وفد طلبة جامعة النجاح الوطنية ينظم زيارة الى سلسلة من المواقع التاريخية في مدن في المملكة الاسبانية

وفد طلبة جامعة النجاح الوطنية ينظم زيارة الى سلسلة من المواقع التاريخية في مدن في المملكة الاسبانية
رام الله - دنيا الوطن
زار وفد طلبة جامعة النجاح الوطنية سلسلة من المواقع التاريخية والثقافية والأكاديمية والاجتماعية في مدن غرناطة وقرطبة واشبيلية وبرشلونة في المملكة الاسبانية واستمرت زيارتهم عشرة أيام تم خلالها تعريف الطلبة على المراحل التاريخية للحكم الاسلامي للأندلس والمواقع الجغرافية التي خضعت لهذا الحكم طيلة ثمانية قرون.

نظم الزيارة برنامج زاجل للتبادل الشبابي الدولي التابع لدائرة العلاقات العامة في الجامعة والتي شارك بها اربعة وعشرون طالباً من مختلف كليات الجامعة وذلك للتعرف على التاريخ العربي الاسلامي في الاندلس والمشاركة بجولة ثقافية للتعرف على معالم الحضارة الاسلامية في المدن الاندلسية، حيث تم التعرف على الموروث الثقافي والفكري والأدبي العربي والإسلامي في الاندلس من خلال زيارة المواقع الهامة في التاريخ الاندلسي والتعرف على التجربة العربية الاسلامية في الاندلس وأسباب نجاحها وفشلها وسبل الاستثمار السياحي للمدن القديمة والتدرب على توظيف الموروث الثقافي والتاريخي في عملية البناء الاقتصادي.

زار وفد الطلبة حي البياثين المتبقي من العهد الاسلامي في غرناطة بني نصر حيث نظمت الزيارة للمدينة احدى المتطوعات الاندلسيات اللواتي شاركن بأحد مخيمات برنامج زاجل قبل عدة سنوات والتي عرفت الوفد على ملامح العمارة الاسلامية والتاريخ الاسلامي بالحي والجهود التي بذلت لإنشاء أول مسجد بالمدينة منذ خروج المسلمين من المدينة ليلة سقوط غرناطة منذ خمسة قرون. كما تمت زيارة مجرى نهر الحدرة والحمامات الاسلامية وخان الفحم الذي يعود للعهد الموحدي وكاثيدرائية غرناطة التي بنيت على أنقاض مسجد غرناطة القديم وحديقة مستشفى غرناطة المقامة على مقبرة اسلامية ومدرسة غرناطة المقامة في عهد دولة الموحدين والتي تعتبر أول جامعة بالمدينة. من جهة أخرى، قدمت احدى المتطوعات الاسبانيات والتي أنجزت رسالة الماجستير في جامعة النجاح مؤخراً شرحاً عن اقليم الباسك ونبذة عن الصراع التاريخي في الاقليم ومسيرة السلام بين سكان الاقليم والحكومة المركزية في مدريد. واستكملت زيارة غرناطة بزيارة جنة العريف وقصر غرناطة وحي  القصبة والمناطق المحيطة بجبل سبيكة الذي بني عليه القصر والذي تم اعداده بشكل دفاعي لحماية المدينة طيلة قرنين من صمودها كآخر قلعة للمسلمين في الاندلس كما حضر الطلبة عرضاً فنياً للرقص الشعبي الاندلسي (الفلامنكو) والذي يعتبر مزيجاً من التراث العربي والغجري والاسباني).

وفي قرطبة صقر قريش زار الطلبة مسجدها المسمى بمسجد الكاثيدرائية والذي بناه عبد الرحمن الداخل وكان بمثابة جامعة لتلقي العلوم وعقد جلسات النقاش والحوار التي قصدها الباحثون عن العلم من مختلف البلدان الاوروبية والإسلامية. كما تمت زيارة قنطرة قرطبة المقامة منذ عهد الخليفة عمر بن عبد العزيز ومتحف محاكم التفتيش في البلدة القديمة في قرطبة والذي يقدم مجموعة كبيرة من وسائل التعذيب التي استخدمت بعد سقوط الاندلس لمعاقبة من يثبت التزامه بالدين الاسلامي وعدم جديته بالتحول للكاثوليكية بعد فرض التنصير الاجباري. وتضمنت زيارة قرطبة جولة في البيت المدجن والذي قدم نموذجاً للعمارة المزيج من الفن الاسلامي والكاثوليكي. وكلية الفلسفة بجامعة غرناطة وبيت التراث العربي الذي تديره ابنة يافا سلمى غارودي زوجة الفيلسوف الفرنسي اليهودي روجيه غارودي والذي أسلم لاحقاً وأسس هذا البيت لتعزيز صورة الاسلام في الوعي الغربي من خلال تقديم رؤية موضوعية وتراثية للدين الإسلامي حيث احتوى البيت المقام في حي اليهود في البلدة القديمة في قرطبة على زاوية للتراث الفلسطيني. وكذلك تمت زيارة القلعة الحرة التي تقدم رؤية معتدلة للأديان السماوية من خلال البحث عن نقاط الالتقاء التي تجمع الاديان وتعزز تواصلها الانساني والحضاري وذلك من خلال تقديم نموذج التعايش الاندلسي الذي ساهم ببنائه جميع أبناء الاندلس من مختلف الاديان.

وفي مدينة برشلونة التي خضعت للحكم الاسلامي لفترة قصيرة نسبياً تعرف الطلبة على فن العمارة في كاتالونيا والذي غلبت عليه مدرسة المهندس غاودي الذي طبع المدينة بطابعة المميز والغريب في فن العمارة كما زار الطلبة متحف بيكاسو والذي يضم أكبر مجموعة من لوحات الفنان الاسباني بابلو بيكاسو والذي يعتبر أكثر المتاحف شعبية وزيارة حيث تم تعريف الطلبة على دور الفن في صناعة السياحة والترويج السياحي للمدن بالإضافة الى دوره في التربية والتعليم والتثقيف وصقل الشخصية للمواطن بغض النظر عن عمره الزمني. وتضمنت زيارة برشلونة لقاءً في مؤسسة العمل التطوعي العالمية الشريك الرئيس لبرنامج زاجل في كاتالونيا حيث قدمت مديرة المؤسسة عرضاً لأهم الانشطة الانسانية التي يتم تقديمها لمختلف الشعوب في حوض المتوسط وذلك في المجالات الاجتماعية والإنسانية والتعليمية من خلال ارسال المتطوعين الدوليين لمختلف البلدان. هذا بالإضافة الى زيارة حديقة برشلونة الوطنية ومنتجع الكائنات البحرية وجامعة برشلونة وأسواقها التراثية والثقافية وملعب نادي برشلونة الرياضي ومينائها والتجول في احيائها بالحافلة السياحية للتعرف على مختف المرافق العامة. كما تضمنت الزيارة لقاءً تشجيعياً للمتطوعين الكاتالونيين الذين زاروا جامعة النجاح الوطنية مؤخراً والذين ينظمون حملة لتشجيع المؤسسات الكاتالونية على تسهيل دخول اللاجئين السوريين الى برشلونة.

وفي اشبيلية تمت زيارة بلدتها القديمة وبرج الفطر وكاثيدرائية اشبيلية المقامة على مسجدها والتي تجاورها منارة مسجد اشبيلية الاعلى في العالم الاسلامي القديم والتي يصل طولها الى مائة متر. وبرج الذهب الذي بني في العهد الاسلامي لحماية مدينة اشبيلية من الأعداء والذي ُحول الى متحف يقدم مواد تعود للعهد الاستعماري الاسباني في الامريكيتين حيث تم تقديم الشرح عن دور الموريسكيين (المسلمين المتنصرين غصباً) في استكشاف امريكا وأثرهم في فن العمارة في امريكا اللاتينية. هذا وقد تم تنظيم جولة ميدانية في شوارع اشبيلية عاصمة الاندلس على دراجات السيجواي وكذلك الامر في قرطبة لإتاحة الفرصة لزيارة أكبر قدر من الاحياء التراثية المتناثرة في مختلف ارجاء الاندلس.

بدورهم قام الطلبة بإعداد برنامج ثقافي عن المواقع التاريخية الاسلامية حيث قدم كل منهم موجزاً عن موقع من المواقع التي تمت زيارتها حيث تم تصميم برنامج زيارة الاندلس على هيئة مشروع تدريبي لتدريب الطلبة على تنظيم الانشطة والفعاليات إذ تم تقسيم الطلبة الى لجان مختلفة وفقاً لمتطلبات الرحلة واحتياجاتها الفنية والثقافية. كما قام الطلبة بإنشاد قصيدة موطني في ساحة قصر الحمراء وهم يرفعون علم جامعتهم في مقاربة بين الماضي والحاضر، مقاربة تمتد من فلسطين الى الاندلس واللتان عاشتا نكبة لا زالت جراحها مفتوحة رغم مرور الزمن.

الطالبة آلاء الديك عبرت عن غبطتها بزيارة الاندلس فقالت (عليك أن تتجه الى بلاد الأندلس كي تستقيم لديك البوصلة وتتعزز ثقتك بعروبتك واسلامك فكل ما في الاندلس ينطق ويشير إلى التاريخ. رأينا حجارة شامخة بذكرى المسلمين الذين لم يمروا مروراً عابراً بالتاريخ بل رسخوا وجودهم بحضارة لا زالت البشرية تفك رموزها. ظهر لنا ذلك في الدقة والجهد المبذول والوقت الطويل المستغرق في بناء المعالم الحضارية المكتظة بالتفاصيل).