المطران عطا الله حنا : " لا للتجهيل ولا للتجنيد ونعم للوعي والانتماء الديني والوطني الصادق "

رام الله - دنيا الوطن
قال سيادة المطران عطا الله حنا رئيس اساقفة سبسطية للروم الارثوذكس اليوم بأننا قد اعلنا مرارا وتكرارا موقفنا الثابت والواضح والرافض لمسألة دعوة المسيحيين في الداخل الفلسطيني للانخراط في جيش الاحتلال الاسرائيلي ، لان ذلك يتناقض ومواقفنا الايمانية والاخلاقية والوطنية ، ونعود ونؤكد الان بأن ما يقوم به الاب جبرائيل نداف ومعاونيه من دعوة للمسيحيين للدخول في جيش يمارس القمع والظلم والاحتلال ، هذه الدعوة هي مرفوضة من قبلنا جملة وتفصيلا وهي لا تمثل اصالة المسيحيين وقيمهم وانتماءهم لشعبهم العربي الفلسطيني .

ان النشاطات التي يقوم بها الاب جبرائيل نداف ومعاونيه وفيها دعم لسياسة اسرائيل انما هي مواقف مسيئة لنا جميعا ولا تعبر عن موقف المسيحيين الوطني حيث ان المسيحيين في بلادنا ليسوا طائفة او اقلية منعزلة عن محيطنا العربي فهم جزء اساسي من مكونات شعبنا وهم مدافعون حقيقيون عن عدالة القضية الفلسطينية ، وهم منحازون للشعب المظلوم ويدافعون عن قضايا العدالة ونصرة المظلومين استنادا الى قيمهم الايمانية وهويتهم العربية الفلسطينية .

وبالرغم من النشاط المحموم الذي قامت به المجموعة الداعية للتجنيد الا ان كل محاولاتها قد باءت بالفشل ، والمسيحيون في بلادنا بغالبيتهم الساحقة يرفضون التجنيد ويؤكدون انهم لن يقبلوا بانخراط ابناءهم في جيش يمارس الظلم بحق شعبنا الفلسطيني ، واذا ما كان هنالك بعضا من المضللين الذين غرر بهم والذين ساروا في طريق ما تروج له هذه المجموعة ، فإن هؤلاء لا يمثلوا الا انفسهم فهم لا يمثلوا المسيحيين ولا يمثلوا بلدانهم ولا يمثلوا حتى العائلات التي ينتمون اليها وهي عائلات كريمة تستحق منا كل الاحترام والتقدير .

اود ان اذكر الاب جبرائيل نداف ومساعديه بأن الانجيل المقدس لا يعلمنا ان نكون الى جانب الظالمين على حساب المظلومين ولا يعلمنا ان نكون الى جانب الاقوياء على حساب الضعفاء ولا يعلمنا ان نكون الى جانب الاغنياء على حساب الفقراء ، فقيمنا المسيحية تدعونا لرفض الظلم بكافة اشكاله والوانه وتحثنا على نصرة المظلومين والتعاطف معهم ومؤازرتهم والسعي لرفع الظلم عنهم .

اود ان اذكر الاب جبرائيل نداف ومساعديه بأن قيمنا المسيحية ترفض العنف ولا نريد لابناءنا ان يحملوا السلاح وان يكونوا اداة موت بل نريدهم ان يكونوا اداة حياة وان يفكروا بمستقبلهم وان يحققوا طموحاتهم ويكونوا فعلة خير ورقي وتقدم في مجتمعهم .

كيف يمكن لمن يلبس ثوب الكهنوت ان يؤيد ويبايع دولة شردت الشعب الفلسطيني ونكبته عام 1948 وما زلنا حتى اليوم نعيش تبعات هذه النكبة والكارثة الانسانية التي حلت بشعبنا الفلسطيني ، والنكبة التي استهدفت شعبنا شردت ابناء هذه  الارض المقدسة مسيحيين ومسلمين ، كل شعبنا نكب وتعرض للتهجير القصري والممارسات القمعية والعنصرية التي ما زلنا نعاني منها حتى اليوم .

اود ان اعرب عن استغرابي واستيائي لأن الاب جبرائيل نداف ما زال مصرا على اضاءة شعلة الاستقلال لدولة الاحتلال وفي موقفه هذا اساءة لكافة المسيحيين كما ولكافة ابناء شعبنا وامتنا ، انها اساءة لضحايا النكبة وللفلسطينيين الموجودين في كل مكان والمشردين والمبعدين عن وطنهم ، كيف يمكن الاحتفال باستقلال دولة اسرائيل وهذا الاستقلال يعني بالنسبة الينا نكبة الشعب الفلسطيني واقتلاعه وتشريده من وطنه .

ان موقف الاب جبرائيل مرفوض جملة وتفصيلا وانا اطالبه بالتراجع كما اطالبه ايضا بالتراجع عن مواقفه السابقة الداعية لتجنيد المسيحيين وانخراطهم في جيش الاحتلال الاسرائيلي.

اننا نؤكد ما اكدناه مرارا وتكرارا بان المسيحيين في ديارنا هم جزء اساسي من الشعب الفلسطيني شاء من شاء وابى من ابى ونحن متمسكون بايماننا وانتماءنا المسيحي ولكننا ايضا متمسكون بانتماءنا العربي الفلسطيني ونرفض اية مواقف هادفة لتشويه تاريخنا وهويتنا وانتماءنا لهذه الارض .

اود ان اذكر الاب نداف بمثل الابن الضال الذي كان ضائعا وعاد الى بيت ابيه متمنيا من الاب نداف ان يعود الى رشده وان يتوب عن اخطاءه وان يصحح الاعوجاجات الكثيرة التي ارتكبها واخطر ما ارتكبه هو انحيازه لاسرائيل وتبريره لسياساتها وتجاهله للظلم الواقع على شعبنا الفلسطيني .

اقول للاب نداف عد الى كنيستك والى شعبك .

اننا نؤكد بأن حماية الوجود المسيحي في بلادنا وفي منطقتنا لا يمكن ان تكون من خلال الارتماء في الاحضان الاسرائيلية ، فاسرائيل هي التي شردت الشعب الفلسطيني ونكبته عام 48.

 اننا نرفض التطرف الديني سواء كان يهوديا او اسلاميا او مسيحيا ونؤكد بأن البشر كافة هم خلائق الله وعياله وكلنا ننتمي الى اسرة بشرية واحدة .

كما نؤكد بأن المسيحيين والمسلمين في بلادنا وفي مشرقنا العربي هم اخوة في انتماءهم لهذه الامة ودفاعهم عن قضاياها العادلة ، وهذه التيارات الاصولية المتطرفة التي تهجر المسيحيين وغير المسيحيين وتستهدف بلداننا وحضارتنا وثقافتنا وتاريخنا فان مواجهتها يجب ان تكون من خلال تكريس الاخاء الديني والوحدة الوطنية والعيش المشترك .

ان حماية الحضور المسيحي في بلادنا لا يمكن ان تكون من خلال التقوقع والانعزالية واتخاذ مواقف سياسية مشبوهة بل علينا ان نعزز من انتماءنا لهذه الارض ودفاعنا عن تراثها وحضارتها ومقدساتها وهويتها .

ان المسيحيين في فلسطين لن يكونوا على الاطلاق لقمة سائغة لاصحاب الاجندات المشبوهة بل هم يتحلون بالوعي والحكمة والرصانة ولن ينحرفوا ولن يتخلوا عن هويتهم وانتماءهم .

نريد للمسيحيين في بلادنا ان يكونوا دعاة سلام ومحبة واخوة وبدلا من ان يحملوا السلاح ان يحملوا غصن الزيتون وبدل من ان يكونوا اداة عنف وموت  ان يكونوا ملحا وخميرة لهذه الارض 

لا للتجهيل ولا للتجنيد ونعم للوعي والانتماء الديني والوطني الصادق .