بعد ماحدث في صالة للأفرح : ما أصل "الشعوذة" في الدين وطب النفس ؟!

بعد ماحدث في صالة للأفرح : ما أصل  "الشعوذة" في الدين وطب النفس ؟!
رام الله - دنيا الوطن
ظاهرة قديمة حديثة خارجة عن المألوف فهي ليست في شريعتنا الاسلامية ولا في عرفنا ولكن ظهرت نتيجة رغبة بعضهم في استغلال الأخرين لتحقيق مصالحهم، و نتيجة لجهل البعض فانهم يلجأون الى "المشعوذين" معتقدين ان في ذلك الخلاص من مصابهم.
 
الشعوذة كلمة ليس لها معنى أو وجود في قاموس اللغة العربية ولكنها ظاهرة غزت دول العالم الثالث بكثرة حتى اصبح الكثير من الشعوب يؤمنون بها متناسين بان الله عز وجل هو وحدة القادر على الشفاء وتفريج الهم

ومن ابرز الحالات في الزمن القريب التي وقعت في قطاع غزة هو ما حصل في صالة للافراح شمال غرب قطاع غزة عندما تفاجأ الشاب محمود سليمان بنهاية مأساوية غير متوقعه لعرسه، الذي أقامه بتلك الصالة، فقد بدأت الأحداث عندما  فقد والده الوعى دون سبب مما دفعهم لنقله إلى مجمع الشفاء الطبي وإعادته صالة الزفاف محملا على سرير المشفى. 

لم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل إستمرت الأحداث المريبة بالتتابع عندما بدأت النساء تتساقط ويغمى عليها واحدة تلو الأخرى ليصل عددهم إلى 15 شخص وتم نقلهم بشكل متواصل إلى المستشفى. 

ماذا يعني "شعوذه" وكيف يتم استخدامها نفسيا واجتماعيا..
 
بدوره اعتبر الشيخ الدكتور حسن الجوجو رئيس المجلس الاعلى للقضاء ان الشعوذة هو جزء من السحر، لافتا الى ان الله تعالى امر بالتعوذ من السحرة و الساحرين عندما قال :" ومن شر النفاثات في العقد ومن شر حاسد اذا حسد"، و: " من شر الوسواس الخناس "، كما ان الله امر بجملة من الاجراءات بالذكر والابتعاد عن السحرة و المشعوذين الذين يفرقون بين المرء وزوجه.

 وقال لـ"دنيا الوطن": "السحرة موجودون وخطرهم كبير حيث ان الرسول قال: (من اتى عرافا وهو به مصدق فقد كفر بما انزل على محمد)".

 واكد ان هناك عرافون و سحرة ولكنهم ليسوا كثر بالوقت الحالي ، معتبرا ان هذه الحالة تلاشت بسبب كثرة الوعي لدى الناس، لافتا الى ان هذه الظاهرة كانت منتشرة قبل 30 عاما بشكل واضح ولكن مع وجود الثقافة والوازع الديني فان هذا الامر قل.

 وحول كيفية العلاج من هذه الظاهرة قال الجوجو: "هناك رقية شرعية و التي امر بها الرسول و التي تتمثل في قراءة الفاتحة واية الكرسي والاخلاص والمعوذتين و بعض الاذكار لذلك فان هناك مختصون بذلك".

 واكد الجوجو ان المشعوذ هو مفسد في الارض، والاصل ان يستتاب من يلقى القبض عليه، لان هذا الامر يخالف العقيدة الاسلامية وان لم يتب فيُقتل حدا على اساس انه مفسد في الارض لقول العلماء ان الساحر او المشعوذ هو من يعتقد انه على حق فانه يُقتل حدا.

لا أصل للشعوذة

 بدوره نفى الدكتور ماهر السوسي ان يكون للشعودة اي نصيب في الدين الاسلامي، مؤكدا انه لاوجود اصل لكلمة الشعودة في اللغة العربية.

وقال: "الشعوذة هو درب من دروب الدجل والتنجيم و الكذب، حتى السحر الذي تحدث عنه القرآن لا علاقة له بهذا الامر انما المشعوذ هو انسان دجال وكاذب يتعامل مع الجن والمردة الكفرة ويستغل حاجات الناس و ضعفهم لمصالح شخصية، بكل الاوجه لا يستطيع ان يحقق الناس اي مسلك ايجابي باي حال من الاحوال".

 وفيما اذا عرضت عليه حالات اكد السوسي ان الحالات كثيرة، لافتا الى ان هؤلاء المشعوذون لم يقوموا بحل اي مشكلة تعرض عليهم بل بالعكس يساهمون في زيادة مصائب الناس، على حد تعبيره.

وحول كيفية العلاج اوضح ان القضية تتعلق بنوع المشكلة التي يعاني منها المصاب، لافتا الى ان هناك امر يغفل عنه الكثير من الاناس وغير موجود في ثقافة المجتمع والذي يتمثل بالمرض النفسي المعروف عند العلماء والاطباء المتخصصون، مشيرا الى ان الفرق بين المرض النفسي والشعوذة او السحر هو شعرة فقط بحيث يصعب الناس التفرقة بين الاثنين، مبينا ان الامر يبدأ من الاخصائي النفسي فان وجد انه بامكانه علاج حالة مصابة بالشعوذة فانه يعالجها، مشيرا الى ان المصيبة هنا ان يذهب المريض النفسي الى المشعوذ.

وقال: "ليس كل انسان اصيب بضائقة او أزمة يكون انسان مسحور، لذلك يجب ان يعرض نفسه على طبيب نفسي".

واضاف: "هناك مجموعة من الرقاة الواردة عن النبي الذي لا ينطق عن الهوى فاذا كان الرجل غير مريض بمرض عضوي او نفسي او كان عنده حسد فان هذه الرقية ان صدرت من انسان تتوفر فيه صفات اهمها الصدق والامانة والاخلاق والرقى واليقين ان الشافي هو الله  فان هذا الامر يمكن ان يساهم في اخراج المأزوم من ازمته ان لم يكن يعاني من مرض نفسي".

دور وسائل الاعلام

 وبين ان لوسائل الاعلام دور كبير في تغيير ثقافة الناس وبيان ان هؤلاء السحرة هم نصابون يعملون على تحقيق مصالحهم، حيث ان الرسول قال: (من اتى كاهنا او عرافا فقد كفر بما انزل على محمد).

اما الاخصائي النفسي الدكتور فضل ابو هين اوضح ان الشعوذة هي عبارة عن ادخال معتقدات خاطئة الى عقول الناس لايهامهم بصحتهم، وهذا يعني التغيير والتزيف في وعي الانسان وجعله مجرد من عاطفته وارادته، فكلما امن بالشعوذات كلما كان ضعيفا اما قدرات القدر والخلق والطبيعة و الامور الحياتية، وبالتالي فان المشعوذين يحاولوا غرس افكار داخل عقول الضعفاء للسيطرة عليهم.

العلاج

وفيما يتعلق بالعلاج اكد ان هذه الظاهرة موجودة في الشعوب المتخلفة ودول العالم الثالث وبالتالي احد وسائل المقاومة هو الاعلام والتوعية سواء بالاعلام المقروء او المسموع او المرئي لانه يستطيع الوصول الى عقول الناس بأسرع طريقة، لذلك لان لم تكن هناك وسائل اقوى من وسائل المشعوذين للوصول الى عقول الناس فان هذه الظاهرة ستكون موجودة.

وقال: "هناك فرق بين الجن و الشعوذة، فالجن موجود لان الله افرد سورة في القرآن عن الجن، حيث لا ندري كيف يتحرك وكيف يعيش لذلك يستغل الكثير من المشعوذين هذه الظاهرة لاجل غرس افكار في عقول الناس/، فمن هذا المنطلق فان الشعوذة هي بلجوء الانسان الى بعض الحركات الغير منطقية والتي لاتدخل في العلاج النفسي او الطبي او الديني، ومن امثال الشعودة قراءة الفنجان و المنجل والكف والبخت، لذلك فان الشعوذة لا اصل له، اما الجن فان له اصل حيث انه مذكور في القرآن الكريم". 

واضاف: "تعرضنا الى حالات كثيرة جدا، حيث كنا نتعرض لحالة ما فمن خلال الجلوس معها ندرك بانها ليس حالة نفسية و انما هي حالة لها اوضاع اخرى، تخيل عندما تشاهد امرأة امية لا تقرأ ولا تكتب نهائيا و فجأة تجدها تتحدث اللغة الانجليزية بطلاقة وهذا لا علاقة له بالمرض النفسي وانما هناك شيء اخر دخل في حياة هذه المرأة".

واوضح ان الامور النفسية تحتاج الى زمن طويل كي تظهر و تتطور، لكن إذا كان الانسان مريض بالجن او الشعوذة فان الاعراض تحدث وتظهر بشكل سريع جدا.