مؤتمر دولي في المغرب مطلع "مايو" المقبل يبحث إشكال العلاقة بين الحوار والأخلاق في مشروع الفيلسوف طه عبد الرحمن

مؤتمر دولي في المغرب مطلع "مايو" المقبل يبحث إشكال العلاقة بين الحوار والأخلاق في مشروع الفيلسوف طه عبد الرحمن
رام الله - دنيا الوطن
ينظم مختبر الترجمة والتواصل بكلية "الآداب والعلوم الإنسانية" جامعة "شعيب الدكالي" المغربية في مدينة "الجديدة"، بالتعاون مع مختبر الترجمة وتكامل المعارف بجامعة "القاضي عياض" في مراكش، وفريق البحث في التعليم والترجمة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية جامعة "ابن زهر" في أكادير، المؤتمر الدولي الثالث تحت عنوان "إشكال العلاقة بين الحوار والأخلاق في الفكر المعاصر: مشروع الفيلسوف طه عبد الرحمن نموذجا، خلال يومي 3- 4 مايو المقبل.

ويأتي المؤتمر في وقت يشهد فيه الفكر المعاصر تحديا جديدا يتصل بموضوع الحوار والأخلاق باعتبارهما مكوِّنين من مكوِّنات الفكر المعاصر، ومظهَرين من مظَاهِره، يتَقوى بقوَّتِهما، ويضعف بضعفهما، ويكاد يتلاشى بغِيابهما. فلولا الحوار لنشأ الفكر المعاصر في انعزال تام عن الوضع الفكري العام للمجتمع، ولولا وجود الأخلاق لما اكتسبت المجتمعات الإنسانية تفكيرا عقلانيا منفتحا على القضايا المطروحة.

هذا الوضع، جعل المهتمين بمستقبل الفكر المعاصر يعتقدون أن تجديد هذا الفكر سيتم في مجال "الحوار والأخلاق"، الذي أصبح يُثبت تدريجيا أن عصر الفيلسوف الأكاديمي المنغلق الذي يمارس التفكير النظري في قضايا المعرفة والوجود والقيم لم يعد كافيا، بل لابد من إسهامه في الإشكالات التي يطرحها الحوار ومقتضياته، وأن ينفتح على عالم الأخلاقيات وما يتصل بها من تطبيقات في مجال السياسة والاجتماع والطب والدين والقانون وغيرها من المعارف، وأن يساير اهتمامه اهتمامات الأجيال الجديدة.

ولا أحد يجادل في كون الفكر المعاصر قد راكم في تاريخه نقاشا حواريا سواء في تحديده لماهية الأخلاق أو في مناقشته لإشكالاتها الدينية أو الدنيوية أو القانونية، وهو نقاش ترجع جذوره المعاصرة إلى الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط (1724-1804) خصوصا في كتابه "نقد العقل العملي" الذي بحث فيه جانب الأخلاق والضمير الإنساني، ليشرّع الأخلاق الإنسانيّة للإنسان، ويبوّئه المكانة المعياريّة مستقصيا فيه فلسفة الجمال والغائية، ليمتد فكره إلى الفلسفة المعاصرة مع الفيلسوف الألماني يورغن هابرماس صاحب نظرية الفعل التواصلي والمدافع عن فكرتي العقل والأخلاق، ثم بعده الفيلسوف الأمريكي جون راولز (1921 – 2001) في تطويره لنظرية العدالة وغيرهما من الفلاسفة المعاصرين.

المؤتمر يناقش مشروع الفيلسوف المغربي طه عبد الرحمن الواعي بإشكال العلاقة بين "الحوار والأخلاق" معتبرا الأخلاق أفقا للحوار والفلسفة، وأنه البوّابة الرئيسة لإعادة إحياء الإنسان.

ويقدَّم  طه عبد الرحمن في مشروعه الرَّصد الفكري والفلسفي للتحولات التي فرضتها القواعد الأخلاقية العالمية على الإنسان المعاصر، باعتبار أنه يعوّض الأخلاقيّة بالعقلانية المجرّدة التي هي أقلّ رُتب العقلانيّات الإنسانيّة، مميزا بين "العقل النظري" الذي يبحث في ماهيات الأشياء وفي أسبابها الكلية وعلاقاتها الضرورية عن طريق البرهان، وكيف يكتسب الإنسان الفضيلة طلبا للسعادة وكيف يكون مواطنا صالحا يطلب الخير العام لمجتمعه وللعالم برمته.

وكان لتجليات العلاقة بين الحوار والأخلاق في مشروع الفيلسوف المغربي عمق كبير في تحديد إنسانية الإنسان، وهو الذي يرى أن هذه العلاقة تتحدد بالأخلاق وليس بالعقلانية المجردة خلافا لعدد من الفلاسفة. وقد استدل الفيلسوف على هذا المبدأ في كتبه العديدة ومنها "سؤال الأخلاق" و"سؤال العمل" و"روح الحداثة"، معتبرا أن جميع أفعال الإنسان بما فيها أفعال العقل أفعال خُلقية فيلزم أن يكون العقل جزءً من الأخلاق، بمعنى أن يصبح العقل تابعا للأخلاق في الأفعال والتصرفات.

ويعد المؤتمر الدولي الثالث حلقة وصل تكاملية مع المُؤْتَمرَيْن السابقين، وهما المؤتمر الأول في "أكادير" والثاني في "مراكش"، ليفتح المجال أمام الباحثين في تخصصات مختلفة، لمناقشة هذا الموضوع الحيوي انطلاقا من تجارب عالمية، ومقاربات نظرية  مختلفة، مركِّزاً على الإشكالات المتصلة بمفهوم الحوار والأخلاق وما يثيرانه من اتصال أو انفصال في الفكر المعاصر.

ويناقش المؤتمر خمسة محاور هي، على الترتيب: مفهوم "الإنسان" بين العقلانية والأخلاقية، والمقتضيات الأخلاقية للحوار، والنظريات الحوارية المعاصرة ومواقفها من الأخلاق، و الحوار والأخلاق بين الترشيد والتجديد، و التواصل والحوار الحضاري.

ويقام المؤتمر برعاية المؤسسة العربية للفكر والإبداع والمجلس العلمي لمدينتي الجديدة وسيدي بنور وجامعة شعيب الدكالي وكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالجديدة.