الحرب الفلسطينية الإماراتية

الحرب الفلسطينية الإماراتية
كتب غازي مرتجى

أسدل الكاتب جهاد الخازن في مقال لم يتعد الصفحتين الستار عن الحرب الصامتة التي دارت ولا تزال في الأروقة بين الفلسطينيين (السلطة وفتح) والإماراتيين (خاصة أبناء الشيخ زايد رحمه الله) .

تحدث الخازن نقلاً عن "شيخ" إماراتي كبير عن الوضع المُتأزم بين السلطة والرئيس أبو مازن من جهة ودولة الإمارات العربية من جهة أخرى , فردّ المحرر السياسي لوكالة وفا الرسمية التي تُعبر عن رأي الرئاسة الفلسطينية بمقال شديد اللهجة هاجم فيه الكاتب الخازن وألمح على دولة الإمارات .. لم ينته الأمر هُنا بل شنّت صحيفة الحياة الجديدة وهي الحكومية الوحيدة هجوماً على دولة الإمارات واتهمتها بإيواء ودعم خالد إسلام "محمد رشيد" وغمزت حول العلاقة التي تربط رشيد بالاسرائيليين ودور الإمارات في ذلك .

لقد بدأت الحرب الفلسطينية الإماراتية بعد فصل عضو التشريعي محمد دحلان من مركزية فتح وتوجهه لدولة الإمارات ماكثاً فيها , فرفضت بعدها الدولة اعتماد أي سفير لفلسطين بعد انتهاء مدة السفير السابق إلى أن وافقت قبل فترة بعد زيارة من رئيس الوزراء الدكتور الحمدلله على اعتماد السفير الحالي عصام مصالحة سفيراً لدولة فلسطين في الإمارات .

إنّ الحالة الفلسطينية الإماراتية لا تُوحي بأي تحسن قد يطرأ وإنما حرب صامته تملك فيها الإمارات سلاح المال والسلطة لا تملك سوى سلاح القضية لإبعاد الإمارات عنها قدر الإمكان وبعض الغمز واللمز عبر الإعلام الرسمي وغير الرسمي .

فتحت مقالة الخازن المسكوت عنه وأظهرت بما لا شكّ فيه ضعف العلاقات الفلسطينية الإماراتية ووصولها لمُنحدر خطير لم تصل إليه علاقات القيادة الفلسطينية سابقاً سوى مع "الكويت" والتي تحسنّت وأصبحت أفضل من ذي قبل , هذه الحرب الخفية التي تدور في الأروقة لا يستفيد منها "دحلان" ولا "الرئيس" أو حتى الإمارات نفسها التي تربّت على أبجديات وتعليمات الشيخ زايد الأقرب لقلوب الفلسطينيين من كل الزعماء والقادة العرب .

وضوح الإمارات في الخلاف مع الفلسطينيين أفضل من حالة الاستهبال الذي تقوم به "قطر" فتُحاول الإيحاء بأنها على علاقة بكل الطيف الفلسطيني وهي تحاول الحصول على "قبة الميزان" سواء من حماس بفرضها الولاية عليها أو من السلطة بالعلاقات الإنسانية المعروفة خاصة مع الرئيس أبو مازن .. وعللى الرغم من ذلك تلعب قطر بذيلها كثيراً فاستغلت زيارة الرئيس التي كان من المفترض أن تكون إيجابية لتنشر تقريراً عن نجله في مملكتها "الجزيرة" وتُسرب صوراً لوفد فتح للمصالحة على مائدة الإفطار لتدعّي زوراً أنها مع حرية التعبير والرأي وأن لا حُكم لها على القناة القطرية .

لقد حافظت دولة الإمارات على الصلات الشعبية مع الفلسطينيين على الرغم من بعض أوجه الصرف التي يُشتبه في كونها مالاً سياسياً إلا أنه يُحسب لها استمرار تمويل المشاريع الذاتية في الضفة وغزة - لكنها قطعت التمويل عن السلطة الفلسطينية بشكل نهائي وهو نوع من الاحتجاج الواضح على العلاقات المتوترة.

كما انتقدنا اللواء جبريل الرجوب يوم أن تسبّبت بعض التصريحات بمحاولة قطع العلاقة مع المملكة العربية السعودية وتشويهها مع المملكة الأردنية الهاشمية , فإنّ الواجب على السلطة الفلسطينية وحركة فتح على وجه الخصوص الحفاظ على شعرة معاوية مع أبناء المرحوم الشيخ زايد وأقترح هُنا تشكيل وفد رسمي - شعبي يضم قيادات وازنة من حركة فتح ومن المؤسسات المدنية وحتى الأجهزة الأمنية والتوجه للإمارات بقلب الأخوة العربية لتوضيح المواقف بدلاً من استمرار الحرب الصامتة وكُل الفلسطينيين على أمل بقلب أبناء الشيخ زايد الكبير فلا هُم سيسمحوا باقتصار القضية الفلسطينية في جهة أو شخص ولا هُم يعملون على ذلك .. بل سيعودوا بالتأكيد لوصايا الشيخ زايد الذي بُنيت على اسمه تحمعات سكنية ومستشفيات ووُزعت مساعدات على روحه .. فلا فلسطين تحيا دون الإمارات ولا الإمارات تسمح أن تعيش دون فلسطين ولنا أن نستذكر زيارة دولة رئيس الوزراء لدولة الإمارات وكيف تمكّن من فكفكة الأزمة وإعادة بعض المياه إلى مجاريها ..