الامن الإقليمي: انهياره وبقاءه مرهون بالنظام التعليمي ومستقبل الشباب الخرجين في الوطن العربي

الامن الإقليمي: انهياره وبقاءه مرهون بالنظام التعليمي ومستقبل الشباب الخرجين في الوطن العربي
د ياسر عبدالله

يعتبر النظام التعليم في أي من الدول الركيزة الأساسية في بناء حضارتها ونهوضها وتطور مناحي الحياة الاقتصادية والثقافية، والاجتماعية، والسياسية فيها، وبقدر ما تعمل هذه الدول على تطوير أنظمتها التعليمية في كافة المجالات بقدر ما يساهم ذلك في قوتها وصمودها وبقاءها، وهذا لن يكون دون أي من ركائز العملية التعليمية والتي تتمثل في: أولا، بيئة مناسبة للتعليم من مرافق وجامعات ومدارس ومراكز أبحاث ومعاهد تطبيقية. ثانيا ، استقطاب الدولة  لثلة من المفكرين والعلماء والمبتكرون والعقول يتم تسليمهم إدارة شؤون الدولة كل حسب اختصاصه وامكانياته وقدراته العلمية والعمل على توفير مناخ لهم للبقاء في دولهم ، والركيزة الثالثة معلم يأكل ويلبس كما هو الوزير ، يسكن ويركب كما هو المسؤول بالدولة ، يعلم ابناءه كم هم أبناء الطبقة المتنفذة في أي دولة ، والركيزة الرابعة : مخرجات التعليم والنظام التعليمي  ومدى موائمتها مع سوق العمل ـ لان الفراغ اذا سيطر على الشباب في المجتمع فانهم سوف يفقدوا الانتماء بالوطن والثقة بالقيادة للدولة ، بهذا فهم بيئة خصبة لكي يكونوا للغير ممن يتربص ببقاء الدولة ويطمع في خيراتها .

تنشغل الدول بدعم قوتها العسكرية وتصرف ثلث موازنتها على ذلك، وبذلك تُنهَب خيرات الدولة من اجل ان توفر قوة عسكرية تهدف الى حماية بقاء النظام ومنع انهياره، قوة عسكرية تبحث عن تحالفات لها مع هذه الدولة او تلك، ولا يهمها الاختلاف في الدين والثقافة او أي شيء أخلاقي انما تبحث عن تحالفات تعزز بقاءها على الحكم وعدم انهياره. وفي ظل انشغالها بقوتها العسكرية تكون قد اغفلت بناء الشباب والمجتمع وتكون قد رهنت خيراتها ومواردها المادية والبشرية من اجل شراء السلاح وتكنولوجيا السلاح، وتكون قد فقدت اهم ركائز الامن القومي وهو الانتماء. وقد أصبح الشباب في فراغ وعزلة سياسة وبذلك فهم مغتربون عن ذاتهم، وهم خريجو جامعات بلا عمل وهم أصحاب عقول ولكن جيبوهم فارغة، وهم يمتلكون المعرفة وليس لديهم ثمن ملابس يرتدونها او مهر عروس يتزوجونها، بهذا فهم أصبحوا بلا انتماء، واي جهة سوف تنتبه الى حال هؤلاء الشباب، حتما سوف تستغلهم لصالحها، وبهذا فان القوة العسكرية لن تنفع من علموا من اجلها وأنفقوا الأموال على تشكيلها. وأكثر فئة من الشباب ينخرطون في التنظيمات الإرهابية، وتجارة المخدرات، والدعارة وحتى الشذوذ الجنسي بين الجنسين، هم الخرجين من الجامعات والذين يجلسون في بيوتهم لسنوات على امل ان يتحقق حلمهم بحياة كريمة، ولكن وبعد الانتظار طويلا دون حلول تبدأ مراحل الانهيار في أوساط الشباب.

نقول ان الانتماء يأتي من التنشئة الاسرية  ومن  المدرسة وبعدها  يأتي دور الجامعات، ويتعزز انتماءه  بعد ان توفر له الدولة عمل يناسبه ويصبح  له حقوق وعليه واجبات، ويصل الى اعلى درجات الانتماء الا  وهو –الإيثار- ، يكون ذلك عندما يجد ان حقه يعادل حق الوزير والمسؤول وان حياته كما هي حياة أبناء الطبقة الحاكمة والمتنفذة، وبهذا يكون درعا لحماية الوطن من أي تطرف او اعتداء هنا وهناك ، كذلك فان الامن القومي سيبقي مجرد شعارات كرتونية تتطاير ذرات رمادها عند اول نار تشتعل في أطرافها وسوف تحرق من فيها طالما ان العدالة الاجتماعية في مهب الريح، والامن القومي يكون كما هي الصخور الباقية على قمم الجبال حين تملك الدول نظام تعليميا يمكنها من ما البقاء، وحين تملك سوق للعمل لمخرجات الجامعات وحين تحقق اعلى درجات الموائمة بين مخرجات التعليم وسوق العمل.  فكل ما يأتي بعد ذلك لن يكون الا نقطة قوة او نقطة ضعف تساهم في البقاء او الانهيار لأي نظام حاكم.