ماس يختتم الندوات المتخصصة تحضيراً لمؤتمره الاقتصادي

رام الله - دنيا الوطن
اختتم معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني "ماس" سلسلة الندوات المتخصّصة والتي تم تنظيمها في إطار التحضيرات لمؤتمر ماس الاقتصادي والمنوي عقده صيف العام الحالي تحت عنوان "نحو رؤية جديدة للنهوض بالاقتصاد الفلسطيني". وعقد المعهد في مقرّه بمدينة رام الله الندوة التحضيرية الختامية التي ناقشت ورقة موقف بعنوان "دور القطاعات الإنتاجية في تعزيز النمو الاقتصادي- أجندة تطوير القدرات الاقتصادية الذاتية".

وأدار الندوة د. محمد اشتيه رئيس المجلس الاقتصادي الفلسطيني للتنمية والأعمار (بكدار(، وقدّم ورقة النقاش الباحث الرئيسي في ماس د. سمير عبد الله، فيما قدّم كلّ من معالي السيدة عبير عودة وزيرة الاقتصاد الوطني، ومعالي الدكتور سفيان سلطان وزير الزراعة، ومعالي السيدة رولا معايعه وزيرة السياحة والآثار، والسيد محمد نافذ الحرباوي رئيس مجلس إدارة ملتقى رجال الأعمال الفلسطيني، مداخلاتهم حول موضوعات الندوة، وذلك بحضور أكثر من 40 من الشخصيات الرسمية وممثلي القطاع الخاص والمختصين والأكاديميين والخبراء المحليين الذين لبّوا الدعوة الخاصة للمشاركة في الأعمال التحضيرية للمؤتمر والذي بادر له "ماس" بشراكة مع مختلف الأطراف في القطاع الرسمي والقطاعين الخاص والأهلي. 

واستعرض د. عبد الله الورقة المتخصّصة والتي  تناولت حالة الركود في الاقتصاد الفلسطيني، لاسيّما في القطاعات الإنتاجية، وخصوصاً قطاعات إنتاج السلع والخدمات القابلة للاتجار، كما أرجعت الدراسة أسباب الركود إلى عدة عوامل من أهمها تداعيات الاحتلال الإسرائيلي وسيطرته وتحكّمه بالموارد الطبيعية وبالمعابر، إضافة إلى تراجع الاهتمام الدولي بالقضية الفلسطينية وانخفاض مستوى الدعم المالي للدول المانحة والمؤسسات الدولية. وركزت الورقة على طرح رزمة من السياسات والاستثمارات اللازمة والتدخلات المقترحة لمواجهة التراجع في القدرات الإنتاجية الذاتية التي من شأن اعتمادها توليد العمالة وزيادة حصة المنتج الوطني في الأسواق المحلية وتحفيز التنافسية والقدرة على الوصول إلى أسواق التصدير المحتملة، وبالتالي تقليل الهيمنة الإسرائيلية على الاقتصاد الفلسطيني واتجاهات نموه. 

وأوضح د. نبيل قسيس، مدير عام ماس، أن هذه الورقة تتعامل مع التدهور الحاصل في الوضع الاقتصادي الفلسطيني، ما يتطلّب العمل الجاد ما بين مختلف أقطاب الاقتصاد الفلسطيني من أجل الحد من هذا التدهور، ومحاولة إيجاد السياسات والبدائل القابلة للتطبيق على الأرض لإنعاش الاقتصاد الفلسطيني وتوفير مقومات ملموسة للصمود ولتمكين الشعب الفلسطيني في مواجهته المتواصلة مع تحديات استمرار الاحتلال.

وفي افتتاح النقاش، أكد د. محمد اشتيه أن "أهمية هذه الندوة تكمن في تركيزها على السؤال المفصلي حول دور القطاعات الإنتاجية الرئيسية في تعزيز ودفع عجلة التنمية في الاقتصاد الوطني".

بدورها، أكدت السيدة عبير عودة "أن الحكومة الفلسطينية تولي اهتماما كبيرا بتفعيل الشراكة الحقيقية بين القطاعين العام والخاص"، منوهة إلى المساعي المشتركة بهذا الاتجاه من خلال تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للتصدير والتي تستهدف تعزيز التصدير الصناعي الفلسطيني بنسبة 13% سنوياً. كما أشارت إلى برنامج التحديث الصناعي الذي يتم تنفيذه من خلال خمسة عناقيد صناعية تحتوي على 50 شركة في قطاعات صناعية ناشئة مثل الأحذية والجلود، الألبسة، والأثاث، والحجر والرخام، النخيل والصناعات التقليدية. كما أكدت عودة أن السياسات الاقتصادية القائمة لا تغفل أهمية دعم قدرات الشركات الصغيرة والمتوسطة من خلال تسهيل إجراءات التسجيل والمعاملات الرسمية وغيرها من وسائل الدعم.

وبيّن د. سفيان سلطان أن الوضع الزراعي في تراجع لأسباب عديدة أولها الاحتلال الذي يتحكم بالأرض والمياه، كما أن تآكل المساحات الزراعية وتراجع الاستثمارات وضعف البنية التسويقية للمنتجات الزراعية أثرت سلبياً على هذا القطاع. ودعا د. سلطان إلى إيلاء هذا القطاع أهمية خاصة كونه يعتبر "الأساس في عملية النمو الاقتصادي".

من جهتها، أشارت السيدة رولى معايعه إلى أنه ورغم صعوبة تطوير قطاع سياحي فلسطيني مستقل في ظروف احتلالية، إلا أن هنالك بعض المؤشرات الإيجابية خلال السنوات الأخيرة، منها زيادة عدد الغرف الفندقية من خمسة آلاف غرفة إلى عشرة آلاف، بالإضافة إلى الزيادة في نسب إقامة السياح في الفنادق الفلسطينية، إلى جانب تفعيل دور وكلاء السياحة الفلسطينيين الذين باتوا يسيّرون ما نسبته 45% من التدفقات السياحية الواردة إلى القطاع السياحي الوطني. كما ركزت معايعه على أهمية جهود الحكومة بالشراكة مع القطاع الخاص في زيادة السياحة الوافدة إلى فلسطين وفي تفعيل أنماط سياحية جديدة.

وأكد السيد محمد نافذ الحرباوي تعقيباً على ورقة الندوة؛ على ضرورة تبني الحكومة خطة تنموية واستثمارية واضحة، وأن تكون الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص حقيقية. وأشار الحرباوي إلى سلسلة من العوائق الداخلية؛ منها تعديلات قانون تشجيع الاستثمار، وموضوع إجراءات القضاء والمحاكم، بالإضافة إلى موضوع تكاليف الإنتاج المرتفعة بحيث يتم دفع تكاليف كهرباء 30% زيادة عن الجانب الإسرائيلي، والبيروقراطية التي يواجهها المستثمرون في بعض الدوائر الحكومية.

وخلال النقاش طُرحت العديد من المسائل التي تعكس اهتمامات الحضور، ومنها: ضرورة التركيز على تمكين المنتج الوطني من خلال زيادة حصته في السوق المحلي، بالتوازي مع زيادة الجهود الرامية الى تشجيع التصدير، وضرورة تعزيز ثقة المستهلك الفلسطيني في المنتج الوطني وأهميته، وبناء الثقة بين القطاعات الثلاث العام والخاص والأهلي للنهوض بالاقتصاد الفلسطيني، كذلك طرحت ضرورة التركيز على المنشآت الفلسطينية الصغيرة والصغيرة جداً والتي تشكل 98% من المنشآت، حيث أن "الجهود والقرارات تأخذ بعين الاعتبار المؤسسات الاستثمارية الكبيرة والتي تشكل 2% فقط".

ومن الأمور التي طرحت في الندوة أيضاً: التأمين الزراعي، تفعيل المجالس التخصصية الزراعية تحت رعاية وزارة الزراعة وإصدار القانون الخاص بها التكاليف العالية للمياه والطاقة، و"بيروقراطية بعض الدوائر الحكومية"، والحاجة إلى تنظيم السوق المحلي، والتوجه نحو استخدام الطاقة المتجددة، وتعزيز الرقابة على المنتج الوطني، ومكافحة الإغراق، وأتمتة الإجراءات والتحول إلى المعاملات الإلكترونية تسهيلاً للمراجعين، كما كان هناك إجماع على أهمية التعليم التقني وتطوير رأس المال البشري.

وكان معهد "ماس" قد نظم خلال الشهر المنصرم ثلاث ندوات متخصصة إلى جانب الندوة الختامية، حيث ناقشت الندوة التحضيرية الأولى؛ التحديات أمام الاقتصاد الفلسطيني والرؤى والسياسات والخطط الوطنية القائمة لمواجهتها، فيما ناقشت الندوة التحضيرية الثانية ورقة علاجية اقتصادية-اجتماعية بعنوان المشهد الاجتماعي في سياق الحدّ من البطالة ومكافحة الفقر وجسر الفجوات الاجتماعية، بينما تناولت الندوة التحضيرية الثالثة ورقة خاصة ببيئة الأعمال والإصلاحات الهيكلية القانونية والتنظيمية لتطوير قطاع الأعمال، والمعوقات أمام انسياب التجارة الخارجية مع الأسواق الإقليمية والعالمية وسبل تخفيفها.

 

وسيتم الإعلان عن تاريخ عقد مؤتمر ماس الاقتصادي لعام 2016 خلال الفترة القريبة القادمة، بعد أن يتم الاتفاق مع جميع الشركاء على صيغة تنظيم جلساته وتناول موضوعاته بما يكفل الخروج بتوصيات ملموسة وأجندة عمل قابلة للتنفيذ خلال المرحلة المقبلة الصعبة.