"عرفات - حياته كما أرادها".. الفصل الثالث-ح2: قصة سفينة السلاح من "هونيكر" لياسر عرفات وكيف رد له الجميل أبو عمار

"عرفات - حياته كما أرادها".. الفصل الثالث-ح2: قصة سفينة السلاح من "هونيكر" لياسر عرفات وكيف رد له الجميل أبو عمار
دنيا الوطن – ميسون كحيل 

في الجزء الثاني من الفصل الثالث يمر الكاتب مرورا يحتاج إلى وقفة وتعمق في ذكره لأصدقاء القضية الفلسطينية ومؤيديها من المسؤولين والشخصيات والرؤساء الذين لم يكن لديهم أدنى شك بمكانة هذا القائد التاريخي المميز وهو قابضا على بندقية الثائر في يمينه وعلى غصن الزيتون في يساره فاستقبله العديد من الرؤساء ووجهت له العديد من الدعوات لزيارة معظم دول العالم.

 ويذكر احمد عبد الرحمن كاتب الكتاب وأحد رفاق ياسر عرفات كيف كان الكثير من رؤساء وزعماء العالم يتعاملون مع عرفات في كل أزمة واستهداف تتعرض له القضية الفلسطينية ويعبر الكاتب نحو معادن العظماء وما قام به الرئيس عرفات من زيارة لهونيكر بعد تركه للحكم تقديرا لدوره في دعم القضية الفلسطينية والموقف الشهير لهونيكر عندما ارسل سفينة سلاح وذخائر إلى طرابلس التي كان فيها ياسر عرفات ومقاتليه تحت الحصار في عام 1983. 

في هذا الفصل يشرح الكاتب خروج القضية الفلسطينية من النفق الباهت وحملها إلى أبعد نقطة في الخريطة السياسية والمحافل الدولية ومن خلال شبكة علاقات متينة كرس فيها عرفات قناعة في اذهان الجميع ان فلسطين الرقم الصعب الذي لا يمكن تجاوزه حتى باتت دول العالم المعترفة بحقوق الفلسطينيين وبمنظمة التحرير الفلسطينية أكثر بكثير من تلك الدول التي تعترف بإسرائيل.

حياة عرفات كما أرادها حياة بطعم الكرامة والشموخ والتضحية يسردها الأستاذ أحمد عبد الرحمن وهذا الفصل الثالث منها التي تحمل عنوان النقاط العشرة وأكثر بكثير..
 

الفصل الثالث – الجزء الثاني

وهكذا كان أبو عمار يحاصر إسرائيل في العالم كله ويحرج أصدقاءها وحماتها حتى أصبحت القضية الفلسطينية على كل شفه ولسان، ويقترن اسمه بفلسطين، فمن لم يقرأ عن مأساة الشعب الفلسطيني وتشريده من وطنه، فإن هذا الحضور الطاغي لقائد هذا الشعب في كل مكان، كفيل بتعريف البشر كلهم بهذه المأساة، إن الساحة الدولية بدوائرها المتعددة وعلى اختلاف اتجاهاتها تعمل لصالح القضية الفلسطينية، الدائرة العربية، والدائرة الإسلامية، والدائرة الإفريقية، وعدم الانحياز، والصين الشعبية، والمعسكر الاشتراكي، والإتحاد الأوروبي يطور موقفه السياسي، من التجاهل إلى الاعتراف بالحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، وإعلان البندقية (1980) أكد على حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني، إنه صديق أندريوتي وكراكسي في إيطاليا، والرئيس ميتران رحب به في باريس، و دعاه بريجنيف لزيارة موسكو واجتمع معه في الكرملين، أما الزعيم اليوناني بابا ندريو فقد وقف مع ياسر عرفات وقدم له جزيرة يونانية واستقبله في أثينا في عام 1982 بحرس شرف وتكريم استثنائي، «لقائد الشعب الفلسطيني المناضل الصديق ياسر عرفات». 

أما تيتو وتشاوشسكو وهونيكر، فالحديث عن صداقتهم له يطول، ولكني أذكر هنا ما قام به هونيكر في معركة طرابلس 1983 ضد الانشقاق، في تلك المعركة أرسل هونيكر سفينة سلاح وذخائر إلى طرابلس مباشرة لصديقه أبو عمار، وحين دارت الأيام، والأيام دول، وسقط الحكم الاشتراكي في ألمانيا الديمقراطية، ظل أبو عمار يسأل عن صديقه هونيكر، حتى وجده أخيراً عند ابنته المتزوجة في تشيلي، ورد له الجميل وقام بما يجب عليه القيام به تجاه زعيم وصديق كبير للشعب الفلسطيني.

 ولم يغفل أبو عمار عن إقامة العلاقة المباشرة وحتى الشخصية مع أي دولة أو زعيم أو منظمة صغيرة أو كبيرة، وتمسك بإصرار بدور الداعية والمبشر، صاحب الرسالة الذي لا يكل ولا يمل، بل لديه الجاهزية الكاملة لزيارة أي دولة أو استقبال أي وفد، وفي هذا المجال يسقط من حسابه التمييز بين ما هو ضروري وملح، وما هو ثانوي، إنه يجد الوقت والاستعداد ودون تذمر ليؤدي المهمتين.

أما الحصيلة التي يخرج بها أبو عمار من زيارة هذه المجموعة الهائلة من دول العالم، فهي العلاقات الشخصية القوية التي يقيمها مع قادة هذه الدول ومسئوليها ومواطنيها، بعد ذلك يكلف أجهزته وممثليه بمتابعة الوضع في تلك الدولة، وتجده حاضراً في الأعياد والمناسبات العامة، وبرقيات التهاني والتعازي كان لها دائرة خاصة للعمل ليل نهار، أما إذا تعلق الأمر بالقضية الفلسطينية، فإن رسائله للقادة والمسئولين في العالم، التي يشرح فيها أدق تفاصيل الأحداث الفلسطينية، فتشكل موسوعة بحد ذاتها، إنها «موسوعة عرفات» في الدبلوماسية الناجحة، وبعد كل زيارة يقوم بها يصدر بيان مشترك فيه إدانة لإسرائيل وتأييد لحقوق الشعب الفلسطيني في وطنه، واتفاقية للتعاون المشترك في المجالات كافة، فهو يحرص على أن تدخل القضية الفلسطينية كل بيت في العالم، وكان يردد دائماً أن عدد الدول التي تعترف بمنظمة التحرير الفلسطينية هو أكبر بكثير من تلك المعترفة بإسرائيل، أما السفارات والممثليات والمكاتب الفلسطينية، فلا يتردد في التأكيد بأنها ضعف سفارات إسرائيل في العالم، إن طريقته الفذة في إدارة علاقاته الدولية جعلت كل بقعة وكل مخيم وكل مدينة تعرف قضية نضال الشعب الفلسطيني، وجعلت كل جرائم إسرائيل معروفة تماماً للبشرية جمعاء، لقد جعل من قضيته الوطنية قضية عالمية بامتياز.

التعليقات