سلفيت : "سرطة" .. قرية الذهب الأحمر

سلفيت : "سرطة" .. قرية الذهب الأحمر
رام الله - خاص دنيا الوطن-روان سمارة
 
لا تقتصر الثروات التي تتمتع بها محافظة سلفيت على الزيتون ومنتجاته وحسب، فالعديد من الثروات الطبيعية لهذه المحافظة مرتبطة بالطبيعة الجبلية الصخرية التي تتمتع بها، والتي من أهمها حجر البناء الذي يُستخرج من تلك الجبال الصخرية.

"سرطة" قرية الزيتون والزعتر، هي واحدة من أكثر قرى المحافظة حظاً في توفر المناجم فوق أرضها، وتحديداً في المنطقة الجنوبية منها والمحاذية لقريتي بروقين وكفر الديك، ما يعني بصورة أخرى تواجد هذه الاراضي في المنطقة المصنفة ج، حيث خصصت معظم المنطقة ج لمنفعة المستوطنات الإسرائيلية التي تحظى بمعاملة تفضيلية على حساب المجمّعات الفلسطينية، بما في ذلك الوصول إلى الأراضي والموارد، والتخطيط، والبناء، وتطوير البنى التحتية، وإنفاذ القانون، وهو ما يعني حرمان المواطنين الفلسطينيين من الاستفادة مما يملكون من الأراضي، حتى في ولو كانت هذه الاستفادة في استخراج ما تحمل هذه من حجارة.

أحمد السرطاوي شاب جامعي، أنهى تعليمه منذ خمسة أعوام، وبقي يحلُم بالوظيفة لمدة عامين رافضاً العمل إلا من خلال شهادته، ومنذ الثلاثة أعوام فقد الأمل فتوجه ليعمل في مناجم الحجارة العائدة لوالده، يقول:" أنهيت تعليمي الجامعي، ورفضت أي عمل لا يكون ضمن دراستي الجامعية، حتى تعب والدي وبدأت بالعمل مكانه لفترة مؤقتة استمرت حتى اليوم، فالعمل  في الذهب الأحمر رغم صعوبته إلا أنه يحقق مردوداً مادياً جيدا قد لا أتمكن من تحصيله في حال عملت في أي عملٍ آخر".

المنجم الذي تملكه عائلة أحمد يقع في المنطقة ب، ما يعني تمكن العاملين من استخدام معدات حفر واستخراج حديثة، تختلف عن تلك المعدات التي يستخدمها أصحاب المناجم الواقعة في المنطقة ج، والتي يعمل أصحابها فيها خلسة، خوفاً من قوات الاحتلال التي تمنع العمل فيها. 

خالد أحد العاملين في مناجم الحجر الأحمر الواقعة في المنطقة ج يصف عمله هذا قائلاً:" هناك كثير من المخاطرة في عملنا، فنحن لا نستطيع العمل في هذه المناجم إن تواجد الجيش الإسرائيلي بالقرب منا، فعملنا يعدّ مخالفاً للقانون، وهو يعرضنا للغرامة لأننا نعمل بدون ترخيص، لذا فنحن نستعين بالنواطير للمراقبة، ومع ذلك فقد كنا نضطر للفرار في كثير من الأحيان وترك معداتنا البدائية التي لا يمكننا استخدام غيرها، والتي لا تساعدنا في كثير من الأحيان على القيام بالعمل بالشكل المطلوب ".

رئيس مجلس سرطة إبراهيم محمد حدثنا قائلاً :" خمسون عاملاً هو مجموع العاملين من أبناء سرطة في هذه المناجم، التي يبلغ عددها عشر مناجم، ويصل دخل العامل منهم لما يقارب الثلاثة آلاف شيقل. يعمل هؤلاء في استخراج حجارة البناء التي تتنوع بين ما يستعمل للبناء والأرضيات، حيث تبلغ سماكة حجر البناء لخمسة سم، ويباع متره بأربعين شيقل، أما حجار الأرضيات، فسمكها سنتيميتران، ويبلغ سعر المتر منه خمسة وعشرين شيقل، وسوقها الرئيسي هو الداخل الفلسطيني، وعلى الرغم مما يحسّه العاملون في هذه المحاجر من استغلال التجار لهم، إلا أنهم لا يجدون سوقاً بديلة ".

العمل في الحجر الأحمر، أو الذهب الاحمر كما يسميه العاملون به، يحتاج لدقةٍ متناهية، ويبدو عملاً صعباً وشاقاً في ظل كل هذه الظروف المحيطة به، خاصةً في ظل غياب دعم حكومي لهذه المجالس، التي كانت تقف ولا تزال عالقةً بين براثن الاحتلال والمستوطنين...