مركز معا: حرق المكبات العشوائية في رام الله سموم تهدد الصحة والبيئة ناقش تقرير أخير لمركز العمل التنموي

مركز معا: حرق المكبات العشوائية في رام الله سموم تهدد الصحة والبيئة ناقش تقرير أخير لمركز العمل التنموي
رام الله - دنيا الوطن
في تقرير لمركز معا: حرق المكبات العشوائية في رام الله سموم تهدد الصحة والبيئة




ناقش تقرير أخير لمركز العمل التنموي/ معا مشكلة بيئية متكررة تبرز جراء حرق مكبات النفايات العشوائية في الضفة الغربية حيث تابع التقرير قانونية هذه المكبات، والمسؤولين عن حرقها والطرق الأكثر بيئية للتخلص منها.

وأشار التقرير المعدّ من قبل الناشط البيئي انس عابد إلى أن الإستراتيجية الوطنية لإدارة النفايات الصلبة حددت إنشاء ثلاثة مكبات رئيسية في عام 2014 ( مكب المنيا لمحافظات الجنوب، ومكب رمون لمحافظات الوسط( لم ينفذ المشروع بعد)، ومكب زهرة الفنجان لمحافظات الشمال). وفي الواقع باستثناء المكبات الثلاثة فإن كل المكبات المنتشرة في القرى والمدن هي غير قانونية، وكما يظهر مسح البيئة المنزلي الذي أجراه الجهاز المركزي للاحصاء الفلسطيني في عام 2015 أن 55.9% من الأسر الفلسطينية المتعرضة للدخان قالت أن مصدر الدخان هو حرق النفايات.

ويبين التقرير أن هناك قرابة 153 مكباً عشوائياً بالإضافة لثلاثة مكبات إقليمية بحسب وزارة الحكم المحلي منتشرة في أراضي الضفة الغربية، وقد بدأ العمل في مكبي زهرة الفنجان والمنيا بينما مكب رمون لم يدخل في الخدمة حتى الآن.

ومن خلال الحديث مع المجلس المشترك لإدارة النفايات الصلبة في محافظة رام الله والبيرة، أكد  لنا المهندس حسين أبو عون المدير التنفيذي للمجلس أنه وبحسب الاستراتيجية الوطنية فقد بدأ العمل في مكب زهرة الفنجان المخصص لمحافظات الشمال منذ عشر سنوات وكذلك الحال بالنسبة لمكب المنيا في الجنوب الذي بدأ العمل فيه منذ سنتين تقريبا، أما فيما يخص مكب رمون وهو المخصص لمحافظات الوسط فقد تأخر العمل به بسبب صعوبة استصدار الترخيص اللازم كونه يقع في مناطق ج وبحاجة للتعامل مع الإدارة المدنية الاسرائيلية للحصول على التراخيص اللازمة، وقبل فترة بسيطة تم الحصول على التراخيص ونحن الآن في مرحلة التصاميم وطرح العطاء.

ويضيف أبو عون قائلا:" يلزمنا سنة ونصف ليكون مكب رمون جاهزاً للعمل من لحظة بدء المقاول في أعمال الإنشاء، وبعد ذلك سيتم اغلاق المكبات العشوائية كلها في محافظة رام الله والبيرة".

في حين يقول رئيس بلدية نعلين الأستاذ نادر الخواجا وهو عضو إدارة في المجلس المشترك لإدارة النفايات الصلبة على مستوى محافظة رام الله والبيرة: "منذ بضع سنوات ومشروع مكب رمون يمشي بخطوات بطيئة، المعيقات كثيرة، في النهاية كان قرار من مجلس الوزراء ومصادقة من مكتب السيد الرئيس لاستملاك الأراضي التي سيقام عليها المكب بسبب معارضة الأهالي في المنطقة وتحريض البعض على عدم بيع الأرض للقائمين على المشروع".

وهنا نترك السؤال الجوهري برسم الإجابة للقراء:  ما دام أهالي المنطقة في رمون يعارضون إنشاء مكب النفايات على أراضيهم فلماذا تم فرض المكب عليهم قسرا ومن خلال استملاك أراضيهم عبر ما يسمى الإدارة المدنية للاحتلال؟  

نشير هنا إلى أن مجلة آفاق البيئة والتنمية كانت قد فتحت ملف مكب رمون في ندوة حوارية خاصة نظمتها في أيلول 2012 ونشرت وقائعها في العدد 48 (تشرين أول 2012).




رام الله والواقع المأساوي

تصنف مدينة رام الله كأكثر محافظة تحتوي على مكبات عشوائية للنفايات، فبحسب مركز المعلومات الوطني يوجد في محافطة رام الله وحدها 73 مكب عشوائي في حين يوجد أكثر من 80 مكب عشوائي في بقية محافظات الضفة الغربية مجتمعة، وهذا بدورة ينعكس على الحياة اليومية للمواطنين وما ينتج عن هذه المكبات من تلوث، فنادرا ما تجد مكبا عشوائيا لا ينبعث منه الدخان والغازات السامة نتيجة الحرق.  وفي مواقع كثيرة قضاء رام الله، وبخاصة القرى الغربية، يمكننا بسهولة رؤية مكبات النفايات المحترقة التي تحرق بدورها حقول الزيتون المحيطة بها بسبب امتداد النيران المشتعلة نحو خارج المكبات العشوائية.




دير قديس والتلوث

يقول الفيزيائي في جامعة بيرزيت سامي ناصر من قرية دير قديس قضاء رام الله: "منذ مدة ونحن نعاني من مشكلة حرق مكبات النفايات في قريتنا والقرى المجاورة، بحيث أصبح الجو العام في القرية ملوثا، يمكن لأي شخص أن يلاحظ الدخان في كل ليلة خاصة مع اقتراب فصل الصيف وارتفاع الحرارة، وهذه الأدخنة والغازات ضارة وتسبب الأمراض، بالإضافة للرائحة الكريهة".

توجهنا بالسؤال لرئيس مجلس قروي دير قديس فارس ناصر عن سبب هذا التلوث فقال: "تواصلنا مع مجلس الخدمات المشترك في المحافظة ونأمل أن تحل المشكلة، نحن نعمل على أن يكون مكب طمر وليس حرق، فنحن لا نحرق المكب وإنما الأطفال ورعاة الأغنام والباحثين عن الخردة، ونحن نعمل باستمرار على طمر النفايات وقد اتصلنا بالدفاع المدني لإطفائه ولكنهم رفضوا".

ويوضح السيد عصام عياش مدير الدفاع المدني في نعلين سبب عدم استجابتهم للمجالس القروية في المنطقة لإطفاء المكبات:  "الإطفائية غير فعالة في مثل هذه الحالات، فهي لا توقف الدخان، ورغم ذلك توجهنا عدة مرات لمكبات مشتعلة وحاولنا إطفاءها والقضاء على الدخان لكن دون جدوى، رغم أن هذا خارج نطاق تخصصنا، لذلك ندعو البلديات والمجالس القروية إلى إيجاد حلول أخرى كطمر النفايات".

أما رئيس بلدية نعلين المجاورة لدير قديس الأستاذ نادر الخواجا فقال:" مشكلة حرق مكبات النفايات هي مشكلة عامة في عموم الوطن، فالمكبات العشوائية لا تعالج النفايات وإنما هي للجمع فقط، نحن نعتمد طريقة طمر النفايات وهي الطريقة الاسلم والمتاحة لنا حاليا، وعمليات الحرق خارجة عن إرادتنا".

وعن مستقبل هذه المكبات يقول الخواجا: "نحن في مناطق ج وبالتالي نخضع للسيطرة الاسرائيلية، وفي محيط المكبات يوجد طرق التفافية ومستوطنات وهناك تهديدات دائمة لنا كبلدية بسحب الآليات، لذلك نتمنى انجاز مشروع مكب رمون ليتم ترحيل النفايات إليه، نحن الآن نعتمد قاعدة كل أرض تشرب بللها؛ أي أن كل بلد تتحمل نفاياتها لحين وجود مكب صحي متفق عليه".

مخاطر حقيقية

تحتوي النفايات المنزلية على كثير من المواد البلاستيكية، بالإضافة للنفايات العضوية، ومع غياب أماكن فعالة لفصل النفايات وإعادة تدويرها فالنفايات بكل أنواعها تتجمع في هذه المكبات العشوائية.

يبين لنا الخبير البيئي جورج كرزم المخاطر الناتجة عن حرق مكبات النفايات: "يشكل حرق النفايات خطرا على الإنسان والبيئة المحيطة، فهذه النفايات تحوي كميات من البلاستيك وهو الاخطر عند الحرق كونه ينتج عنه جسيمات دقيقة تتطاير وبفعل الأكسدة تصبح سامة ويسبب تراكمها أمراضاً في الجهاز التنفسي، بالإضافة للغازات المنبعثة والتي تحتوي على الديوكسين وهو مركب مسرطن ويؤدي إلى فقدان المناعة ويؤثر أيضا على الجهاز التناسلي".

ويضيف كرزم: "عادة ما تكون عمليات الحرق في المكبات العشوائية غير مكتملة، وهذا ينتج عنه أول أكسيد الكربون الذي يمنع اتحاد الاكسجين مع الدم مما يؤثر على الدماغ والقلب. أيضا الملوثات الناتجة عن الحرق تترسب من الهواء إلى التربة والمزروعات ومن ثم يأكلها الإنسان والحيوان.  كما تترسب الملوثات من التربة إلى المياه الجوفية التي نشربها.  يضاف إلى ذلك العصارة السامة الناتجة عن تراكم النفايات والتي مع مرور الوقت تلوث الأراضي الزراعية وتتسرب إلى المياه الجوفية أيضا وتلوثها".