عرفات حياته كما أرادها : متى ولماذا قال أبو عمّار "العرب نائمون" ؟

عرفات حياته كما أرادها : متى ولماذا قال أبو عمّار "العرب نائمون" ؟
دنيا الوطن – ميسون كحيل 

يا وحدنا...أصر الكاتب أحمد عبد الرحمن أن يعطي لفصله التاسع اسم يعبر عن حجم الغضب الكامن في وجدانه .لكي يذكر التاريخ أن هناك تمثيليات لممثلين يعلنون الوطنية لكنهم نائمون كأفضل حالة يمكن أن نطلقها عليهم ذلك أن ابو عمار بدا العمل على الجهات الأربع ويقوم بالعديد من الاتصالات لقناعة لديه بأن الأمر بدأ يظهر بشكله المرسوم له فحاول عن طريق ممثل فلسطين في الأمم المتحدة لتقديم شكوى كما سلم السفير السوفيتي رسالة إلى الرئيس السوفيتي واتصل مع كل من شفيق الوزان وصائب سلام وطلب الرياض على أمل أن يتحرك أحد !

صامدون في وجه الغزو هذا هو عنوان المرحلة التي عاشها  الكاتب آنذاك حتى وصلت به القناعة على أننا وحدنا نحارب اسرائيل ومن المؤكد اننا لن نهزم اسرائيل لكن من المستحيل ايضا أن تهزمنا اسرائيل فهزيمتنا تعنى الفناء والعرب موقفهم واضح منذ أعلنت فتح الكفاح المسلح . واستعان الكاتب بالتاريخ فعاد الى عام 65 عندما كانت الثورات تجسد أمال وأحلام الجماهير بينما الأنظمة هي في الحقيقة يد اسرائيل الخفية ! وقد حاول الكاتب أن يذكر هذه الفكرة التي راودته في مقال له في فلسطين الثورة لكنه لم يفعل فشجاعته المعروفة عنه تتوقف عند حدود السياسة وهو يعلم وأشار إلى دور سوريا وتكليفها عربيا بشكل يوحي بالسرية للقضاء على الثورة في لبنان منذ عام 76.

 الفصل التاسع:  الجزء الأول

  يا وحدنا
 
        كان أبو عمار يقظا ومتحفزا ويعمل على الجهات الأربع، فهو يطلب زهدي الترزي ممثلنا في الأمم المتحدة، لتقديم شكوى عاجلة إلى مجلس الأمن، ويطلب السفير السوفياتي ليسلمه رسالة هامة إلى الرئيس السوفياتي بريجنيف، ويتصل مع السيد شفيق الوزان رئيس وزراء لبنان، ليقدم لبنان شكوى إلى مجلس الأمن، ويرد على برقيات عسكرية وصلت من البقاع حول المتطوعين، ويعلن التعبئة العامة، ويتصل مع السيد صائب سلام للضغط على الوزان وليسأل عن سماحة المفتي، والشيخ محمد مهدي شمس الدين، ويطلب الرياض ليتحدث مع الملك خالد.

         قلت له: الماكينة الضخمة بدأت تعمل على كل الجهات.

        وأجاب أبو عمار: للأسف العرب نائمون.

         أبو عمار غارق تماما في تحريك العالم الذي لا يتحرك، والعرب لن يفيقوا من نومهم، ولعدم قدرتي على الغرق مع أبو عمار في هذه اللعبة الخاسرة، غادرت المكان إلى مقر صحيفة» فلسطين الثورة» لأكتب المقال اليومي، وهناك وجدت الجميع ساهرين وكلهم في حالة سؤال قلق، فالمعلومات عن الغزو الإسرائيلي متوفرة لديهم بغزارة، والوكالات العالمية تنقل تفاصيل الهجوم الإسرائيلي الكاسح، ومن جانبنا، بعض المقاطع من البيانات الكثيرة التي أصدرها أبو عمار، أما اهتمام الوكالات الرئيسي فقد كان منصبا على تقدم الدبابات الإسرائيلي، ودون إشارة تذكر للخسائر التي أصابت الإسرائيليين.

         ولم يكن هناك من صعوبة لمعالجة الموقف كالمعتاد وملخصه إننا « صامدون في وجه الغزو» وإننا قررنا أن نصمد وأن نقاتل. وبهذا الإصرار المطلق على التحدي، سقطت من القاموس الفلسطيني اللغة السياسية التي تحكم عصرنا، ومضت سنوات طويلة ونحن غير مفهومين واعتقدت في هذه اللحظة وأنا أعيد الكتابة عن الصمود للمرة الألف أننا لن نكون مفهومين في هذا العالم بعد اليوم أبدا، فمن المؤكد أننا لن نهزم الإسرائيليين، ولكن من المستحيل كذلك أن نعترف بهزيمتنا، فالهزيمة الفلسطينية تعني الفناء، ونحن نعتقد أننا عدنا من الموت الذي وقع على شعبنا في عام 48، عدنا إلى مسرح الشرق الأوسط وبيدنا عدد من البنادق القديمة، وأعلنا الحرب على «إسرائيل» وحدنا. في الوقت الذي اجتمع فيه جميع الملوك والرؤساء لبحث قرار إسرائيل بتحويل مجرى نهر الأردن، ولم يعلنوا الحرب، بل « فتح» وحدها أعلنت الحرب على « إسرائيل»، ولم تكن مفاجأة لنا في ذلك الوقت أن يكون الردان العربي والإسرائيلي متشابهين، فالقيادة العربية المشتركة أدانت قرارنا بإعلان الكفاح المسلح واعتبرته توريطا للعرب في حرب لم يستعدوا لها، والعدو الإسرائيلي، اعتبرنا كعادته مجرد إرهابيين تحركهم الدول العربية. 

        واستعدت في ذهني شريط التاريخ الدامي منذ قيام هذه الثورة في عام 65، وكيف نتحد بالجماهير وتقع الحروب بيننا وبين الأنظمة، عندما نصبح السلطة الفعلية على ذات الأرض التي تحكمها الأنظمة، وذلك لأن الثورة تجسد أحلام الجماهير اللانهائية، بينما هذه الأنظمة هي حرس حدود لإسرائيل وأداة قمع داخلي.

        ولم أكتب في المقال الرئيسي تلك الفكرة الصائبة التي ألحت علي، وهي أن أمريكا وأوروبا وبعض الأنظمة قد استعانت هذه المرة «بإسرائيل» للقضاء على الثورة، بعد أن فشل الحل العربي، والذي كلفت سوريا بتنفيذه عسكريا في عام 76، بهدف القضاء على الثورة.

        حزيران ليس جميلا لا في الذاكرة ولا في التقويم، وما بدأ اليوم هو حزيران الفلسطيني ، ففي 67 ضربت الناصرية، وفي عام 82 ضربت « فتح»، وقد ادعت الجهات الإسرائيلية في حزيران 67، أن سبب الحرب هو حركة فتح التي كانت تولد في سوريا في ذلك الوقت، وهكذا تظل فلسطين هي المولد الكبير للكوارث والطموحات، في الشرق الأوسط.


عرفات-حياته كما أرادها : وبدأ الهجوم على بيروت..هكذا سحب حافظ الأسد قواته -وهذا رد فعل قائد ثورة بساط الريح



"عرفات - حياته كما أرادها".. الفصل السابع - ح2 : قصة "بيان" وتعليق خليل الوزير .. استمرار مؤامرة "الأسد الأب"







"عرفات - حياته كما أرادها".. الفصل الخامس-ح2:مجزرة تل الزعتر ودور نظام "الأسد"-من الذي تواطأ في اجتياح لبنان 82 ؟



"عرفات - حياته كما أرادها".. الفصل الثالث-ح2: قصة سفينة السلاح من "هونيكر" لياسر عرفات وكيف رد له الجميل أبو عمار

التعليقات