حكاوي اليورو (14): ما الذي ينتظرنا في دور ال16 ؟!

حكاوي اليورو (14): ما الذي ينتظرنا في دور ال16 ؟!
وليد جودة

انتهت مرحلة حسابات النقاط وضمان التأهل بنقطة تعادل من هنا أو هدف يحسن الترتيب من هناك، ودخلنا في مرحلة المعارك الساخنة البعيدة عن حسابات المجموعات، معارك البقاء أو المغادرة، فإما الفوز واستكمال مشوار البطولة، أو حزم الأمتعة مباشرة إلى أرض الوطن، وصلنا إلى مراحل خروج المغلوب و البداية بدور ال16.

قبل الخوض في تفاصيل مباريات ثمن النهائي، يجب التنويه إلى أن القرعة الحالية تغيب عنها العدالة بشكل كامل لكنه شر لا خلاص منه، فالتقسيمة الحالية التي تضع كبار القارة إسبانيا وإيطاليا وألمانيا وإنكلترا والمستضيفة فرنسا في طريق بعضهم البعض وصولاً إلى النهائي، هي تقسيمة كانت معروفة قبل انطلاق البطولة، والسبب الرئيسي في ذلك يعود إلى رفع عدد المشاركين في البطولة إلى 24 منتخباً، واللجوء إلى تصعيد 4 منتخبات من أصحاب المركز الثالث، وما يتبع ذلك من عملية توزيع هذه المنتخبات لتفادي وقوع منتخبات من ذات المجموعة في وجه بعضها البعض.

هذه القرعة أنتجت لنا مفارقة عجيبة، الطريق إلى النهائي مقسوم إلى مجموعتين كل واحدة مكونة من 4 مباريات في دور ال16، ومن كل مجموعة سيصل منتخب واحد إلى النهائي، المجموعة الأولى فيها 8 منتخبات لم تحصل طوال تاريخها على أي لقب قاري أو عالمي، أما المجموعة الثانية التي تضم الكبار، فتمتلك منتخباتها 30 لقباً ما بين قاري وعالمي !

الكبار سيصفون حساباتهم قبل الوصول إلى النهائي، وسنجد منتخباً يلعب النهائي لأول مرة في تاريخه، هذه هي يورو 2016، وهذا ما سينتظرنا في الدور ال16:

 

سويسرا VS بولندا ... 50% - 50%

مواجهة متكافئة ومتوازنة بشكل كبير بين منتخبين يمكن اعتبارهما من منتخبات الصف الثاني أوروبياً، سويسرا تأهلت باحتلالها المركز الثاني خلف فرنسا في المجموعة الأولى، أما بولندا فقدمت وجهاً طيباً أمام بطلة العالم ألمانيا ولم تتخلف عنها سوى بفارق الأهداف في المجموعة الثالثة.

مثل هذه المواجهات بين منتخبين متقاربين في المستوى تحسمها عادة التفاصيل الصغيرة، وهو المنتظر كذلك في هذه المواجهة، خطأ دفاعي من هنا أو لمحة عبقرية من مهاجم هناك قد يتكفل بإنهاء الأمور، والأكيد أن المواجهة ستكون تكتيكية بامتياز وربما تحظى بالكثير من التحفظ الهجومي خصوصاً في بدايتها.

مفاتيح اللعب في المنتخبين تبدو واضحة، سويسرا تعتمد على خط وسط قوي بقيادة دزيمايلي و تشاكا، مع طرفين سريعين هما شاكيري و محمدي، المشكلة نقطة الضعف السويسرية تكمن في عدم امتلاكها مهاجماً متميزاً، وهي نقطة القوة الأكبر في بولندا التي تمتلك ليفاندوفسكي، نجم البايرن ورغم غيابه عن التهديف في الدور الأول إلا أنه يبقى مصدر الخطر الأكبر على سويسرا، رفقة مجموعة مساندة جيدة تجمع بين خبرة بلازيكوفسكي وكيرتشوفياك وشباب ميليك نجم أياكس الهولندي.

لعبة التوقعات تبدو صعبة في هذه المواجهة، الحظوظ متساوية بشكل كبير، وقد تكون الكلمة في النهاية عند ليفاندوفسكي إما بحسم الأمور لبلاده أو بتسهيل المهمة السويسرية.

 

ويلز VS آيرلندا الشمالية .. 80% - 20%

مواجهة بريطانية خالصة بين منتخبين يعيشان لحظات من النشوة في مشاركتهما الأولى في اليورو، ويلز بقيادة غاريث بيل أبهرت الجميع في الدور الأول بتصدرها مجموعتها أمام الشقيقة الكبرى إنكلترا، في حين أن آيرلندا الشمالية كانت محظوظة بتأهلها كواحد من أفضل 4 ثوالث بعد خسارتين أمام بولندا وألمانيا وفوز وحيد على حساب أوكرانيا.

الكفة في هذه المواجهة فنياً وذهنياً، جماعياً وفردياً، تميل لمصلحة المنتخب الويلزي الذي يمتلك مفاتيح لعب ممتازة في الشقين الهجومي والدفاعي، مع خط وسط متميز يرتكز على الثنائي جو آلين لاعب ليفربول و آرون رامسي لاعب آرسنال، وفي المقدمة النفاثة الغير قابلة للتوقف وهداف البطولة حتى الآن غاريث بيل الذي يلعب بحرية كاملة في المناطق الهجومية ويقدم مستويات مبهرة حتى الآن.

آيرلندا الشمالية لا تمتلك إمكانيات كبيرة هجومياً، وسيكون اعتمادها الأكبر على التأمين الدفاعي و تحين الفرص لاستغلال هجمة مرتدة أو كرة ثابتة ربما لاقتناص هدف والقتال في الدفاع عنه، لكن هذه المهمة لن تكون سهلة.

 

كرواتيا VS البرتغال .. 70% - 30%

 

مواجهة بين واحد من أبرز منتخبات الدور الأول وأكثرها إقناعاً "كرواتيا" و واحد من أكثر المنتخبات التي تأهلت رغم كونها مخيبة للآمال "البرتغال"، كرستيانو رونالدو سيكون أمام اختبار صعب أمام زميله مودريتش وبقية زملائه المتألقين.

كرواتيا تمتلك تشكيلة ممتازة للغاية من ناحية الانسجام الجماعي من جهة والمهارات الفردية القادرة على فك شيفرات الخصوم من جهة أخرى، دفاع جيد ووسط متميز وأجنحة طائرة ومهاجمين متميزين، ذلك ما يحلم به أي منتخب وذلك ما تملكه كرواتيا.

البرتغال التي تأهلت بشق الأنفس بثلاث تعادلات في الدور الأول، تعاني بشكل واضح من غياب الجماعية والاعتماد على رونالدو، اليد الواحدة لا تصفق عادة لكن البرتغاليون يأملون أن تصفق هذه المرة مع الدون.

إن بقيت الأمور كما كانت في المباريات الثلاث الماضية، فإن كرواتيا ستكون في طريق مفتوح لعزل رونالدو وحرمانه من الكرة بالدرجة الأولى، والعبث بالشوارع البرتغالية في الدفاع كما شاءت، وتحقيق الانتصار، أما الأمل البرتغالي فيبنى على أن يستعيد موتينهو وكواريسما والبقية ذاكرة اللعب الجميل، وأن يكون رونالدو خارقاً للعادة.

الفريق المتأهل من هذه المباراة ستكون أمامه فرصه كبيرة للتواجد في نصف النهائي والنهائي فيما بعد، على الورق كل شيء يشير إلى أن كرواتيا هي الأقرب، لكن كرة القدم لا أمان فيها، خصوصاً إذا كان الخصم اسمه رونالدو.

 

فرنسا VS آيرلندا .. 75% - 25%

لا مجال للتهاون، هذا هو شعار الديوك الفرنسية من الآن فصاعداً، صفحة المجموعات طويت بحلوها ومرها وحان الوقت للتركيز وتجاوز الأخطاء الماضية من أجل تحقيق حلم الشعب الذي يستضيف أوروبا في أراضيه، شعب لن يرضيه غير اللقب الثالث في تاريخ اليورو لفرنسا.

آيرلندا لن تكون لقمة سائغة، هذا ما تأكدنا منه في مواجهتها الأخيرة أمام إيطاليا عندما انتصرت وانتزعت ورقة التأهل لهذا الدور بجدارة واستحقاق، لكن المعركة الآن ستكون بحسابات مختلفة أمام لاعبي المدرب مارتن أونيل، الذي سيواجه منتخباً متعطشاً للانتصار ومواصلة المشوار على أرضه وأمام جمهوره.

فرنسا إن أرادت العبور فعلى مدربها ديشامب أن يلعب أولاً بالتشكيلة المثالية، وأن يحذو حذو منتخب بلجيكا الذي عرف أن كثر الضغط الهجومي على الآيرلنديين يجبرهم على ارتكاب الأخطاء، الفرنسيون يمتلكون كل الأسلحة اللازمة لتقديم مباراة مشابهة لتلك التي لعبتها بلجيكا وأن تجعل الحياة صعبة على الآيرلنديين.

أمل آيرلندا يكمن في أن يتحول الضغط الجماهيري الفرنسي إلى طاقة سلبية لا إيجابية على منتخبها، الحفاظ على نظافة الشباك لأطول فترة ممكنة واقتناص مرتدة أو ضربة ثابتة قد يكون الحل.

لا يمكن لأحد أن يتخيل اليورو في دور ال8 بدون صاحبة الأرض والجمهور والتاريخ والعراقة فرنسا، وحدهم الآيرلنديون من ينتظرون عكس ذلك، لكن حقيقة الأمور تعطينا انطباعاً بأن الجزء الأول هو الأقرب للتحقق.

 

ألمانيا VS سلوفاكيا .. 80% - 20%

بطلة العالم ألمانيا هي واحدة من أكثر منتخبات البطولة ثباتاً وقوة، ونجحت في إكمال دورها الأول بشباك نظيفة لكن مع علامة استفهام حول نجاعتها الهجومية، فألمانيا كانت من بين الأكثر صناعة للفرص في الدور الأول لكنها لم تسجل أكثر من 3 أهداف، لكن لوف ولاعبيه يمتلكون القدرات اللازمة لتجاوز هذا الأمر وتحسين الوضعية الهجومية.

سلوفاكيا بدورها استحقت تواجدها في هذا الدور حتى إن كانت في المركز الثالث لمجموعتها، منتخب يلعب بمنهجية تتوافق مع إمكانياته، يجيد التأمين الدفاعي بقيادة القيدوم مارتن سكيرتل والتحول بمرتدات بقيادة هامسيك و فايس، لكن السؤال يبقى حول قدرة هذه المنظومة على الصمود أمام المخزون الهائل من الحلول الجماعية والفردية التي يمتلكها الألمان.

على الورق، ألمانيا تبدو في طريق مفتوح نحو تحقيق الانتصار والعبور لدور ال8 وانتظار الفائز من مطحنة إيطاليا وإسبانيا، والمفاجأة السلوفاكية منطقياً تبدو بعيدة المنال هذه المرة.

 

المجر VS بلجيكا .. 40% - 60%

صراع بين واحدة من أجمل المنظومات الجماعية في هذا اليورو أمام مجرة من النجوم تفتقد إلى الانسجام الكامل، المجر قدمت وجهاً مشرفاً وتصدرت مجموعتها بجدارة واستحقاق بدون أن تمتلك نجماً بارزاً أو اسماً كبيراً تعتمد عليه، في حين تمتلك بلجيكا التشكيلة الأكثر موهبة في البطولة لكن كان من الواضح أن خطط المدرب مارك فيلموتس تعتمد في المقام الأول على قدرات لاعبيه الفردية، والجماعية تأتي في المقام الثاني لديه.

قبل البطولة لو سألنا أي متابع عن توقعه لهذه المباراة فالأكيد أن الجميع سيقول بدون تردد أن بلجيكا هي الأوفر حظاً، لكن ما شاهدناه من المنتخبين في البطولة حتى الآن سيجعل البعض يفكر ملياً قبل اختيار مرشحه، المجريون نجحوا في تقديم كرة جميلة تستحق الاحترام والتقدير، كل ذلك لا يقلل أبداً من قدرات هازارد و دي بروين وكاراسكو والبقية.

المجر لو اتخذت من أداء إيطاليا أمام بلجيكا مرجعاً لها ستكون قادرة على خلق المتاعب لبلجيكا، رغم أن هذا النهج التكتيكي بحاجة إلى إمكانيات خاصة يبرع فيها الطليان دون غيرهم، إلا أن المجر أظهرت ملامح مشابهة تعطي فكرة بأن هذه الطريقة قد تجدي نفعاً، أما بلجيكا فإن كان نجومها في يومهم ونجحوا في استغلال تفوقهم الفردي وتحويل مخزونهم المهاري إلى خدمة المجموعة فإن الفوز سيكون من نصيبهم بلا شك.

مباراة كبيرة جداً في انتظارنا، والأفضلية النسبية ترجح كفة بلجيكا بخبرة نجومها، لكن الفوز المجري لن يكون مفاجئاً !

 

إيطاليا VS إسبانيا .. 45% - 55%

أم المعارك وأكثرها شراسة، إعادة نهائي النسخة الماضية جاء في وقت أسرع من المتوقع، والأكيد أن الخاسر الأكبر سيكون يورو 2016 بخسارة أحد الكبيرين في وقت مبكر نسبياً، فمثل هذه المباريات مكانها النهائي أو نصف النهائي على أقل تقدير.

إيطاليا التي بدأت البطولة بثوب غير المرشح، نجحت بحياكة ثوب البطل لنفسها بأداء متوازن أمام بلجيكا والسويد، ولا يمكن اعتبار خسارتها أمام آيرلندا مؤشراً سلبياً من خلال اعتماد كونتي على تشكيلة جلها من الاحتياطيين مع افتقاد أي دافع للانتصار.

إسبانيا بدورها أكدت أحقيتها بالتواجد على رأس قائمة المرشحين في مباراتيها الأولى و الثانية، مؤكدة أنها ماضية للدفاع عن لقبها بشراسة، لكن السقوط أمام الكروات أعاد الماتادور إلى دائرة الشك، والأهم أنه وضعهم في طريق مليء بالألغام أولها اسمه ايطاليا.

استحواذ وضغط هجومي، يقابله التزام دفاعي ومرتدات، هذا هو الشكل المنتظر بكل تأكيد لهذا اللقاء، إسبانيا ستهاجم وتهاجم وتهاجم من أجل فك شيفرات الدفاع الإيطالي الحصين، أما إيطاليا فستكون وفية لعاداتها وتدافع حتى الموت على أمل أن تجد الفرصة في المساحات التي سيتركها الإسبان خلفهم.

هي من نوعية المباريات التي يحبها كونتي ولاعبوه، تحبها إيطاليا بأكملها، اختبار حقيقي لنقطة القوة الأولى وربما الوحيدة في هذا الآزوري وهي الدفاع، أما إسبانيا فعليها أن تنوع وتنوع و تنوع من أساليبها الهجومية، وهي تمتلك كل الأسلحة اللازمة لإيجاد المنفذ بقيادة رسامها إنيستا.

المعركة على الورق تبدو متوازنة بشكل كبير، لكن الشكل الهجومي الخجول نوعاً ما للطليان قد يمنح أفضلية طفيفة للإسبان، مع الأخذ بعين الاعتبار أن بوفون وثلاثي الدفاع الإيطالي قد تكون الكلمة العليا من نصيبهم.

 

إنكلترا VS آيسلندا... 75% - 25%

دائماً مرشحة للقب، دائماً عامرة بالنجوم، ودائماً ما تعذب مشجيعها، هذه هي إنكلترا، دور أول غير مقنع قدمه منتخب الأسود الثلاثة واكتفوا بالمركز الثاني خلف ويلز، لكنهم يجدون أنفسهم هذه المرة أمام فرصة ذهبية للمضي قدماً في اليورو بمواجهة منتخب حقق ربما كل آماله وطموحاته في هذه البطولة وهو المنتخب الآيسلندي.

كثير من النقاد والمحللين والمتابعين يرون بأن المدرب روي هودسون عليه أن يغير شكل فريقه، وأنه يمتلك مفاتيح لعب معطلة وغير مستفاد منها في هذه التشكيلة، لكنهم في نفس الوقت يجمعون على أن فرصة إنكلترا بالعبور إلى ربع النهائي هي الأكبر.

آيسلندا منتخب مجتهد ومثابر، منظم بشكل ممتاز دفاعياً وهجومياً، لكنه يفتقر إلى اللاعب الذي يمكن أن يقدم الحل عند الحاجة، كما أن القدرات الفردية للاعبيه لا تعدو كونها متوسطة، رغم ذلك نجح في تحقيق طموحه من مشاركتها الأولى في اليورو والتواجد في الدور الثاني.

إنكلترا مرشحة بشرط التمتع بالأفضلية الذهنية والتركيز، وربما تكون هذه المباراة الفرصة الأخيرة للإنكليز لتقديم وجه يطمئن جمهورهم المتعصب قبل مواجهة مرتقبة أمام فرنسا في ربع النهائي.

التعليقات