"عرفات - حياته كما أرادها".. الفصل الخامس-ح1:كيف ساهمت فتح في حرب أكتوبر؟وجهود جمال عبدالناصر بإبرام اتفاق القاهرة

"عرفات - حياته كما أرادها".. الفصل الخامس-ح1:كيف ساهمت فتح في حرب أكتوبر؟وجهود جمال عبدالناصر بإبرام اتفاق القاهرة
دنيا الوطن ـ ميسون كحيل

جمر ولهيب ونار عنوان الفصل الخامس من كتاب عرفات حياته كما أرادها وقد حددها الكاتب أحمد عبد الرحمن سنوات الجمر والنار من عام 1973 ولغاية 1982 . 
إذ تناول في هذا الفصل مشاركة الفدائيين الفلسطينيين ودورهم على جبهات القتال في جبهتي سيناء والجولان مع الجيوش العربية التي شاركت في حرب عام 1973 . 
إضافة إلى تعليمات وقرارات وأوامر عرفات التي وجهها إلى قوات الثورة الفلسطينية في كل مكان وعلى الحدود مع لبنان لفتح النار على الإسرائيليين أينما تواجدوا على الأراضي العربية المحتلة. وأكد الكاتب على أن عرفات وبشكل متوازي استمر سياسيا العمل على نيل الاعتراف العربي كاملا غير منقوص بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني حتى نال ما سعى اليه في قمة الرباط رغم ما حملته هذه الفترة من شوائب واعتقالات تمت على يد الأمن المغربي لبعض الفلسطينيين ممن كانوا ضمن مهمة أمنية عسكرية عدم نجاحها أدى أيضا إلى نجاح الأهداف الرئيسية للعملية.
عرج الكاتب في هذا الفصل إلى مجموعة من الاتفاقات التي ابرمت مع الجانب اللبناني خاصة عام 1969 وبجهود جمال عبد الناصر الذي ساهم في توقيع اتفاق القاهرة حقق تحرير المخيمات من المكتب الثاني والفرقة 16 والشرطة اللبنانية وإنشاء الكفاح المسلح لحفظ الأمن والنظام في المخيمات كما نص الاتفاق على حرية العمل الفدائي ضد اسرائيل . واشار الكاتب إلى تغيير في المعادلة اللبنانية ودور الرئيس اللبناني أنذاك سليمان فرنجية في الغاء اتفاق القاهرة إلا أنه فشل لتبدأ مرحلة جديدة من المؤامرة على الثورة الفلسطينية بمجزرة عين الرمانة التي وبسببها اندلعت شرارة الحرب الأهلية في لبنان.

الفصل الخامس- الجزء الاول 

سنوات الجمر والنار
1973-1982 


في حرب أكتوبر 1973، نجح أبو عمار في ترسيخ وجود ودور الثورة الفلسطينية طرفاً فاعلاً يجب أن يحسب حسابه في السلم والحرب، وفي الحقيقة فإن أبو عمار أرسل قوة من الفدائيين إلى الحرب في جبهة سيناء، وفي الجولان كان لقوات الثورة دورها المشهود في مواجهة القوات الإسرائيلية، أما في جبهة الجنوب فقد أمر أبو عمار كل قوات الثورة ومن كل الفصائل إلى فتح النار وبكل الأسلحة على المستعمرات الصهيونية في الجليل الفلسطيني، وفي الداخل في غزة والضفة والقدس.  فقد حرك أبو عمار كل الخلايا التنظيمية في فتح للقيام بكل تحرك جماهيري ومقاوم لإرباك القوات الإسرائيلية.  وفي هذا المجال كان يوجه رسائل لقواته وللأرض المحتلة، بأن هذه الحرب هي حرب لتحرير أرضنا الفلسطينية، ويجب أن نثبت وجودنا في كل المواقع وكل الجهات، وكسب أبو عمار الرهان واعترفت بدورة القمة العربية في الجزائر بعد الحرب مباشرة، حين أشادت بدور الثورة الفلسطينية في الحرب وقررت أن تتلقى المنظمة -باعتبارها الطرف الثالث في الحرب بعد مصر وسوريا- الدعم المادي من القمة. 

 وكعادته لا يكتفي أبو عمار بما يحصل عليه بل يطرق كل باب بحثاً عن الاعتراف العربي بدور المنظمة، وهنا أصدرت قمة الجزائر (28 نوفمبر 1973) قرارها الاعتراف بالمنظمة باعتبارها الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني، واعتبره أبو عمار قراراً متقدماً لتحجيم الوصاية ولكنه يطلب المزيد، ولم يهدأ له بال حتى حصل من القمة العربية في الرباط (13/11/1974)على كلمة « والوحيد « بعد وصف المنظمة بأنها الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني، وعلى هامش القمة اعتقلت الشرطة المغربية أبو محمد العمري وأبو رجائي وأبو هشام وأربعة عشر فدائياً، وكان هدف العملية اغتيال الملك حسين أثناء انعقاد القمة في الرباط.  وبحنكته وخبرته الطويلة احتوى الملك الحسن الثاني هذه العملية ونجحت القمة وأصدرت القرارات التي اقترحها أبو عمار حول الاعتراف بالمنظمة باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني. 

وكالعادة، فالمنظمة هذا اللاعب الطارئ والخطير في الشرق الأوسط يكاد يتحكم في قرارات وسياسات دول المنطقة سواء بالصدام العسكري أو السياسي، وكان معروفاً أن «أبو عمار» لا يترك شاردة ولا واردة لها صلة بقضيته إلا ويتدخل ويضغط ويحرص حتى يربك حسابات القوى السائدة في المنطقة، والتي أخذت ترى في وجود أبو عمار وثورته كابوساً وخطراً على الاستقرار، بحكم ارتباط الثورة وأبو عمار شخصياً بالجماهير والشعوب العربية، إنه يقاوم ويحارب إسرائيل وهذا الدور الوطني والقومي كفيل بإعطائه هذا الدعم الشعبي، وهذه الشعبية الجارفة على حساب حكام الكيانات العربية التي يعمل داخلها أبو عمار وثورته، ورغم أيلول الأسود (1970) في الأردن تبقى خلايا الثورة تعمل ضد إسرائيل وكذلك من جبهة الجولان، وأما لبنان فالفضل يعود لعبد الناصر الذي دعم توقيع اتفاق القاهرة (1969) بين أبو عمار وأميل البستاني، وفيه تحقق لأبو عمار أمران، الأول: تحرير المخيمات من المكتب الثاني والفرقة «16» والشرطة اللبنانية.  وأنشأ أبو عمار «الكفاح المسلح» لحفظ الأمن والنظام في المخيمات، وأما الأمر الثاني: فهو حرية العمل الفدائي ضد إسرائيل من جبال العرقوب (فتح لاند)، وقد امتدت هذه الحرية أخيراً حتى شملت صور وصيدا والنبطية ومرج عيون، ومن جنوب صور قصفت المدفعية الفلسطينية وصواريخ الغراد المعدلة، المستعمرات الإسرائيلية.

 إلا أن هذا النفوذ وهذا الدور الذي يضطلع به أبو عمار وثورته في لبنان، قد أخذ يمس المعادلة اللبنانية في الحكم وفي الاقتصاد وفي العلاقات الخارجية، ولهذا تحرك سليمان فرنجية وهو رئيس الجمهورية اللبنانية حينذاك لإلغاء اتفاق القاهرة، وقد فشل في هذا المسعى، وبعده تحرك حزب الكتائب بعد أن وجد في إسرائيل حليفاً ضد أبو عمار وثورته، وفي 13 نيسان 1976، ارتكب هذا الحزب مجزرة عين الرمانة التي أشعلت الحرب الأهلية والتي استمرت خمسة عشر عاماً حتى توقيع اتفاقية الطائف برعاية السعودية عام 1990، وللتاريخ يجب أن نوضح أن «أبو عمار» لم يكن يوماً مع الصدام في الساحة العربية، كان يسعى جاهداً لعدم انجرار أي نظام عربي وراء المحاولات الخارجية للقضاء على الثورة الفلسطينية، وفي نفس الوقت كان أبو عمار بارعاً ومعلماً حقاً في حفظ بقائه على الأرض العربية والتوجه من هناك ضد إسرائيل التي تحتل وطنه. 

وبسبب مجزرة عين الرمانة اندلعت الحرب الأهلية ورغم موقف أبو عمار الحذر، فقد دخلت الفصائل هذه الحرب ومنها فتح، ولكن في عام 1976 تدخل حافظ الأسد ضد الثورة بعد أن رجحت كفة الصراع الداخلي لصالح الثورة والحركة الوطنية اللبنانية. 


"عرفات - حياته كما أرادها".. الفصل الثالث-ح2: قصة سفينة السلاح من "هونيكر" لياسر عرفات وكيف رد له الجميل أبو عمار

التعليقات