المؤتمرات غير كافية لحماية التراث الأثري العالمي المهدد

المؤتمرات غير كافية لحماية التراث الأثري العالمي المهدد
رام الله - دنيا الوطن
فرض الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند على قادة مجموعة الدول السبع الكبرى الخوض في موضوع الاعتداءات التي تطال المواقع والممتلكات الثقافية الأثرية في العالم بسبب الحروب والنزاعات والإرهاب خلال قمتهم الأخيرة التي عقدت في اليابان. واقترح عليهم خلال القمة تنظيم مؤتمر دولي بالإمكان عقده نهاية العام الجاري على هامش افتتاح متحف اللوفر في أبو ظبي.

وبالرغم من أن بعض المختصين في شؤون التراث الأثري رحب بالمقترح، فإن أغلبهم يرى اليوم أنه لا يمكن انتظار نتائج ملموسة من خلال قمم مجموعة الدول السبع الكبرى ومن خلال تنظيم مؤتمر دولي حول سبل حماية التراث الأثري الذي يعد بحق جزءا من ذاكرة الإنسانية كلها. فهذه القمم تظل مجرد لقاءات يشارك فيها كبار قادة العالم للتباحث في قضايا ساخنة كثيرا ما تكون مواقفهم بشأنها متباعدة أو متناقضة. وليس هؤلاء القادة ملزمين باتخاذ قرارات حاسمة أو حتى مبدئية على إثر مثل هذه القمم.

أما بشأن عقد مؤتمر عالمي حول سبل حماية الذاكرة الأثرية المنهوبة زمن الحروب والنزاعات وتنامي الأنشطة الإرهابية لاسيما في البلدان التي يتحرك فيها تنظيم " الدولة الإسلامية"، فإن أغلب خبراء هذه الذاكرة يرون أن اقتراح الرئيس الفرنسي يوشك على أن يكون تكرارا لمؤتمرات وندوات إقليمية سابقة حول الموضوع ذاته ظلت توصياتها حبرا على ورق.

وما يزعج كثيرا خبراء الممتلكات الثقافية الأثرية في هذا الشأن، أن الأطراف الفاعلة القادرة على الحد من نهب هذه الممتلكات أو تدميرها تساعد بأشكال مختلفة الشبكات المتخصصة في مثل هذه الأنشطة على الاستمرار فيها.

وتتحمل الدول الكبرى جزءا هاما من مسؤولية نهب الممتلكات الأثرية لبيعها في السوق العالمية. فغالبية تشريعاتها المتصلة بالموضوع تساعد المتاجرين بالذاكرة الأثرية بدل المساعدة على التصدي لهم. وهي مثلا حال التشريعات الفرنسية والأمريكية. ومن حلقاتها الضعيفة مسألة التثبت من منشأ الممتلكات التي تباع في المزاد العلني في باريس أوفي المدن الأمريكية المتخصصة في سوق الممتلكات الثقافية الأثرية. وفي هذا السياق قدمت تقارير دقيقة أكثر من مرة في مؤتمرات وندوات عقدت بإشراف منظمة اليونسكو أو المنظمة الدولية الأم أي منظمة الأمم المتحدة وخلصت كلها إلى أنه ما كان بإمكان تنظيم "الدولة الإسلامية" أن يجعل من مبيعات الآثار المنهوبة مصدرا أساسيا من مصادر تمويل أنشطته المدنية والسياسية والأيديولوجية والعسكرية والإرهابية لو لم يكن الإقبال كبيرا على هذه الممتلكات في البلدان الغربية و لو لم تقصر الدول ذاتها في إجراءات كثيرة كان بالإمكان أن تتخذ وأن تحمي هذا التراث.

قصارى القول إن خبراء التراث الأثري الذي تتهدده الحروب والنزاعات والأنشطة الإرهابية يلحون اليوم على ضرورة التحرك للقيام بمبادرات فعلية حتى وإن كانت متواضعة بدل الاستثمار في المؤتمرات. وهم يستدلون في هذا الشأن بمثلين اثنين هامين هما تجربة صدرت عن منظمات المجتمع المدني في بعض دول أوروبا الغربية وتجربة مصدرها السلطات السويسرية.

فهذه المنظمات استطاعت مساعدة سكان مدن وبلدات سورية على الحد من تدمير عدد من القطع الفنية الأثرية من خلال إخفائها. وسويسرا تبرعت بمبلغ مالي سمح بوضع ألف وأربع مائة قطعة فنية أثرية أفغانية في متحف سويسري آمن طوال الفترة الممتدة من عام 1999 إلى عام 2007 حيث أعيد نقلها إلى أفغانستان ووضعها في المتحف الوطني. ولولا هذه المبادرة لكانت القطع كلها قد أتلفت أو بيعت من مقبل حركة طالبان

التعليقات