إستباحة دم الطفولة

إستباحة دم الطفولة
عمر حلمي الغول

ليست السابقة الاولى لجيش الموت الاسرائيلي في قتل الاطفال الفلسطينيين. ولعل ما شهدته الهبة الشعبية منذ مطلع إكتوبر 2015 يدلل إلى اي درك من الانحطاط القيمي والاخلاقي والقانوني والسياسي وصلت له دولة التطهير العرقي الاسرائيلية عموما وحكومة الائتلاف اليميني المتطرف بزعامة نتنياهو خصوصا. التي اباحت كل المحرمات لاستباحة الدم الفلسطيني عموما ودم الاطفال تحديدا.

وما عملية القتل العمد عن سابق تصميم وإصرار للطفل محمود رأفت بدران ، إبن الخمسة عشر عاما على الشارع  443 من قبل ضابط قاتل من لواء كفير إلآ تكريسا للسياسة الاجرامية، التي تبنتها حكومات إسرائيل المتعاقبة وخصوصا حكومات نتنياهو الاربعة. وما إعلان الناطق الرسمي باسم جيش القتلة، ان الضابط المجرم "إعتقد بالخطأ ان ركاب السيارة، هم الذين رشقوا قبل ذلك الحجارة وزجاجات حارقة على سيارات إسرائيلية."  إلآ شكلا من اشكال الالتفاف على الجريمة الجبانة، ومحاولة من قبل وزير الدفاع الجديد ومن معه، للاحياء لدول العالم والرأي العالم الدولي بان مؤسسة جيشهم، مؤسسة "اخلاقية!"، وتملك القدرة على "الاعتراف" بجرائمها. لوكانت الجريمة هي الاولى من نوعها، ولو ان حكومة نتنياهو لم تصدر سلسلة من القرارات تمنح جيشها وقطعان مستوطنيها بإطلاق النار لمجرد ان يستشعر اي منهم الخطر او الافتراض ان في نية هذا الفلسطيني او ذاك بالقيام بعمل ضده او لو ان حاخامات إسرائيل الشرقيين والغربيين لم يفتوا بتسميم مياه شرب الفلسطينيين وقتلهم وتهجيرهم للسعودية، ولو ان حكومة الائتلاف الفاشي لم تغطي جرائم "حارق عائلة دوابشة" وقتلة الشهيد الفتى محمد ابو خضير (رغم العقوبة الشكلية المعلنة على الفاعل الرئيسي) ولو لم تقتل وتحرق وتدمر البيوت على رؤوس اطفال الشعب الفلسطيني في حروبها واجتياحاتها المتكررة على قطاع غزة وجنين وكل بقعة من الارض الفلسطينية، لو لم تكن كل تلك الجرائم والمجازر الدموية ضد ابناء الشعب الفلسطيني موجودة، وباتت نهج وسلوك يومي لقادة وضباط وجنود جيش الموت الاسرائيلي، لامكن للمرء ان يقول، ما قاله ادرعي فيه شيء من الحقيقة، ولكن شتان ما بين الحقيقة الناصعة والجرائم، التي ترتكب على مدار الساعة.

وكما قال والد الشهيد محمود في أعقاب تشييعه في بلدته بيت عور التحتا اول امس:" انني مستعد للمسامحة بدم إبني لو كان، هو آخر ضحية من ابناء شعبي." ولكن القاصي والداني من ابناء فلسطين وليس والد الطفل محمود يعلمون علم اليقين، ان دولة تمارس الاحتلال البشع، وترفض خيار السلام، وتصعد بقوة على درجات سلم العنصرية والفاشية، لا يمكن ان تكون عمليات قتلها للفلسطينيين نتاج خطأ هنا او خطأ هناك، بل هي فعل مخطط ومدروس وفق ما سنتة الحكومة الاخطر في تاريخ إسرائيل وشرعته الكنيست العنصرية.

على العالم اجمع، وقبل ان يفقد السيطرة على الجنوح الخطير في مسار دولة التطهير العرقي الاسرائيلية نحو الفاشية والعنصرية، التحرك السريع لحماية ما يمكن حمايته من خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967، وضمان حق العودة للاجئين الفلسطينيين على اساس القرار الدولي 194، وإسقاط خيار الحرب والعنف والارهاب بالوانه واشكاله الاسرائيلية المختلفة. الزمن يمضي سريعا جدا، وقبل فوات الاوان هناك مصلحة عربية ودولية لنزع الاحتلال الاسرائيلي من جذوره، وفتح الافق امام الفلسطينيين وعلى وجه الخصوص اطفالهم، ليعيشوا بأمن وسلام وفي بيئة طبيعية سليمة، وحماية نموهم الطبيعي. كما جاء في اعلان حقوق الطفل.

[email protected]

[email protected]