تنظيم الإختلاف أفضل من فوضى عدم الإتفاق

تنظيم الإختلاف أفضل من فوضى عدم الإتفاق
بقلم / المهندس نهاد الخطيب  

               لم أكن أتابع مجريات مفاوضات المصالحة الفلسطينية بإهتمام، ببساطة لأنها مملة ، وببدو أن المتحاورين قد أدمنوا عليها ، فهي تعني أضواء واهتمام وملوك وقصور وولائم وربما أشياء أخرى، ولكنني بعد محاولة الدوحة الإخيرة وصلت الى اقتناع كامل ،بان المصالحة باتت متعذرة ، فلا السياق الإقليمي الحقيقي يُريدها ، ولا الأطراف جاهزة لها على أرضية وطنية ، ولا الشعب يمتلك الوعي الكافي ليفهم كارثية عدم تحققها بالتالي يعمل على فرضها  ، وفوق هذا كله الموقف الأمريكي من المصالحة معروف.

               الطرفان المخاصمان يخوضان مبارة صفرية بمعنى كل شيء أو لاشيء ، والمشكلة ليست هنا ، المشكلة هي أنهم ، أي الممثلون على مسرح عملية المصالحة ، قد فقدوا احساسهم بمعاناة شعبهم وحتى القواعد العريضة من قواعدهم الحزبية ، البسطاء والسذج ، الذين يصدّقون ادعاءات السياسيين وخصوصاً ،أولئك الذين يعتلون منابر المساجد ، فهل يكذب هذا الذي يكاد يبكي وهو يتحدث عن الإسلام وعن الله ورسوله أعظم الحقائق الكونية في فضاءات الوعى والكينونة عندنا، الأمر صعب  أليس كذلك ؟؟؟ .

                المهم الأن وحيث أنه لم يعد هناك مجال للكذب من قِبل هؤلاء ، وربما لمزيد من الإنخداع من قبل متوسطي الثقافة والناس العاديون من الشعب الفلسطيني ، أصبح من الضروري البحث من قِبل النخب المثقفة ، وجهات فصائلية ، الأكثر حيادا،ً عن طرق ومسارات ووسائل تخفيف المعاناة عن كاهل الجماهير ، حيث كان ذلك ممكناً ،في المعابر ،في التعليم ، في الشئوون المدنية ، في السفر ، في تحويلات الطبابة ،في إدخال مواد اسميها " سبل إعادة الحياة وعلى رأسها كيس الإسمنت العتيد" .

              يتعامل البعض مع الشعب الفلسطيني على أنه رهينة لديه ، فمثلاً حماس عند رفضها تسليم المعبر للسلطة في رام الله بما يعنى ذلك من من استمرار إقفاله انسجاماً مع الموقف المصري المعروف ، وفي نفس الوقت التركيز على المشاهد الإنسانية الصعبة الناتجة عن إغلاق المعبر وهي صحيحة وليست تمثيلية ، في محاولة منها لممارسة ضغط إعلامي على مصر وعلى السلطة في رام الله ، هي بذلك وكأنها تريد من النظام المصري أن يكون رفيقاً بنا وعطوفاً علينا أكثر من حماس نفسها التي هي ،في الأساس جزءً منا ،فهل هذا معقول ؟؟؟؟؟ ، ربما لا يدركون أنه في عالم السياسة المعاصر يتم  وضع القيم الأخلاقية في خانة الصفر لحساب اعتبارات المنفعة وهذا بالطبع موجود ومُمارس رغم عدم أخلاقيته.

              المطلوب فوراً وبدون تأخير التداعي من قبل القوى الحية القليلة في مجتمعنا لوضع تصور عملي قابل للتطبيق ل" برنامج كرامة الشعب الفلسطيني" يشمل اجراءات تخيف المعاناة عن الشعب ما أمكن ، في ظل حالة الإنقسام الخائبة التي سندفع وأولادنا ثمناً غالياً لها ، مع اعلان ذلك البرنامج على الناس   فهل ذلك ممكناً ؟؟؟؟   يرحمكم الله.