الترحم على شهيد دليل إدانة.. هل عرفتم تهمة "التحريض"؟

الترحم على شهيد دليل إدانة.. هل عرفتم تهمة "التحريض"؟
رام الله - دنيا الوطن
يستخدم الإسرائيليون قانوناً يسمح لهم باعتقال من يريدون في القدس، بتهمة التحريض. لا يهم ماذا تفعل أو تقول؛ التهمة جاهزة: «أنت تحرض ضد إسرائيل». حتى بات وجود أهالي شهداء القدس في أي فعالية، لو كانت لتعليم القراءة، «تحريضاً على العنف»

إذا نظرنا من منظار العدو الإسرائيلي إلى ما يفعله الفلسطينيون في مدينة القدس المحتلة، من نشاطات وسلوكيات في حياتهم اليومية بعيداً عن السياسة، سنجدها في معظم الأحيان لا تخرج عن إطار ما يحبّ العدو تسميته: «التحريض».

مشاعر الغضب لدى المقدسيين باتت تحريضاً إذا ما عبّروا عنها على صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، أو في حال استضافتهم بعض المثقفين المرتبطين بطريقة مباشرة أو غير مباشرة بشهداء نفذوا عمليات خلال «انتفاضة القدس».

لكن «التحريض» في القانون الإسرائيلي المعمول به في القدس المحتلة، الواقعة قانوناً تحت سلطة إسرائيلية، مصطلح فضفاض وغير محدد بإطار معين، ما يسهّل على العدو التلاعب به وإلصاق تهمة التحريض بمن يشاء، حتى ضد الذين يعبّرون عن مواساتهم لأهالي الشهداء، أو الذين يكتبون على صفحاتهم في مواقع التواصل الاجتماعي عبارة «رحمة الله على الشهيد»، وما يشبهها من عبارات.

وبرغم قلّة أعداد المعتقلين بسبب هذه التهمة، فإنه لا يمكن الاستهانة بها أو بخطورتها، فهي توازي الاعتقال الإداري، وتخالف شرعة حقوق الإنسان المتعلقة بحرية الرأي والتعبير. وفي أواخر 2014، اعتقل العدو 12 مقدسياً بتهمة التحريض على موقع «فايسبوك». وفي ٢٠١٥، اعتقل ٤٢ مقدسياً، ثم اعتقل العدو من بداية العام حتى نيسان الجاري، 25 مقدسياً، من بينهم الصحافية سماح دويك، التي وجهت لها تهمة التحريض. وكان دليل إدانة دويك 12 منشوراً على صفتحها على «فايسبوك».

لم يقتصر توجيه التهم إلى المقدسيين بالتحريض على المنشورات التي يكتبونها أو التي يلقونها على مسامع عيونه المنتشرين في كل مكان، بل تعدى ذلك ليكون وجود ذوي الشهداء في أي نشاط مقدسي «تحريضاً على العنف»، حتى لو كان النشاط بعيداً كل البعد عن السياسة.

في هذا السياق، أوعز رئيس حكومة الاحتلال ، بنيامين نتنياهو، إلى المستشار القضائي للحكومة أفيخاي مندلبلت، بالنظر في قضية حضور والد الشهيد بهاء عليان ووالدته، بالإضافة إلى والدة الشهيد محمد علي، في فعالية أقامتها مدرسة في جبل المكبر (القدس) بمناسبة عيد الأم، وذلك لفحص إمكانية إدراج الفعالية في إطار «التحريض».

كذلك امتلأت مواقع التواصل الاجتماعي الإسرائيلية بمنشورات تحريضية ضد العرب تحت عنوان «الموت للعرب». وصار هذا الشعار مرفوعاً في جميع التظاهرات الإسرائيلية، التي خرج في آخرها عشرات الإسرائيليين في تل أبيب رفضاً لقرار القضاء الإسرائيلي بمحاسبة الجندي الذي قتل الشهيد عبد الفتاح الشريف في الخليل.

في تلك التظاهرة، ردد المشاركون ورفعوا لافتات كتب عليها «الموت للعرب»، من دون أن يتسبب ذلك باعتقالهم كما يفعل العدو بالمتظاهرين الفلسطينيين، الذين اعتقل بعضهم بتهمة «التحريض على خطف جنود»، بعد هتافهم في إحدى المسيرات بعبارات تطالب المقاومة بخطف جنود إسرائيليين لإطلاق سراح الأسرى.

وتراوح مدة السجن التي يحكم القضاء الإسرائيلي فيها على أي متهم بالتحريض ما بين ستة أشهر إلى اثني عشر شهراً.