عبد العال: الثقافة جمال وقوة وافتخار وتوازن وتباه ومجد

عبد العال: الثقافة جمال وقوة وافتخار وتوازن وتباه ومجد
رام الله - دنيا الوطن
في أجواء احتفالية، ولمناسبة الذكرى الثامنة والستين لنكبة فلسطين، والذكرى التاسعة لنكبة نهر البارد، نظّم الملتقى الأدبيُّ الثقافيّ الفلسطيني مهرجان تكريم الإبداع الفلسطيني بعنوان "فلسطين سيدة الأدب والإبداع"، في صالة نايت ستار في منطقة المحمرة، بالقرب من مخيم نهر البارد، وذلك يوم الأربعاء الواقع فيه 25-5-2016.

افتتح الحفل بالنشيدين اللبناني والفلسطيني، ومن ثم تحدث أمين سرّ الملتقى ونائب رئيسه، عريف المهرجان الأستاذ الشاعر هشام يعقوب عن الملتقى ورسالته، وقال: إن الملتقى تأسس منذ العام 2000 ويهدف للارتقاء بالحالة الأدبية والثقافية في الواقع الفلسطيني، وبيّن أن الهدف من هذا المهرجان هو إبراز أن الشعب الفلسطيني بعد سنوات النكبة الطويلة كسر معادلة الخضوع لسطوة الظلم والظلام، وبرزت فيه قامات رفيعة تميزت في مختلف مجالات الإبداع ورفعت اسم فلسطين عاليًا، وانتصرت في معركة الذاكرة والوعي. ثم كانت فقرة التكريم التي استُهلّت بتكريم الأستاذ الأديب حسين لوباني الداموني صاحب عشرات المؤلفات في التراث والأدب، وقد أرسل كلمة تلاها بالنيابة عنه الأستاذ الشاعر عبد المحسن محمد بعدما حال المرض دون حضوره، كما تسلمت الأستاذة تيريز داود درع التكريم بالنيابة عنه. وفي كلمته، شكر اللوباني الملتقى على مبادرته، وقال: "أعدكم أن أحبكم أكثر يوم تحبون فلسطين أكثر".
ثم كُرّم الدكتور الأديب، والمحقق صلاح الدين الهواري الذي بلغ مجموع مؤلفاته في النقد والتحقيق والمراجعة والتأليف نحو ثمانين كتابًا، في مجالات اللغة والأدب والتاريخ ودواوين الشعر والفلسلفة والتراجم..إلخ. ووجه الهواري رسالته إلى كل أديب واعدًا بأن يهتمّ باللغة العربية، ويصونها وأن ينسجم مع ثقافة أمتنا الأصيلة.

كما كُرّم الأستاذ الشاعر مروان الخطيب الذي صدر له نحو سبعة مؤلفات شعرية وأدبية ونقدية، فضلًا عن خمس مخطوطات فقدت جرّاء نكبة نهر البارد عام 2007. وألقى الخطيب قصيدة بعنوان "عُدْ ملاذًا" انتقد فيها حالة التشرذم والتمزق في الأمة، مناديًا صلاح الدين الأيوبي ليعود حاملًا لواء الوحدة، وكسر عقارب الزمن الأمريكي. ثم كرّم الملتقى الأستاذ الشاعر شحادة الخطيب الذي أصدر أربعة دواوين ويعدّ لإصداره الخامس، وألقى شحادة الخطيب قصيدتيْن، تحدث في الأولى عن دواوينه وعن الجمع الجميل الذي يجتمع في الملتقى الأدبي الثقافي الفلسطيني، وفي الثانية استذكر يوم مرّ من فوق فلسطين في أثناء سفره، فأكّد أن المسافات لن تحول دون أن ترقد فلسطين بين جفونه وفي قلبه.
- مروان عبد العال كان الشخصية التالية، وهو روائي وفنان تشكيلي ومناضل وطني، أصدر سبع روايات، وأنتج عشرات اللوحات الجميلة، وقال في كلمته: 

أدمنت اللقاءات لكن اللقاء معكم له مذاقه الخاص، مذاقُ الثقافة والهوية والمقاومة ، مذاق المخيم الذي هو منجم الحكاية واصلها وفصلها .

جميل أن أرى التكريم منكم وأنتم من يستحق التكريم.
شكراً لهذه المبادرة الطيبة مع الشموع التي لا تنطفئ ، لنكون في مساحة ضوئية وسط حصار العتمة ، من رفاق القلم في الملتقى الأدبي الثقافي الفلسطيني كي ينتصر الجمال على البشاعة . 
ولوجودكم الذي منح لهذا المساء كل هذا الإيقاع الجميل، ومنحتني شرف اللقاء بأستاذي المربي المبدع حسين أبو العلي، وبالحبيب الدكتور صلاح الدين الهواري أول من يضع مجساته على نصوصي، والشاعر الجميل مروان الخطيب الذي عالج بمبضعه بعضها. 

نحتاج لتكريم الإبداع الذي يقارع بالقلم والمداد والورقة والمعاناة والصبر والأمل يستحق صناعه الجدد والقدامى كل هذا الثناء على عطاءاتهم ومجهودهم . 

فتحية حب لأصحاب الأبجدية الأولى، من الأستاذ المرحوم أبو زياد ليلى في الصف الأول ابتدائي الطيب والمبدع في التعليم، إلى الاستاذ رفيق النضال التاريخي والدرب وطيب القلب الشيخ صالح شعبان .

لكل من علمني حرفاً، لوالدي الذي منحني فرصة الدهشة الغامضة، والرسم بحاسة اللون في وصف ما أعرفه عن زماني المحتمل، وأستعيد بصرياً وحسياً وفكرياً كل الأشياء التي لم تعد حصرية لذاتي، ولكل الذين أسهموا بطريقة في زرع شغف القراءة، لوالدتي أول روائية في حياتي من صنعت في نفسي غواية الكتابة، كما أتمنى كما تمنى الروائي التركي" أورهان باموك " أن يظل القارئ يتذكر أنني من علم نفسه بنفسه ايضاً ، وقرر أن يصبح روائياً بقراءة الكتب في مكتبة والده وأي شيء آخريقع فبيده ، فالكتابة هي عملية بحث في سواد الليل وتفتيش عن وجوهنا في الظلام، وتابع عبد العال قائلًا: كلما تصدر رواية لي ينتابني إحساس عميق أن الرسالة لم تصل، ربما لأن الرواية وإن انتهت لكن للحكاية حياة مستمرة ومعلقة في مبارزة كبرى ويبقى السؤال المحوري فيها، لمن الغلبة، الحلم أم الواقع، الأصيل أم الدخيل، الرمز أم الخرافة، المجهول أم المعلوم، لمن ستكون الغلبة؟ 

أبحث عن تحدي السؤال المتعلق بالوطن، وهو غير مفصول عن تحدي الحرية كغاية إنسانية، أعرفكم وأنا ارى نفسي وأراكم، ولا مناص. هكذا ألتقط بطلا كنموذح أو عينة ثم أتركه، أخرجه مني بالقوة، ومع ذلك يظل بالنسبة لي هو إنجاز لا يموت .ربما لأننا نحن أناس مللنا البطل الاستعراضي، ولا نبحث عن بطل، أي بطل بل عن "البطل"، لا نبحث عن بيت أي بيت مهما كانت مواصفات البيت، بل عن "البيت "ولا عن وطن أي وطن بل عن "الوطن"، الفرق أنه ليس البحث عن مكان بل البحث عن من نكون.

أعترف أني أعمل بوتيرة سريعة، كي أجترح معجزة كتابة الغموض، وغير الواقعي والمسكوت عنه، وأوثق الحلم المخبأ في الآخرين والخيال الذي ينطق بالحقيقة طالما لم يستطع هؤلاء الآخرون، أو لم يعرفوا كيف يفعلون ذلك، أو ربما لم يريدوا القيام بذلك على الإطلاق.

لأنكم أنتم مصدر فخري واعتزازي، وخبرتي ورسالتي أن الثقافة جمال وقوة وتوازن وارتقاء وتباهٍ وافتخار.

للذين زرعوا في التراب بذور الكلمة، وزهور الحكاية، وشجرة المعرفة، أدمغة وقلوب وضمائر فلسطين، غسان كنفاني، وإدوارد سعيد، وأنيس صايغ، وشفيق الحوت، ومحمود درويش، وغسان كنفاني، وجبرا ابراهيم جبرا، وسميح القاسم، وسائرأعمدة الفكر والجبهة الثقافية ستظل قلعتنا الأخيرة .

ثم كان تكريم الأستاذ الشاعر والمنشد وليد أبو حيط الذي أسس مع ثلة من زملائه فريق الوعد للفنّ الإسلامي، وهو من أهمّ الفرق في العالم العربي والإسلامي.

استحضر أبو حيط في كلمته أهمية الكلمة في الدفاع عن حقوق فلسطين والأمة، ثم ألقى مقطوعتيْن شعريتيْن من ضمن ألبومات أطياف الاستشهاد الأربعة التي أصدرها فريق الوعد، وتحدثت المقطوعتان عن جبهة الكلمة المجاهدة في مواجهة العدو.

بسام صبح أحد أبرز من اشتغل في الموسيقى والإنشاد، كرّمه الملتقى وأضاء على إبداعه في التأليف الموسيقيّ ودوره في تدريب عشرات الفرق الفنية، وأتحف صبح الحضور بأنشودتيْن تحدثت الأولى عن مدن فلسطين الراسخة في وجدان كل فلسطيني، وقدم في الثانية نقدًا فنيًّا لأداء بعض المسؤولين الذين يتسلقون على أوجاع الشعب.

ختام الحفل كان مع تكريم الأستاذ فوزي سكاف صاحب صالة نايت ستار، وابن عائلة سكاف المناضلة التي قدمت ابنها الأسير يحيى سكاف فداء لفلسطين. كُرّم سكاف على عطائه ووقوفه الوفيّ إلى جانب إخوانه الفلسطينيين.

وألقى بدوره كلمة أكّد فيها وحدة الهمّ الفلسطيني واللبناني، مبشرًا بعودة قريبة إلى فلسطين.

هذا وشارك أعضاء الملتقى الأدبي الثقافي الفلسطيني في تكريم الشخصيات المكرّمة، ووُجهت دعوة إلى كل المهتمين بالأدب والثقافة للمشاركة في لقاءات الملتقى الشهرية، وأنشطته المختلف.

التعليقات