"عرفات - حياته كما أرادها".. الفصل السادس-ح2: بيروت يا بيروت ..اغتيال او اعتقال "عرفات"..الهدف غير المعلن

"عرفات - حياته كما أرادها".. الفصل السادس-ح2: بيروت يا بيروت ..اغتيال او اعتقال "عرفات"..الهدف غير المعلن
دنيا الوطن – ميسون كحيل

القرار الاسرائيلي بغزو لبنان كان في الأدراج ولا بد من ايجاد المبرر فعملت اسرائيل وبالتعاون والتنسيق الإستخباري مع أعداء الثورة ليتم محاولة اغتيال سفير اسرائيل في بريطانيا وقد كان هدف هذه الحرب غير المعلن هو القضاء على قوات الثورة الفلسطينية واغتيال واعتقال قياداتها وعلى رأسهم ياسر عرفات .

 ونوه الكاتب الحاضر والمحاصر في بيروت أنذاك في هذا الفصل من الكتاب إلى اختراق الدبابات الاسرائيلية لجنوب لبنان وحصارها لبيروت من ثلاث جهات اما جهة البحر فتسيطر عليها السفن والبوارج الاسرائيلية اضافة إلى السيطرة المطلقة للأجواء .

لقد المح الكاتب للطريقة المذهلة لنجاة عرفات من احدى الغارات الاسرائيلية لتبدأ بعدها مباحثات أكثر عمقا لايجاد الحلول المناسبة والمقبولة وبما يحفظ مكانة القيادة الفلسطينية وقوات الثورة بخروج آمن وباسلحتهم مع اصرار الرئيس عرفات على أن يكون أخر مَن يغادر بيروت وعندما سئل أين؟ قال إلى فلسطين.

الفصل السادس – الجزء الثاني


          وتطول معركة بيروت وتطول وتمتد 88 يوماً وبيروت محاصرة بالدبابات وبالطائرات وبالسفن الحربية، ولكن ياسر عرفات لا تهتز له شعرة، بل يلعب الشطرنج في بيروت ويتفقد المخابز ويؤمن الطحين ويزور الجرحى في المشافي ويتفقد الدمار ويشد عضد المقاتلين في خنادق الدفاع عن بيروت في الدامور والمطار والمتحف وخلدة والأوزاعي، إنه رجل بلا رهانات وبلا أوهام، ورهانه الوحيد هو المقاومة والصمود حتى يرى الضوء في نهاية النفق المظلم، إنه لا يسيء تقدير الموقف العسكري على الأرض، بل يعرف أدق التفاصيل، حتى عدد الطلقات في حوزة المقاتلين، يصمد ويشحذ الهمم لمزيد من الصمود، ومن طرف خفي يقرأ الوضع الإسرائيلي والدولي، كلما طال أمد الصمود وأمد المعركة هناك مظاهرات بعشرات الآلاف في إسرائيل، وحزب العمل يخرج من حكومة بيغن – شارون، ومجلس الأمن الدولي يدين الغزو ويدعو إلى الانسحاب الإسرائيلي الفوري من لبنان، والمفارقة التي استوقفت أبو عمار إن أمريكا استخدمت الفيتو ثم عادت وسحبته، وفي العالم يتصاعد السخط والغضب على إسرائيل وجرائمها ضد المدنيين والدمار والخراب في بيروت والمخيمات، وفي اجتماع الجمعية العامة يوم 26 حزيران 1982، تصوت (127) دولة ضد العدوان الإسرائيلي، وإسرائيل وأمريكا تصوتان وحدهما ضده، ويصل فيليب حبيب، المبعوث الأمريكي بيروت، ويقوم بجولات مكوكية بين بيروت وتل أبيب وعواصم عربية وأوروبية.
                

في (11) حزيران اتفاق لوقف النار بين سوريا وإسرائيل، وياسر عرفات وحيداً في معركته من أجل بقاء شعبه ويعتمد إستراتيجية مزدوجة، فهو يعرف حدود معركته في بيروت في نهاية المطاف، في جانب من هذه الإستراتيجية يقاتل حتى الطلقة الأخيرة، ومن جانب آخر يتعامل مع المقترحات المقدمة إليه لوقف النار ولمغادرته ومقاتليه بيروت، رفض الاقتراح الأول بقيام الصليب الأحمر الدولي بنقله ومقاتليه خارج لبنان، ويغادر فيليب حبيب ويشتد القصف والحصار على بيروت وسكانها، وبعد القصف يعود فيليب حبيب ليرى إن كان أبو عمار قد غير موقف الصمود الذي يستمر في الدعوة إليه ليل نهار، ويحرض العالم ضد إسرائيل، ومع الوسطاء تساءل أبو عمار عن مصير مخيمات اللاجئين الفلسطينيين، وتساءل أين يذهب ومقاتلوه؟ وتساءل عن كيفية الخروج وما هو الإجراء الأمني الذي يسمح بخروج المقاتلين بأمن وسلام، والقوات الإسرائيلية تطبق على بيروت من جميع الجهات، ويغادر فيليب حبيب ويبدأ شارون بمزيد من الغارات الجوية وتدمر الطائرات غرف العمليات، ثلاث غرف عمليات دمرت، وأخرى في بناية سكنية أدت الغارة بالقنبلة الفراغية إلى قتل جميع سكانها نساءً وأطفالاً، كلهم اختفوا في البناية تحت الأرض، أما أبو عمار فقد نجا هذه المرة بأعجوبة مذهلة حقا،ً كان قد غادر البناية قبل وقت قصير، وقطع الشارع إلى غرفة عمليات بديلة كان قد أعدها من قبل، أمر لا يصدق حقاً كيف نجا هذه المرة؟ ولا يجد من كان يراقب ويعيش هذا الوضع الخطير، إلا أن يذكر ما قاله في حينه «أنا رجل مؤمن، وهذه إرادة ربانية» وعاد فيليب حبيب ليجد أبو عمار حياً يرزق ويقود المقاومة ويزداد عناداً وصموداً، فأعطى الوسطاء بينه وبين عرفات الاقتراح الذي ينص على تشكيل قوة متعددة الجنسيات (أمريكية – فرنسية – إيطالية) تضمن الخروج الآمن لعرفات ورجاله، وتضمن أمن المخيمات بعد مغادرة المقاتلين، أما قيادة المنظمة فتونس مقر الجامعة ترحب بها، والقوات تتوزع في عدد من الدول العربية، ويغادر المقاتلون بأسلحتهم ورؤوسهم مرفوعة، بعد أن أبلوا بلاءً حسناً، ياسر عرفات آخر من يغادر بيروت (30 آب 1982)، ويصر بابا ندريو على استقباله استقبال الأبطال في أثينا، إنه أمر أقرب إلى الأساطير اليونانية، ويرسل له الرئيس بورقيبه طائرته الخاصة ويستقبله في مطار قرطاج ويستضيفه في قصر السعادة في المرسى، ويشيد هذا الرجل المحنك بعرفات قائلاً له: «إن صمودك في بيروت 88 يوماً قد أثار إعجاب العالم بك وبشعبك، وهذا الصمود والتضحيات قد رسخت اعتراف العالم بعدالة قضيتكم وبحق شعبكم في إقامة دولته المستقلة».

حين سئل أبو عمار وهو يغادر بيروت: «والآن إلى أين من هنا»؟ جاء رده القاطع: «إلى فلسطين»، وفي تونس أعاد تنظيم الصفوف العسكرية والمدنية بسرعة مذهلة، وبعد أن شكر الرئيس بورقيبة غادر قصر السعادة في نفس الليلة، متوجهاً إلى وادي الزرقاء، حيث قواته، وقضى الليلة ساهراً ينظم أوضاع القوات في اليمن بشطريه، وفي السودان وليبيا والجزائر وسوريا، ويعيد تنظيم شبكة الاتصالات اللاسلكية والسلكية، ويعين القادة ويشكل الكتائب ويأمر ببدء التدريب العسكري..

"عرفات - حياته كما أرادها".. الفصل السادس-ح1 : بيروت يا بيروت .. أبو عمار يحلق في سماء عاصمة العواصم
"عرفات - حياته كما أرادها".. الفصل الخامس-ح2:مجزرة تل الزعتر ودور نظام "الأسد"-من الذي تواطأ في اجتياح لبنان 82 ؟



"عرفات - حياته كما أرادها".. الفصل الثالث-ح2: قصة سفينة السلاح من "هونيكر" لياسر عرفات وكيف رد له الجميل أبو عمار

التعليقات