"عرفات - حياته كما أرادها".. الفصل الخامس-ح2:مجزرة تل الزعتر ودور نظام "الأسد"-من الذي تواطأ في اجتياح لبنان 82 ؟

"عرفات - حياته كما أرادها".. الفصل الخامس-ح2:مجزرة تل الزعتر ودور نظام "الأسد"-من الذي تواطأ في اجتياح لبنان 82 ؟
دنيا الوطن – ميسون كحيل
في الجزء الثاني من الفصل الخامس وبجراءة الكاتب المعروفة تناول الحديث عن مجزرة مخيم تل الزعتر الذي سقط شامخا أنذاك ودور سوريا وحافظ الأسد في هذه المجزرة بعد أن استنفر قواته السورية المتواجدة في لبنان لمنع قوات الثورة الفلسطينية من انقاذ المخيم وفك حصاره من قبل قوات الكتائب اللبنانية وحزب الأحرار اللبناني التابع لكميل شمعون.

وأظهر الكاتب المخضرم في هذا الفصل نقاط الخلاف السوري الفلسطيني وهدف الأسد في احتواء الثورة الفلسطينية والسيطرة عليها لنيل القبول الدولي الذي فشل به جراء تماسك القيادة الفلسطينية ومحافظتها وتمسكها بالقرار المستقل ولتعطي عملية دلال المغربي دلالة على عدم قدرة الأسد مصادرة القرار السياسي أو العسكري ما أدى إلى اضطرار اسرائيل بعد فشل الأسد أن تقوم بعملية واسعة في في الجنوب اطلق عليها عملية الليطاني. ومر الكاتب على مجمل الأحداث التي مرت على الثورة الفلسطينية من عام 1973 والتي بدأت بعملية فردان إلى اجتياح عام 1982 وما بينهما وبعدهما من مجاز بحق الشعب الفلسطيني والانشقاق الفتحاوي بقيادة أو موسى وأبو خالد العملة وصالح وغيرهما بإشراف ودعم الأسد وفرقه الخاصة .

 رغم ذلك ورغم استشهاد سعد صايل أبو الوليد واغتياله أكد أحمد عبد الرحمن أن الأسد لم ينجح  في احتواء الثورة والقرار الفلسطيني. ورغم الخروج من بيروت التي سيتحدث عنها الكاتب في الفصل السادس فإن له فيها رأي.

 
الفصل الخامس / الجزء الثاني


وهنا لا بد من التوقف عند مجزرة مخيم تل الزعتر، التي يتحمل مسؤوليتها حافظ الأسد الذي منع قوات الثورة من الوصول إلى المخيم المحاصر لإنقاذه، وارتكبت الكتائب ونمور كميل شمعون مجزرة تل الزعتر التي راح ضحيتها أكثر من ثلاثة آلاف فلسطيني يوم 12/8/1976، إلا أن هذه المجزرة البشعة والمؤلمة لم تؤدِّ إلى إضعاف الثورة أو سيطرة قوات حافظ الأسد على لبنان، وكان المحك لكل هذه الأدوار الخارجية ضد الثورة هو هل تم تقييد دور الثورة أم أنها تواصل مقاومتها ضد إسرائيل؟ وثبت أن دخول الأسد إلى لبنان قد أنقذ المعادلة اللبنانية من السقوط، إلا أنه فشل في احتواء الثورة أو تقييد دورها ضد إسرائيل في إطار سياسته القائمة على تجميع الأوراق لتقوية نظامه، حتى أصابه الغرور والغطرسة يوم أطلقت عليه الصحافة الأجنبية بأنه «أسد الهلال الخصيب»، وما دام المقياس لدور الأسد هو احتواء الثورة ومصادرة قرارها العسكري والسياسي، فإن عملية الشاطئ أو ما يطلق عليه في أوساطنا الفدائية عملية كمال عدوان أو عملية دلال المغربي في (11/3/1978) قد أفشلت الرهان على دور الأسد، ولم يبقَ أمام إسرائيل غير القيام بعملية واسعة النطاق في الجنوب وهي عملية الليطاني والتي بدأت في 14/3/1978، حيث احتلت القوات الإسرائيلية كل منطقة جنوب نهر الليطاني، وقد استمر الهجوم سبعة أيام وأقامت منطقة عازلة بعمق (10) كم في الجنوب.  وقد أصدر مجلس الأمن القرار الشهير (425) الذي دعا إلى انسحاب القوات الإسرائيلية، كما جرى تشكيل قوة (اليونيفيل) لتنفيذ هذا القرار، إلا أن إسرائيل شكلت قوة عميلة بقيادة سعيد حداد أسمته جيش لبنان الجنوبي، وبعد سعد حداد تسلم القيادة (أنطوان لحد)، إلا أن كل هذه الإجراءات لم تعزل قوات الثورة وتصرف أبو عمار كأن شيئاً لم يكن، وكانت المخيمات في الجنوب قواعد الارتكاز التي يقيم فيها ويتحرك فيها ضد إسرائيل.

والخلاصة أن هذه السنوات من عام 1973، الذي ارتكبت فيه إسرائيل جريمة الفردان واستشهاد القادة الثلاثة (كما عدوان وأبو يوسف النجار وكمال ناصر) وحتى كل هذه الأحداث العاصفة على مدى عشر سنوات لم تؤدِّ مطلقاً إلى القضاء على الثورة، وصحيح أن التضحيات التي قدمها اللاجئون والفدائيون فاقت كل تصور، فإسرائيل تدمر مخيم النبطية وتقصف البرج الشمالي والمية ومية والبص وحتى عين الحلوة، والكتائب تقترف مجزرة تل الزعتر وجسر الباشا، وهناك المجزرة الأكثر بشاعة إنها مجزرة صبرا وشاتيلا (في أيلول 1982)، وبعد ذلك هناك جريمة الانشقاق وضرب مخيم نهر البارد ومخيم البداوي بالمدافع والصواريخ، وآخر الجرائم جريمة (فتح الاسلام) في مخيم نهر البارد الذي هجر ودمر نتيجة هذه المؤامرة التي يقف وراءها بشار الأسد، وما دامت كل هذه المحاولات لم تنجح، فلم يبقَ غير الاجتياح العسكري الإسرائيلي للبنان في  (حزيران 1982)، وقد تواطأ بشير الجميل وسركيس (رئيس الجمهورية) مع شارون (الذي كان آنذاك وزير الدفاع في إسرائيل)، وأخيراً وبعد صمود 88 يوماً مجيدة في تاريخنا وكان قائدها أبو عمار، كان لا بد من مغادرة بيروت إلى تونس.  حيث مقر الجامعة العربية وإلى الأقطار العربية التي استضافت قوات الثورة الفلسطينية، والأهم أن هذا الوضع الجديد وأعني توزيع قوات الثورة في عدة أقطار بعيدة عن فلسطين وعن ممر الماراثون، لم يؤثر في إصرار أبو عمار على مواصلة الثورة والمقاومة ضد إسرائيل، وعودة الفدائيين إلى أرض المعركة في جنوب لبنان، ورغم كل المحاولات الرامية لمنع عودة الفدائيين إلى المخيمات سواء في بيروت أو الجنوب أو الشمال، فإن الفدائيين والمنظمة وفتح وباقي الفصائل موجودة في كل المخيمات الفلسطينية في لبنان، والفضل كل الفضل يعود إلى هذا العناد التاريخي ولهذا الإصرار المنقطع النظير على البقاء والمقاومة ضد إسرائيل، وهذه الرسالة التي كتبها أبو عمار على أرض الشرق الأوسط وترك بصماته في كل شبر من هذه الأرض، ستظل رايتها ترفرف حتى استعادة وطننا فلسطين.



"عرفات - حياته كما أرادها".. الفصل الثالث-ح2: قصة سفينة السلاح من "هونيكر" لياسر عرفات وكيف رد له الجميل أبو عمار

التعليقات