الاحتفال السنوي بليلة النصف من شعبان في المغرب

الاحتفال السنوي بليلة النصف من شعبان في المغرب
رام الله - دنيا الوطن
نظمت الطريقة الصوفية العلوية المغربية بزاويتها الكائنة بحي بودير مدينة وجدة الاحتفال السنوي بليلة النصف من شعبان يوم السبت 14 شعبان 1437هـ الموافق لـ 21 ماي 2016 م بعد صلاة المغرب، تحت شعار " وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا ".

و يأتي هذا الاحتفال في إطار الأنشطة السنوية للطريقة و التي ترمي من ورائها المحافظة على التراث الصوفي و تربية الناشئة و جيل الغد على ثوابت الأمة و المحافظة عليها من خلال منهج مبني على تزكية النفوس و التحلي بالخلق الحسن و إعطاء القدوة للآخرين من خلال العمل الدائم.

و بخصوص شعار هذه السنة أوضح الناطق الرسمي للطريقة السيد رضوان ياسين " إن ليلة النصف من شعبان هي من النفحات الربانية و المحطات الروحية التي يجب التعرض لها. فليلة النصف من شعبان التي ترفع فيها الأعمال و يستجاب فيها الدعوات محطة للمؤمن و المريد الفطن لتقييم حاله هل هو في زيادة أو في نقصان و كيف كان اجتهاده و أين كان تقصيره". و أضاف الناطق الرسمي أن رمزية هذه الليلة المباركة تتجلى في أنها ميزان حال المريد و مقياس مقام تقربه إلى الله تعالى. و حصول هذا المقام يكون ثمرة ما قدمه من صالح الأعمال مصداقا لقوله تعالى " وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ " [سورة الأنعام –الآية 132[.     

في نفس السياق أكد  مقدم زاوية الطريقة الصوفية العلوية المغربية بمدينة وجدة الحاج السيد امحمد الرشيد  " إن الاحتفال بهذه الليلة مناسبة لتذكير المريدين و خصوصا الشباب بأهمية هذه المحطة الروحية التي تستجاب فيها الدعوات و ترفع فيها الأعمال و  الزاوية بإقامتها لهذا الحفل تسعى إلى الحفاظ على الموروث الروحي و تربية الناشئة عليه"

وبعد الانتهاء من الإفطار الجماعي، الذي تنظمه زاوية وجدة، بمناسبة صيام هذا اليوم، انطلق الحفل بتلاوة  القرآن ثم ذكر و سماع و مديح والصلاة على سيد المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. وعرف الحفل مداخلات من طرف ثلة من الأساتذة والعلماء حول هذه المناسبة العظيمة.

وبعد استرسال الحضور في أمداح وسماع خاشع تهيأت الأحوال و ارتفعت الهمم إلى إقامة حضرة ربانية أضفت جوا من السكينة والطمأنينة والصفاء على الحفل. وفي هذا المجمع الروحاني حيث خشعت النفوس و لانت الجلود وبعد قراءة دعاء اللطفية، رفعت الأكف، والقلوب مبتهلة إلى بارئها متضرعة إلى مولاها، بأن يرزق أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس العز والنصر والتمكين وأن يبارك خطواته الميمونة وأن يديم عليه موفور الصحة والعافية والسعادة والهناء وأن يحفظ ولي عهده الأمير الجليل مولاي الحسن ويشد عضده بشقيقه الأمير مولاي رشيد وباقي الأسرة الملكية الشريفة. 

وتميز الحفل بإلقاء شيخ الطريقة الصوفية العلوية المغربية وممثلها العام بالمملكة فضيلة الشيخ الشريف سيدي سعيد ياسين كلمة مؤثرة حازت انتباه الحضور و مذكرا برمزية هذه الليلة التي تتجلى في تحويل القبلة و رفع الأعمال. وأكد فضيلته أن كل واحد منا ملزم بالتشبث بالوجهة إلى الله سبحانه و تعالى كما نفعل كل صلاة باستقبال القبلة و الحرص عليها بالإضافة إلى الدوام على محاسبة النفس في كل وقت و حين.  فالأساس هو أن يحرص المريد على أن لا تستعبده الدنيا و يكون عبدا لله بالحفاظ على إفراد الوجهة لله سبحانه و تعالى.  و أضاف فضيلته أن الاحتفال في هذه الليلة بذكر و صلاة على سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم و تلاوة القرآن هو أحسن ما تختتم به الأعمال. فكلما كان توجهنا خالص لوجه الله كلما تنورت قلوبنا و عقولنا و رزقنا الطمأنينة و الثبات في الأمر.

جدير بالذكر أن الطريقة الصوفية العلوية المغربية تسعى من هذه الاحتفالات والملتقيات إلى غرس المحبة في قلب المريد وإذكاء روح العمل والعبادة لدى الفرد، ومواكبته للتطور والمساهمة في تنمية محيطه مع الحفاظ على هويته والدفاع عن ثوابت الأمة وتعزيز الانتماء الوطني .

وللإشارة فإن الطريقة الصوفية العلوية المغربية تأسست منذ أكثر من مائة عام وشيخها الحالي وممثلها العام بالمملكة المغربية الشريفة هو الشيخ الحاج سعيد ياسين وسندها متصل خلفا عن سلف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولها عدة زوايا في مختلف جهات المملكة يسيرها "مقدمين" حيث تقام لقاءات أسبوعية للذكر والفكر.