الحالات الخاصّة والنّقل اللّوائيّ ،،، وامتحان التّوظيف ؟؟؟

الحالات الخاصّة والنّقل اللّوائيّ ،،، وامتحان التّوظيف ؟؟؟
د ياسر عبدالله

يتقدّم لامتحان التّوظيف كل عام عشرات الآلاف من الخرّيجين؛ ليتنافسوا على ما يتجاوز نسبته 4% من الوظائف التي توفّرها وزارة التّربية والتّعليم ، وقد تقدّم لعام 2015 لهذا الامتحان 43700 خرّيج لم تستوعب الوزارة أكثر من 2000 خريج ما بين مراكز دائمة ومؤقّتة ، والغريب أنّ معظم هذه الوظائف كانت من نصيب الحالات الخاصّة، والنّقل اللّوائيّ تلك الأساليب التي تلتف بها المديريّات على الخرّيجين من أجل تمرير حالات خاصّة أو حالة تخصّص أو حالة مخصّص ، ويتمّ استخدام النّقل اللّوائيّ كوسيلة لتضليل ذوي المراكز المتقدّمة لتمرير من هم في مراكز متأخّرة ، ولا يعقل أن يكون في محافظة أو مديريّة أقلّ من محافظة 25 حالة نقل لوائيّ أيّ أكثر من 40% من المراكز المخصّصة للمديرية تحت مسمّى حالات خاصّة ونقل لوائيّ .

يأتي بعد يومين امتحان التّوظيف بحلّته الجديدة وقيوده العتيدة ليحكم قبضته على أحلام الخرّيجين الذين اعتادوا منذ سنوات زيارة تلك القاعات اللّعينة التي تذكّرهم بسنوات مضت على تخرّجهم وهم في بيوتهم دون وظائف ودون أيّ دخل عليهم ، يأتي امتحان التّوظيف بمعايير جديدة أبرزها أنّ الحدّ الأدنى لعلامة النّجاح  هو 70% ، ويأتي الامتحان في ظلّ أصوات من الخرّيجين تنادي بمقاطعة هذا الامتحان، وأخرى مغلوب على أمرها تعيش على أمل أن يضرب الحظّ معها في هذا العام ويكون لهم فرصة بالتّوظيف .

أصبح يشكّل الامتحان معاناة حقيقيّة للخرّيج ، ومأـساة تتجدّد كلّ عام دون حلول أو تغيّر في سياسات الوزارة يساهم ولو بالقليل في تحقيق عدالة اجتماعيّة في صفوف الخرّيجين ، هي كارثة لا يعي حجم خطورتها أصحاب القرار، أو أنهم يتجاهلون خطورة بطالة الخرّيجين ولا يريدون إيجاد حلول لإنقاذ الأجيال من الشّباب الذين تخرّجوا من الجامعات وعجزت الحكومة والوزارة والجهات ذات العلاقة عن إيجاد حلول لهذه المعضلة .

الغريب أن الوزارة سوف تقوم يوم السّبت بزيارة تفقّديّة لقاعات تقديم الامتحان، وتريد أن تدعو وسائل الإعلام للتّصوير وكأنّها تقوم بعمل يستحقّ أن تراه الجماهير ، و هم بهذا يتحدّون إرادة الخرّيج ويتحدّون كرامته، فقط يريدون أن يظهروا على شاشات التّلفاز، ولا  يهمّهم ما قد يُقال عند مشاهدتهم على الشّاشات فهم لا يسمعون من أحد، فلا يوجد لهم أشقّاء ولا أخوات ولا أزواج ولا زواجات ولا حتّى أبناء وبنات يتقدّمون لهذا الامتحان للمرّة الخامسة والسادسة ...، وهناك في هذا العام من يتقدّم للمرّة الثّانية عشرة للامتحان ، نعم هم موظّفون ، أبناؤهم موظّفون ، بناتهم موظّفات زوجاتهم أيضاً موظّفات ، وأبناؤهم في مدارس خاصّة .

باعتقادي أن حلّ قضيّة بطالة الخرّيجين أهمّ بكثير من الومضات الإعلاميّة حول ما يسمّى رقمنة التّعليم ، ولا أعتقد أن مدراس الحكومة مهيّأة ومناسبة لتحوّل التّعليم الالكترونيّ ، فهي تفتقد إلى البنية التّحتية الملائمة لذلك ، وليس هذا فحسب ،  فهي مدارس تفتقد إلى نظام التّدفئة في الشّتاء ،  ونظام التّبريد في الصّيف ، تفتقد إلى الكثير من مقومات التّعليم ، وباعتقادي أنّ هناك مثلث مهمّ يجب أن يعي المسؤولون أهمّيته وبدونه لن تنجح سياسات وخطط وأحلام ورديّة ، أول أضلاع ذاك المثلّث : هو المعلّم وبدون كرامة للمعلّم وراتب يجعله يعيش حياة كريمة مستحيل أن يكون هناك رقمنة ولا حتّى برطنة للتّعليم ، والضّلع الثّاني هو: المدرسة وجاهزيتها ، وهنا نجد مدارسنا تعاني النّقص في أمور كثيرة هي ذات أهمّية وأولويّة تفوق مشروع الاستثمار في رقمنة التّعليم ، والضّلع الثّالث والأخير : وهو مخرجات الجامعات وهو خريجو الجامعات ويتجسّد في بطالة الخرّيجين التي تصل إلى 96% دون حلول . هو ذاك المثلّث الذي يتوجّب على وزارة التّربية والتّعليم أن تهتمّ به وأن تجعل منه قاعدة للهرم التّطويريّ للتّعليم في فلسطين ، ولن يكون هناك تطوير في التّعليم دون إحداث تغير جذري في أضلاع مثلّث التّطوير ، ولن يكون هناك تقدم في العمليّة التّعليمة وسيبقى مشروع رقمنة التّعليم سراب ووهم أشبه بمن يحلم بأن يكون مليونيراً وهو لا يملك دفع فاتورة هاتف منزله ، فيجب أن تكون أحلامنا على واقعيّة وتهدف إلى خلق كرامة للإنسان ، المعلّم ، والخرّيج ، والطّالب .