ليبرمان من كيشينيف لحارس نادٍ ليليّ حتى الأمن: الرجل الذي بنى شعبيته على كره العرب وأكّد أنّ عرفات وعبّاس يكرهان اليهود

ليبرمان من كيشينيف لحارس نادٍ ليليّ حتى الأمن: الرجل الذي بنى شعبيته على كره العرب وأكّد أنّ عرفات وعبّاس يكرهان اليهود
رام الله - دنيا الوطن

استجلبت الحركة "الصهيونيّة" أفيغدور ليبرمان (58 عامًا) في أواخر السبعينيات من القرن الماضي، الشاب الروسيّ الأصل، إلى الدولة العبريّة، وسُرعان ما كشف عن عنصريته عندما كان طالبًا في الجامعة العبريّة، إذْ قام والعديد من أصدقائه بالاعتداء على الطلاب من فلسطينيي الداخل داخل الحرم الجامعيّ، وكان يعمل حارسًا في أحد النوادي الليليّة في القدس الغربيّة.

وأحد التصريحات العالقة في الذاكرة لزعيم حزب "إسرائيل بيتنا" أفيغدور ليبرمان هو قوله إنّ إسرائيل يُمكن أنْ تقصف سد أسوان في حال نشوب حرب مع مصر، لاقى هذا التصريح إدانات لا تُحصى من مسؤولين مصريين وإسرائيليين على حدّ سواء، وساهم في طبع صورته كسياسي متطرف يشكل خطرًا على السلام الإقليميّ، فيما أعلنت القاهرة أنّه شخصيّة غيرُ مرغوبة بها في مصر. 

بالإضافة إلى ذلك، قال ليبرمان، في تصريحات أوردتها الإذاعة الإسرائيلية، إنّه لا فرق بين أبو مازن وعرفات، إذ أنّ كليهما يكرهان اليهود، ويؤمنان بالإرهاب، ويعملان على تشجيعه، على حدّ تعبيره.

وأضاف: أنّ الفرق الوحيد هو حقيقة كون أبو مازن أخطر من عرفات، لأنّه يُخفي وجهه الحقيقي بصورة أفضل، على حد قوله. 

وقال ليبرمان أيضًا: توجد فوضى في السلطة، وعباس يعرقل الآخرين فقط، لقد صار عباس خارج الزمن، وليكشف للفلسطينيين عن حساباته البنكية، وعن حسابات أبنائه، وأضاف: أنا أقيم علاقات مع محافل فلسطينية تحذر أمامي من مخططات حماس للاستيلاء على السلطة، يوجد اليوم في السلطة ما يكفي من البدائل التي هي ليست حماس، وعلى إسرائيل أن توقف التنفس الصناعي لعباس، لأنّه يمنع نمو قيادة جديدة، ويزيد خطر سيطرة حماس على الضفة الغربية، كما قال.

بناءً على ما تقدّم، ليس صعبًا العثور على تصريحات متطرفة لليبرمان، من طلبه تنفيذ حكم الإعدام في إسرائيل بمنفذي العمليات، والذي وافق عليه رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في المفاوضات التي جرت في الأيّام الماضيّة لضمّ ليبرمان إلى الحكومة، حتى الأقوال القاسية بحق المواطنين العرب في إسرائيل وبحقّ اليسار الإسرائيلي، لكن يوجد بَين المقربين منه مَن يدعي أنّه أحد السياسيين الأكثر براغماتية في إسرائيل، والذي لا يلتزم بإستراتيجية يمينية متصلبة.

طرح ليبرمان في الماضي خطة سياسية جريئة من وجهة نظر إسرائيلية، تشمل إقامة دولة فلسطينية ونقل أحياء في القدس الشرقية إلى السيادة الفلسطينية. 

أمّا الأكثر إثارة للجدل فيها نقل مُدن في إسرائيل ذات أكثرية فلسطينية إلى فلسطين مقابل ضمّ مستوطنات إلى إسرائيل (أي أنْ يفقد المواطنون العرب في إسرائيل جنسيتهم الإسرائيلية ويحصلوا على الجنسية الفلسطينية). 

وحدّدّ ليبرمان مدينة أم الفحم، الواقعة داخل ما يُطلق عليه بالخّط الأخضر، لنقلها إلى “فلسطين”، الأمر الذي أثار حفيظة أهالي المدينة بشكلٍ خاصٍ، وفلسطينيي الداخل بشكلّ عامٍ. 

وُلد أفيغدور (إيفيت) ليبرمان قبل 58 سنة لأسرة يهودية في كيشيناو، مولدوفا (التي كانت آنذاك جزءًا من الاتحاد السوفيتي)، انتقل إلى إسرائيل في العشرين من عمره، درس العبريّة، تزوج، وانتقل إلى العمل في الميدان العام والسياسي. 

بعد ذلك ببضع سنوات، تعرف إلى بنيامين نتنياهو، وأصبح الشابان مقربيْن جدًا، وعمل ليبرمان رئيسًا لمكتب نتنياهو لدى انتخابه لرئاسة الحكومة للمرّة الأولى. منذ ذلك الحين، ساءت العلاقات بينهما، حتى أنّ ليبرمان استخدم مؤخرًا كلمات قاسية جدًا بحق نتنياهو (كاذب، مخادع، ومحتال)، لكن يبدو أنّ مصلحة نتنياهو السياسية ورغبته في الحفاظ على كرسي رئاسة الحكومة دفعتاه في نهاية المطاف إلى التغاضي عن تلك الأقوال. 

الأمر الأكثر إقلاقًا حول ليبرمان بالنسبة لإسرائيليين كثيرين هو إدانته بالفساد في عدد من الحالات، بما في ذلك إنشاء شرِكة على اسم ابنته ميخال (21 عامًا) نُقلت إليها ملايين الدولارات من أصحاب رؤوس الأموال. كما يُعرف ليبرمان بأنه رجل يحب المتعة، يقدّر السيجار الباهظ الثمن، المطاعم الفاخرة، والخمر ذات النوعية الجيدة، ما لا يترك انطباعًا حسنًا عنه لدى الرأي العام الإسرائيلي، الذي يفضل قادة أكثر تواضعًا.

أمّا الفلسطينيون فتقلقهم مواقفه حول الصراع، يدعم ليبرمان تنفيذ حُكم الإعدام في منفذي العمليات، ظنًا منه بأن الأمر سيردع المنفذين المستقبليين. وخلال الحرب بين إسرائيل وحماس في غزة قبل نحو عامين، انتقد ليبرمان بقسوة سلوك نتنياهو ووزير دفاعه يعلون، داعيًا إلى اغتيال قيادة حركة حماس وإنهاء حُكم الحركة في غزة، وهناك مَن يقول إنه صديق لمحمد دحلان، خصم أبي مازن، وانه سيساعده على تولي الرئاسة.

علاوة على ذلك، هدّدّ بتحويل قطاع غزّة بواسطة الآلة العسكريّة لجيش الاحتلال إلى ملعب كرة قدم. يعزو الكثيرون تعزيز ليبرمان لقوته السياسية مؤخرًا إلى الانتفاضة الفلسطينية، التي جعلت الإسرائيليين يخافون على أمنهم الشخصي ويبحثون عن حلول متطرفة، 

يبقى السؤال: هل يُعرب ليبرمان كوزير للأمن عن المسؤولية والنضج أمْ أنّه بلغ هذا المنصب لينفذ سياسة مثيرة للجدل؟يُشار إلى أنّ ليبرمان يسكن في مستوطنة نوكديم، الواقعة في الضفّة الغربيّة المُحتلّة، وفي المعارك الانتخابيّة الأخيرة ركزّ دعايته على كراهية العرب، وألمح أكثر من مرّةٍ إلى ضرورة نقل المثلث إلى سيادة السلطة الفلسطينيّة.