المصالحة والضربة القاضية : لماذا تُقاطع الولايات المتحدة حكومة الحمدلله ؟

المصالحة والضربة القاضية : لماذا تُقاطع الولايات المتحدة حكومة الحمدلله ؟
كتب غازي مرتجى

*
حالة من اللاتفاؤل تعم الأوساط الفلسطينية بكل مستوياتها - حتى السياسية منها ممن يُفاوضون في الدوحة- بعد الأنباء التي تحدثت عن قُرب تحقيق المصالحة الفلسطينية .

تبرُز المشكلة الأولى وهي مشكلة موظفي حماس - ثم مشكلة الأجهزة الأمنية يليها الفصائل المسلحة في قطاع غزة عدا عن العلاقات المتوترة بعلاقات طرفي الانقسام ببعض دول الاقليم .

لا يُمكن حل المشكلة من جذورها وهذا الأمر فهمته الحكومة الحالية جيداً عندما اقتنعت أنّ الأزمة لا تُحّل بالضربة القاضية وهو السبب الرئيسي لفشل كل المفاوضات السابقة بين حركتي فتح وحماس , الحل المناسب هو تقسيط المشكلة على عدة مراحل مما يضمن تناسُق العمل والتسهيل السياسي من الطرفين له .

لو أرادت الأطراف حل المشكلة فلن يحُلها سوى "قرار سياسي" مع إطلاق يد  لجان فنية متخصصة لحل كل المشكلات وعدم تعليق قراراتها بقرارات سياسية من الطرفين .

على سبيل المثال لا الحصر - فقد شُكلت إبان حكومة التوافق التي يرأسها الحمدلله لجان فنية متخصصة في كافة الوزارات وحتى على مستوى وزاري رفيع وبدأت العمل لحل المشكلة فنياً وباعتقادي ما تبقى لديهم هو قرار سياسي من الطرفين بإطلاق يد الحل في غزة وبتوفير الموازنات المطلوبة من الإقليم من جهة الضفة .

**

عادت قضية تصوير الذات مع مُتلقي المساعدات للظهور في شهر الخير والصدقات - وفوجئت بصورة "شيخ" يُساعد فقيرة يظهر على وجهها الاستحياء وتعُض كلاماً على لسانها ألا لعنة الله عليك !

في تحقيق للزميل الدكتور حسن دوحان اكتشف المصائب من وراء العمل المؤسساتي وكيف تذهب أكثر من نصف الموازنات المخصصة للشعب الفلسطيني كرواتب للموظفين على تلك المشاريع واكتشف في تحقيقه ان اكثر من 21 مليار دولار وصلت تلك المؤسسات وعند البحث لم نجد مشروعاً يستفيد منه المواطن أو كما يُطلق عليه "بُنى تحتية" .

لقد زادت المؤسسات غير الحكومية من مصائب الشعب الفلسطيني - فعدا عن كشف المستور الفلسطيني امام دول العالم أو "الدونرز" تذهب الاموال هباءً ولا يستفيد منها سوى بعض المطاعم والفنادق الفاخرة .

عندما تحدث رامي الحمدلله عن تلك المعضلة وبدأ بحملته لمحاربة فساد بعض من تلك المؤسسات فُتحت النيران عليه وقد علمت حينها أن رسالة "طويلة عريضة" وصلت القنصلية الأمريكية احتجاجاً على اجراءات الحمدلله وقد قاطعت الولايات المتحدة الحكومة .. حتى تاريخه !

سلطان ابو العينين وهو مسؤول المنظمات غير الحكومية في منظمة التحرير يجب عليه العمل الجدّي لوقف تلك المهزلة , والبقاء في موقف "المتفرج" عندما فتحت الحكومة نيران قانونها على تلك المؤسسات لوقف اهدارها للمال العام (المُخصص للمواطن) وإنهاء حالة التشويه التي تتعرض لها السلطة بفعل تلك الأموال لم يكن موقفاً جيداً .


لو علمنا أن قطاع غزة يُحدد له موازنة للمؤسسات من الكونجرس الأمريكي (على ما اعلم هي 50 مليون $) لا يعرف المواطن شيئاً عنها ولو طلبنا معرفة المستفيدين من تلك الأموال والبرامج المُنفذة لوجدنا عدداً قليلاً منها ظاهر للعيان والباقي ذاب في فواتير الفنادق والمطاعم الفاخرة . المشكلة الأكبر هنا أنه لا رقابة على تلك الأموال من قبل الحكومة بغزة ولا حتى الحكومة برام الله وتم استغلال الانقسام الفلسطيني بأسوأ الصور في هذا المجال .

في إحدى الأيام شاهدت عشرات من الشخصيات الوطنية (المُحترمة) في إحدى الفنادق وعندما سألت عن سبب تواجدهم أُبلغت بأن "فلان" مسؤول المؤسسة "الفلانية" المولة من الدولة "الفلانية" قد كتب مشروعاً لإنهاء الانقسام الفلسطيني الداخلي .. موازنته تزيد عن ربع مليون دولار , وقد كلفت تلك الجلسات التي كنت شاهداً عليها ما يزيد عن 40 ألف دولار لصالح الفندق الفاخر - لن أنسى هنا موقف أحد أعضاء اللجنة المركزية من قطاع غزة بقراره مقاطعة تلك الجلسات ورفض استضافته على حساب هذا المشروع وأعلن/ت : الإنقسام لا يحتاج ربع مليون دولار أو جلسات فاخرة لإنهائه .. بل يحتاج إبعاد المرتزقة عن المشهد .

كفى استحفافاً بالمواطن البسيط فمن يُصوّر نفسه وهو يُسلم فقيراً طرداً غذائياً لا يزيد ثمنه عن 40 $ لا يختلف كثيراً عمّن يُضيع أضعاف تلك الأموال مقابل جلسات فنادق فاخرة وفواتير مضروبة !.