقدسة ، وإستقروا في مصر ثم خرجوا مع حملة إبراهيم باشا السفاح ، ثم إنتقلوا إلى فلسطين ، وهاجر قسم منهم إلى شرق الأردن وإستقروا في سحّاب عام 1882.

لماذا توصم سحّاب بمدينة الجريمة؟

سحّاب ليست كذلك أبدا ،  وقد ظلمت بهذا الإسم ، وكانت في البدايات مدينة تنموية منتجة و تصدر الحبوب  بأنواعها لكافة انحار الأردن وجزء من فلسطين ، وكانت مستودعا للأمن الغذائي في المنطقة ، وكان أهلها يعملون بالزراعة ، حتى أن بعض العائلات الفلسطينية كانوا يأتون إلينا ومعه دوابهم وماشيتهم في موسم الحصاد للمنطقة.

توسعت المدينة لاحقا وأصبحت  تجاور ثلاث دول عربية هي السعودية والعراق وسوريا ، وجاءتها المدينة الصناعية عام 1980 ، ورافق ذلك  شهدنا قدوم أعداد هائلة  من  الناس وسكنوا المدينة وإرتفع عدد سكانها من 20 ألف إلى 80 ألف خلال فترى بسيطة .

ونظرا لقربها من الجمرك ووجود المدينة الصناعية ، أصبحت ممرا للشاحنات القادمة والمغادرة ، لذلك فإن  أي  عملية ضبط  لأي شاحنة على حدود سحاب ، يتم إثباتها على انها في المدينة.

ولوجود سوق الحلال في الجانب الشرقي منها ، فإن أهل عمان إنجذبوا إليها  وكانوا يأتون بصحبة أطفالهم  ليشاهدوا عمليات الذبح والسلخ دون مراعاة لنفسيات الأطفال ، ولهذا إرتبط إسم سحاب بالذبح والقتل ، كما ان وجود المقبرة على حدودها ، جعلت  مفارقة الحباء في سحاب ، وأصبحت  محلا للكره ، وبحسب آخر الإحصائيات فإن عدد العمال في المدينة  يصل إلى 60 ألف عامل آسيوي ، ويدخلها يوميا 30 ألف سيارة ، وهذا ما  جعل البعض  يقول انها مدينة غير آمنة ، وهذا صحيح من وجهة نظر الإعلام ومن قبل الذين كانت لهم تجربة سيئة مع الشركات والأشخاص الذين سكنوا سحاب .

ولكن الإحصائيات تقول ايضا أن  السنوات العشر الأخيرة   لم تشهد حالات إغتصاب أو قتل أو زنى محارم أو ضبط مخدرات وأسلحة وأجهزة ، كما هو شائع  ، وقد حدثت فيها فقط 3 قضايا قتل  و20 حالة مخدرات  من أصل 30 ألف قضية ، كما حالات الدعارة والإغتصاب والنصب والإحتيال تساوي 1% من نسبة الجرائم في الأردن.

ما هي حكاية إرتباط المدينة بالتهريب؟

جاء ذلك بسبب  مجاورة  المدينة  للسعودية والعراق وسوريا ، وكما هو معروف فإن الحدود كانت في السابق غير مضبوطة كما هي اليوم ، وكنا نتبادل السلع  مثل الدخان ومعجون  الأسنان والسمنة  والأجهزة الكهربائية  مع السعودية والعراق بطرق غير رسمية ، نظرا لشحها في الأردن كما كنا نهرب السكر من الأردن إلى العراق من باب الإرتزاق للناس.

كانت تجارة السلاح رائجة بداية الإنتداب البريطاني لفلسطين ، وقد تحدى أهل سحاب الصعاب والقوانين البريطانية ، وأوصلوا السلاح  لفلسطين بكل الطرق  ، علما أن دمشق  ردت  القائد الفلسطيني عبد القادر الحسيني خائبا  ، وقد خاض في القسطل معركة غير متكافئة وإستشهد في القسطل .

كان والدي  آنذاك مرافقا  للشهيد عبد القادر الحسيني ومن كبار مزودي الثوار الفلسطينيين بالسلاح ، وخاض معارك عديدة وإستشهد معه 6 رجال من سحاب في منطقة اللطرون ، ولا نزال نرتبط بعلاقات وثيقة مع فلسطين.

إستمر والدي في مسيرته الثورية ودعمه لفلسطين ، وإنضم لحركة فتح الفدائية الفلسطينية بعد إنطلاقتها عام 1965 ووصل إلى رتبة رائد ، وصادف أن كان يتعشى قلاية بندورة مع  كل من أبو عمار  وأبو جهاد الزير وأبو جهاد محمد  ليلة حدوث معركة الكرامة  ربيع العام 1968وهم من كبار قادة فتح آنذاك ،  وذات يوم جاء أبو عمار إلى بيتنا طالبا يد أخت لي لأحد ضباطه ووافق والدي.

وفي العام 1970 قامت قوات الصاعقة السورية   بأسره وإحتجازه لمدة عشرة أيام  ، تمكن  بعدها رجال الكفاح الفلسطيني المسلح بتطويق صالون حلاقة  كانت  تتواجد فيه أميرة هاشمية ، ولم تكن هي المقصودة ، بل كانوا يهدفون إلى فك أسري ومهاجة جماعة الصاعقة السورية.

كان لنا دور كبير جدا في إنعاش حياة اللاجئين الفلسطينيين في مخيمي البقعة والوحدات ، وأذكر إبان كان عمري 7 سنوات أننا  كنا نقوم  بتزويد  المخيمات بالدخان ليبيعوه  ويعيشون من تلك التجارة.

لماذا يطلق على سحّاب  مدينة المساجد؟

هذا دليل على ورع وتقوى أهلها  ، فرغم  أن مساحتها  تبلغ كيلو  متر مربع واحد ، فإنها تضم 106 مساجد ، وفيها  ثالث أكبر مسجد في الأردن  من حيث السعة والجمالية  ، وكان  كثير من المتبرعين بالأرض لهذه المساجد ومن يقومون على إنشائها من أهل المدينة.

ما تفسيرك  لإنشاء مكتب  يختص بجرائم  الإتجار بالبشر في المدينة؟

لدينا 25 ألف عامل وعاملة آسيويين ، ومشاكلهم كبيرة  مع أرباب العمل وأصحاب البيوت التي ينامون فيها  ، وهناك حالات دعارة فيما بينهم ، وجاء إنشاء هذا المكتب  حفاظا على حقوقهم أمام المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان .

جرى مؤخرا تكريم عامل وطن "زبال " في إحدى المدارس بسحاب لماذا؟

هذا العامل تعرض لظلم وقع عليه  ، وقد جاء هذا التكريم  ردا  لإعتبارة ونصرة له ولمن يسكن المدينة من غير أهلها ، وهذا أمر نشكر عليه كل من قام بهذه المبادرة .

ماهي معالم مدينة سحّاب الرئيسية؟

 

هناك الكثير من المعالم الرئيسية في سحاب  أهمها مسجد سحاب الكبير والمدينة الصناعية ونصب الشهداء  ، ولدينا  أكبر مبخرة في العالم موجودة على المدخل الرئيسي للمدينة ، وسيكون لدينا  أكبر لوحة فسيفسائية  تحمل لفظ التوحيد على مستوى لعالم ، من تصميم وتنفيذ شاب من سحاب بالقرب من المسجد الكبير.

عام 1956 قام مستشرقون  أمريكان بتصوير فيلم عن سحاب ، وإكتشفه أحد أبناء المدينة الدارسين في أمريكا  ، وترجمه للعربية.

هل من أحداث فاصلة في تاريخ سحاب؟

عام 1922 هاجمتها طائرات حربية بريطانية  ، بعد ان تم أسر 6 جنود بريطانيين ، ودارت معركة  وطنية كبيرة مع البريطانيين  ، وبالتالي إضطر القائد البريطاني لإدخال مشايخ عشائر الخريشة والحديد للتوسط من أجل إطلاق الأسرى البريطانيين.

ولكن البعض قام بتجيير هذه المعركة في غير مسارها الصحيح وقيل  أن أهالي سحاب سرقوا سكة الحديد ، فحدثت المعركة ، والحقيقة كما قلت ان الحامية البريطانية هي التي واجهت أهل سحاب.

لا أحد ينكر أن سحّاب كانت خط الدفاع الأول عن الأردن عندما هاجمتها  مجموعات مسلحة قدمت من الجزيرة العربية  لإجتياح الأردن ، لكنهم  توقفوا عند سحاب  وفشلوا في دهم عمان.

ومن أهم معالم سحاب أيضا أنها مدينة الوحدة الوطنية الحقيقية ، فهناك حارة  المحاسرة  والديربانية والسبعاوية والطهرواية والغزازوة ، وهذه عائلات أردية وفلسطينية تتعايش مع بعضها بأحسن صورة.

التعليقات