مقابلة "الزهار" وتصريحات "أبو ردينة"

مقابلة "الزهار" وتصريحات "أبو ردينة"
كتب غازي مرتجى


تناقل الفيسبوك مقابلة منسوبة للدكتور محمود الزهار القيادي في حركة حماس - كان من الواضح أن المقابلة مُفبركة وغير حقيقية نظراً لما ورد فيها من مواقف غير منطقية إضافة الى صياغة صحفية ركيكة , قبلها تناقل الفيسبوك ذاته صورة لخبر على لسان نبيل أبو ردينة منقولة عن "وفا" حول إدانة عملية القدس وكانت الصياغة ركيكة أيضاً ولا (سند) لهذا الخبر المُفبرك في الوكالة الرسمية .

عند التقصّي عن ناشر "مقابلة الزهار" و "خبر أبو ردينة" المُفبركين تجد أن مصدرهما مواقع التواصل الاجتماعي - لكن المشكلة ليست هنا بقدر تناقل هذه الروايات من بعض المواقع التي تدعّي المهنية ولم تقم ببذل جهد بسيط بالبحث عن مصدر "الخبر" المُعنون في التصريحين المُفبركين -مجلة بلجيكية ووكالة رسمية- !

في خضم تلك الاستهبالات غير المُحترمة لا تزال عدّة منصات الكترونية تُفبرك وتُهاجم تارة مؤسسات وطنية كبنك فلسطين ومرة أخرى الرئاسة الفلسطينية لتصل لشخصيات في الضفة ومن جهة أخرى بعض الوكالات تنشر أكاذيب تشويه لسُمعة المواطنين وتعمل على ضرب البُنية الاجتماعية الفلسطينية الداخلية وتُفبرك تصريحات ومواقف على لسان قيادات من غزة.

لو طلبت حجب هذه المواقع مرّة وإلى الأبد في كل فلسطين سيتخذ البعض المُتنفذ هذه السابقة عنواناً لحجب منصات ومواقع الكترونية مُحترمة لكنها مُعارضة بالمعنى الحقيقي لا التشويهي وهو "مطب" يُمكن من خلاله تخليص "حسابات" عند البعض وآخرون سيعملون على نفي الرأي الآخر للأبد وهذا التخوّف الحقيقي , القانون الفلسطيني المعمول به حالياً به عُوار قانوني واضح ولا يُمكن استخدامه في ظل الطفرة التكنولوجية غير المسبوقة الحاصلة حالياً ولا يزال القانون منذ عام 1936 ساري المفعول ويُحاكم مُرتكب الخطأ بإساءة استخدام جهاز كهربائي !

باعتقادي أن إقرار قانون عصري للإعلام يتضمّن عقوبات رادعة لكل من يعمل على الاستخدام السيء للتكنولوجيا بما يضر بسُمعة الصحافة الالكترونية الواعدة أصبح أمر مُلّح لدرجة يجب التسريع بها قدر الإمكان وعدم انتظار خزعبلات بعض جهات المجتمع المدني التي تحوم حول مشاريعها شُبهات فساد وإفساد .

خلال شهر واحد تسبب الاستخدام السيء للتكنولوجيا بمحاولات كسر الثوابت الوطنية وتشويه السُمعة الشخصية لوالد شهيدين كمقابلة الدكتور الزهار ومحاولة الاجهاز على مُكتسبات اقتصادية وطنية كبنك فلسطين , وتسجيل مواقف على حساب العلاقات الداخلية كخبر الدكتور أبو ردينة .. وبينهما إطلاق للإشاعات واستغلال للحرية التعبيرية على الفيسبوك مما شكّل خطراً على البنية المجتمعية الداخلية الفلسطينية .

في مصر عندما نوقش قرار الفيسبوك بالرقم الوطني حاول البعض مهاجمته واعتباره منافيا للحريات , فما بالنا في فلسطين لا يوجد قانون مُنظّم لإنشاء منصات وصحف الكترونية وكل من يملك ألفي دولار بإمكانه اللعب على وتر الرأي العام بالكذب والتأليف والتشويه , فيكفي أن تُنشيء موقع الكتروني وتضخ بعض الاعلانات الممولة على التواصل الاجتماعي لتصل "كذبتك" لآلاف المُتربصين والمُتصيدين .

في ظل إشاعات تسونامي استخدم أحد الأطفال "يبلغ من العمر 15 عاماً" الفيسبوك بشكل كاد يُسبب مصائب داخلية بعد أن قام بإنشاء صفحة على الفيسبوك باسم دنيا الوطن الإخبارية  قام بنشر "بوست" يُحدد فيه موعد وزمان التسونامي (الاكذوبة الكبرى) وعلى الرغم من قلة عدد المتابعين لصفحته الا ان هذا البوست شاهده عشرات الآلاف حتى تحدث معي البعض مُعاتباً وهو لا يعلم أن هذه الصفحة لا علاقة لنا بها - وبعد البحث قمنا بمخاطبة رسمية لـ"فيسبوك" ونشرنا تنويهاً على الصفحة الرسمية وعلى الموقع الإلكتروني - ورغم ذلك فقد أثرّ هذا البوست الذي صدر عن هذا المراهق على بعض قرّاء التواصل الاجتماعي- ولا شك أساء لنا كموقع الكتروني مهني قُمنا منذ بداية بث اشاعة تسونامي بلقاء الأكاديميين والمتخصصين لتكذيب الخبر المُتداول .

لماذا يتم مساواة الإعلام الالكتروني المعروف والمرخص بمن يستطيع إنشاء موقع الكتروني كل يوم ليبث فيه خزعبلاته وكذباته وفبركاته ؟

فبركة لقاء الدكتور الزهار ومن قبله خبر الدكتور أبو ردينة يجب أن يكون فاتحة لعمل سريع يُوازي سرعة التكنولوجيا الآنية لإنشاء قانون عصري للإعلام الالكتروني يضمن حقوق المواطنين والمواقع الالكترونية المرخصة والمعروفة على حد سواء بدلاً من الوقوع لاحقاً بعشرات الفبركات على لسان القيادات الفلسطينية - فالمُصطادين بالماء العكر كثر ويتصيدّون تلك الثغرات .

أدعو زملائي المُحترمين في نقابة الصحفيين بتشكيل لجنة مهنية من الضفة وغزة , لتكون نُواة لصياغة قانون إعلامي إلكتروني -لن يستطيع صياغته إلا من خاض التجربة الاعلامية الالكترونية - بعيداً عن الصراعات الحزبية الفصائلية والمُسميات المُختلفة فإن قانون إعلامي الكتروني عصري أصبح ضرورة مُلحّة لا بُدّ من إقراره بأقصى سرعة بدلاً من انتظار بيروقراطية العمل الرسمي .