المطران عطا الله حنا : " نريد ان تكون فلسطين خالية من عقوبة الاعدام التي تتناقض وقيمنا الاخلاقية والانسانية "

رام الله - دنيا الوطن
تناقلت وسائل الاعلام المحلية خلال الايام المنصرمة اخبارا تفيد بأن هنالك احكاما للاعدام سوف تطبق خلال الايام القادمة في غزة وحول هذا الموضوع قال سيادة المطران عطا الله حنا رئيس اساقفة سبسطية للروم الارثوذكس بأننا نود توضيح موقفنا من موضوع الاعدام وهو موقف رافض ومندد بهذه العقوبة التي نعتبرها مناقضة لقيمنا الاخلاقية والايمانية والانسانية ، وبناء على ذلك فاننا نقول :  اننا نرفض تطبيق حكم الاعدام سواء كان هذا في غزة او في غيرها من الاماكن وذلك لاعتبارات اخلاقية بالدرجة الاولى واعتقادا منا بأن خالقنا هو الله تعالى وهو سيد الحياة والموت ولا يحق لاحد مهما كانت صفته ان يضع حدا لحياة انسان تحت اية ذرائع او تبريرات .
ان عقوبة الاعدام تتناقض والمعايير الاخلاقية التي من واجبنا ان ننادي وان نتمسك بها " وانا هنا لا اقلل من خطورة الجرائم التي ارتكبها المحكوم عليهم بالاعدام " ولكنني اعتقد بأن المعالجة يجب ان لا تكون من خلال تطبيق عقوبة الاعدام ، بل هنالك وسائل اخرى للعقاب اكثر نجاعة وانسانية ورقيا .
ان فلسطين الارض المقدسة التي انطلقت منها الديانات التوحيدية الثلاث ، انها البقعة المقدسة من العالم التي تلتقي فيها الديانات ويلتقي فيها الموحدون لكي يكرسوا القيم المشتركة التي توحدهم ، والقيم التي تجمعنا هي اكثر بكثير من الامور قد نختلف حولها.
ان فلسطين الارض المقدسة تتميز عن باقي دول العالم ، اذ انها بقعة تقدست وتباركت بتجسد محبة الله للانسان ، انها بقعة عاش فيها الانبياء والقديسون والصديقون والشهداء، انها ارض قداسة وارض رسالة روحية وحضارية وايمانية واخلاقية يجب ان تتميز بها وان تحافظ عليها .
نريد ان تكون فلسطين مميزة بقيمها وبرسالتها الانسانية وكذلك في رقيها ومدينيتها وديمقراطيتها ، نريدها ان تكون خالية من عقوبة الاعدام ، ووجود هذه العقوبة في دول عربية واسلامية مجاورة لا يمكن بأي شكل من الاشكال ان يبرر وجودها في فلسطين .
فلسطين الارض المقدسة التي يناضل ابنائها من اجل الحرية والكرامة واستعادة الحقوق والتي قدمت الشهداء والمناضلين وما زالت تقدم من دماء ابنائها الزكية من اجل الحرية والعودة وتحقيق امنيات وتطلعات شعبنا ، هذا الشعب الذي قدم كل هذه التضحيات يستحق ان تكون عنده دولة متميزة اخلاقيا وانسانيا وحضاريا ومدنيا وديمقراطيا .
علينا ان نشطب عقوبة الاعدام من قاموسنا وبدل من تكريس ثقافة الانتقام والموت ان نسعى من اجل تكريس ثقافة الحياة والرقي الانساني والفكري والاخلاقي ، فكفانا ما حل بنا من نكبات ونكسات وما زلنا نعيشها حتى اليوم بسبب الاحتلال وممارساته الظالمة . فلنواجه همجية الاحتلال ودمويته بالرقي الانساني والحضاري لاننا بهذه الوسائل يمكننا ان نرسل رسالة فلسطين الحقيقية الى كل مكان في هذا العالم .
ان رقعة اصدقاء فلسطين في العالم تتوسع يوما بعد يوم والعالم بأسره بدأ يدرك جسامة الظلم الواقع على شعبنا ، وان المجموعات العالمية المتضامنة مع فلسطين منتشرة في كل القارات لانهم يعتقدون " وهم محقون في هذا الاعتقاد " بأن قضية الشعب الفلسطيني هي قضية انسانية بإمتياز وهي قضية شعب مظلوم يجب ان يزول عنه هذا الظلم ، ولذلك وجب علينا جميعا ان نعطي صورة راقية ومعبرة عن اصالة قضية شعبنا وعن بهاء وقدسية هذه الارض المقدسة ورسالتها الانسانية والروحية والحضارية.
بدلا من تطبيق عقوبة الاعدام فليكن هنالك سعي من اجل معالجة الكثير من القضايا الاجتماعية والسلوكية والثقافية والاقتصادية التي تحتاج الى معالجة في مجتمعنا الفلسطيني وعلينا معا وسويا ان نكرس ثقافة انسانية مرتكزة على القيم الحضارية والانسانية والدينية والاخلاقية التي تنادي بها ادياننا التوحيدية .
كفى لثقافة عقوبة الاعدام الهمجية وكفى لثقافة الموت والقتل ، ونعم لثقافة الحياة، نتمنى من اخوتنا المسؤولين في غزة الذين لا نشكك بوطنيتهم وانتماءهم لهذه الارض ، غزة التي تستحق منا ان نتضامن معها دوما وهي التي تعرضت وما زالت تتعرض لحصار ظالم انهك شعبها وجعل الكثيرين منهم يفقدون الامل بالحياة اقول: اتمنى من المسؤولين في غزة ان يعيدوا النظر في قرارهم بتنفيذ احكام الاعدام التي لا يمكن تبريرها وقبولها بأي شكل من الاشكال .
فلتكن رسالة غزة بإسم فلسطين الى كافة ارجاء منطقتنا العربية والى كافة شعوب العالم، بأننا شعب يحاصر ويظلم ويعذب وبالرغم من آلامنا ومعاناتنا نحن نعشق الحياة ونحترم الكرامة الانسانية .