تحقيق دنيا الوطن : مخيم الشاطئ يتعرض لانجراف من البحر ..

تحقيق دنيا الوطن : مخيم الشاطئ يتعرض لانجراف من البحر ..
دنيا الوطن _ عبدالله ابو حشيش

كوارث قادمة ..

بات انجراف مياه البحر  يهدد المنطقة الساحلية لمخيم الشاطئ للاجئين غرب مدينة غزة بشكل ملحوظ و كبير دون ادراك الجهات المختصة  بهذه المشكلة والتي قد تسبب تدمير ارصفة الشارع الرئيسي وفي حال تركه ووضع حل للمشكلة سوف يسبب كارثة بيئية كبيرة في تلك المنطقة من المخيم.

الجدير بالذكر ان  مخيم الشاطئ يقع  بجوار البحر غرب مدينة غزة. وأنشئ المخيم على مساحة 750 دونم (أقل من كيلو متر مربع) عقب الحرب العربية الإسرائيلية عام 1948 ليسع مئة ألف لاجئ من من مختلف البلدان التي احتلها الاحتلال عام 48م.

انجراف شاطئ البحر جاء بعد ترميمه من قبل الجهات المتخصصة بتمويل خارجي قبل خمسة سنوات ، وتم تأسيس اماكن لجلوس المواطنين عليها وتنظيفها من اكوام الركام الكبيرة ، ومع مرور الوقت تاكل الشاطئ واصبح مداه نتيجة ارتفاع مد وجزر البحر يقترب من ارصفة الشارع الرئيسي ولم يبقي مكان للجلوس هناك ، غير انها اصبحت منطقة خطيرة بالوقت الذي يكثر الاطفال بالمخيم .

والي المنخفضات التي شهدتها البلاد خلال الاعوام القليلة الماضية فقد تسببت الرياح في ارتفاع امواج البحر بصورة غير مسبوقة منذ سنوات، وأصبح البحر شديد الهيجان، والمد البحري وصل إلى حافة الطريق في مخيم الشاطئ، ما أدي الي بقاء الصورة التي سببتها المنخضات كما هي دون تراجع بسبب خروج كميات كبيرة من الكتل الاسمنتية والصخور جعلت من المنطقة كارثة بيئية خطيرة .

خطورة شديدة...

وأجمع سكان المنطقة خلال جولة ( دنيا الوطن ) بالمنطقة علي ان المرحلة القادمة خطيرة جدا حال استمر هذا الانجراف ، علما ان منازل المواطنين بالوقت الحالي يبعد عن ساحل البحر سوى امتار قليلة ومن هنا تبدأ الخطورة .

وكشف المواطنون ان المنطقة رممت قبل سنوات قليلة ماضية وتم تأسيس مدرجات اسمنتية مثبتة لاصطياف السكان عليها خلال فترة الصيف ، لكن انجراف البحر دمر كل ما أسسته الجهات المانحة التي عملت بالمشروع .

واشاروا في حديث لــ" دنيا الوطن " ان ساحل بحر المخيم نستخدمه للنوم كبديل عن منازلنا من خلال اقامة معرشات صغيرة في فصل الصيف ، لكن هذا العام سوف نعاني من أزمة حقيقية في ظل ارتفاع الحرارة واستمرار قطع الكهرباء عن غزة .

الحد من المشكلة..

وطرقت ( دنيا الوطن ) ابواب الكثير من المؤسسات المختصة بهذا الشأن للاطلاع أكثر حيث قال مدير المشاريع في برنامج الامم المتحدة الانمائي ( UNDP) انه ليس من اختصاصنا هذا الأمر ، لكن ساهمنا بشكل خارج عن دورنا بارسال شاحنات محملة بالحجارة بعد مناشدة بلدية غزة لنا ووضعها بالمنطقة الساحلية لمخيم الشاطئ للمساهمة في الحد من المشكلة القائمة بشكل مؤقت ، لان ذلك يحتاج الي تمويل كبير ومشروع ممول دوليا .

لكن بلدية غزة لم تقف صامتة تجاه هذه الازمة ، حيث قامت بمراسلة كافة الجهات المعنية مثل ( وزارة الحكم المحلي ، والاشغال العامة ، ومنظمات الامم المتحدة ، وسلطة البيئة ) بانتظار ردا ايجابيا لهذه الازمة .

واوضح المهندس عبدالرحيم ابو القمبز مدير عام الصحة والبيئة في بلدية غزة ان البلدية تعمل جاهدة بالحفاظ علي شاطئ غزة بشكل عام من الناحية الصحية والبيئية ووضع حلول لمناطق الانجراف التي تحصل علي امتداد الشاطئ .

وبين " ابو القمبز " لــ( دنيا الوطن ) ان من اكثر المناطق التي تأثرت هي المنطقة الواقعة شمال ميناء الصيادين حيث تسبب في تلك المنطقة بفعل الاجواء التي شهدها قطاع غزة من امطار ورياح وعواصف انجراف باتجاه الطريق العام الامر الذي سيؤدي الي انهيار الطريق حال استمرت دون معالجتها بشكل عاجل .

وبفعل متابعة البلدية لهذه المشكلة تقوم الاخيرة جاهدة كل فترة واخرى بارسال شاحنات محملة بالباطون وبقايا البيوت المهدمة ووضعها في منطقة الشاطئ الساحلية للحد من تجاوز الازمة القائمة وحماية شارع الرشيد والذي سيتأثر بشكل كبير حال عدم ايجاد مشروع لترميم المنطقة .

وطالب " ابو القمبز" بضرورة الاسراع في التنسيق مع المانحين وخاصة اللجنة القطرية بتمويل مشروع انشاء ألسنة في منطقة مخيم الشاطئ الساحلي ، والذي يعتبر امتداد لشارع الرشيد الذي تموله قطر حاليا خشية من حدوث أزمة خطيرة تسبب في انهيار الشارع والمنازل المجاورة للمنطقة نفسها.

معاناة دائمة..

هذا لا يزال مخيم الشاطئ للاجئين يتقاسم  ملامح الشقاء والبؤس بالنظر إلى شدة تردي الاوضاع الاقتصادية والبيئية والصحية وغيره  داخل المنازل المتهاوية فيه وتحديدا المناطق المطلة علي شاطئ البحر حيث تظهر علي منازلهم قسوة المعيشة ، بالوقت التي تسلط (دنيا الوطن ) الضوء علي معاناة تلك البقعة من المخيم والتي قد تتأثر بفعل استمرار انجراف مياه البحر باتجاه الشارع العام .

يذكر ان المسئول الأول عن تحسين ظروف حياة اللاجئين هناك، هي وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين بالتالي  تقر بأن أوضاع المخيمات الفلسطينية عامة "مأساوية"، وأن إصلاحها ليس بمقدور الوكالة على الأقل في الوقت الحالي بفعل محدودية تمويلها وميزانيتها، بالتزامن مع تزايد أعداد اللاجئين.

ويحتاج معاناة المنطقة الساحلية من مخيم الشاطئ إلى تضافر جهود مختلف الأطراف المحلية والدولية لإنهاء الكارثة قد تحدث بأي لحظة وهي انجراف مياه البحر وتحسين ظروفهم، أسوة ببقية اللاجئين في غزة.

اسباب الانجراف..

إلتقت (دنيا الوطن ) اثناء تجولها في المنطقة بالمواطن " ابو جميل ابو سيف" صاحب احد المنازل القريبة من البحر حيث اعرب عن قلقه الشديد خلال الاعوام القليلة المقبلة من ازدياد نسبة الانجراف ، علما ان وضع منزله الحالي مهدد بالخطر و لولا شاحنات الحجارة التي كانت وزارة الاشغال والبلدية والاونروا تلقيها امام المنازل لكان هذا الشتاء قد سبب كارثة حقيقية بالمكان.

ويشير" ابو سيف " الي ان المنطقة الساحلية للشاطئ كانت عبارة عن متنزه لسكان المخيم ، بل كانوا يلعبون الكرة والاستجمام ويقيمون خيمهم الصيفية فترة الصيف للتنزه مع وجود منطقة رملية بعيدة عن المياه ، بينما اليوم انعكست الصورة واصبح المكان خطيرا جدا لكافة السكان وليس علي قدر التنزه !!

وبين ان السبب الرئيسي لهذه الحالة هو انشاء وتوسيع ميناء الصيادين والذي يبعد عن بداية مخيم الشاطئ سوي اقل من 500 متر ، موضحا انه عندما بدأ توسيع لسان الميناء وزيادة حجمه انحصرت الرمال من الجهة الشمالية عكس الجهة الجنوبية وبدأت تتشكل الازمة دون ادراك من الجهات المختصة.

أما الخبير البيئي د.عبدالمجيد نصار اوضح ان ظاهرة الانجراف هي حالة طبيعية ورمال البحر تتجه من الجنوب للشمال ، لكن عندما تقام الألسنة والحواجز بالبحر يحدث تآكل وحجز للرمال مما يسبب انجراف بمياه البحر .

وكشف " نصار " خلال حديثه لـ" دنيا الوطن"  ان انشاء الألسنة والحواجز حتى لو بسيطة بالبحر تسبب انجراف بالمياه وتحجب الرمال التي من المقرر ان تتجه نحو المنطقة المنجرفة ، مبينا ان هذه الظاهرة تستمر ، ولربما ينجرف الشارع وتدخل المياه للمنازل المجاورة للشاطئ خلال المرحلة القادمة في حال لم ينشأ حواجز صخرية او اسمنتية تكسر قوة  موج البحر الي الامام للحفاظ على الشاطئ بشكل عام .

وذكر اسباب الانجراف والذي كان اهمها تطوير ميناء الصيادين ، وامتداد لسان الميناء مما سبب حصر الرمال بالمنطقة الجنوبية ولم تستطع الوصول للجهة الشمالية وهذا سبب رئيسي في عملية الانجراف ، علما ان المنطقة الساحلية لمخيم الشاطئ تبعد سوى امتار قليلة عن الشارع العام ، بينما يزداد هذا الانجراف كل عام أكثر من الاخر نتيجة التعرض لمنخفضات جوية قوية تعمل علي ارتفاع امواج البحر .

واشار الي ان الحماية الحقيقية للشواطئ بشكل عام تحتاج الى دعم ومشاريع كبيرة تنهي الازمة بشكل كامل وأما الحلول المؤقتة لاثمن ولاتغني ولم تحل أزمة قائمة.

فيما نفت وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين ان يكون لديها معلومات او وصل لها مناشدات حول موضوع انجراف مياه البحر باتجاه الطريق العام بشكل ملحوظ.

وقال "عدنان ابو حسنة " خلال اتصال هاتفي لمراسل " دنيا الوطن"  ان الاونروا لم يكن معها علم بموضوع انجراف الشاطئ ، فيما ارسلت بلدية غزة  عدة مخاطبات للمفوض العام للاونروا وكافة منظمات الامم المتحدة والوزارات المختصة لانهاء أزمة الشاطئ حسبما افاد لنا المهندس " عبدالرحيم ابو القمبز " مدير عام الصحة والبيئة في البلدية .

وضمن تحقيق  ( دنيا الوطن ) تم التواصل  مع سلطة جودة البيئة ، وقامت بالاتصال بمديرها العام " م. بهاء الاغا " وأكد علي خطورة المنطقة ومركزيتها ، وان ولم يتم ايجاد حلول لها  فأنها تتفاقم ، مشيرا الي ان كل عام تنجرف المياه ثلاث امتار للامام .

وكشف الاغا لـ" دنيا الوطن " عن عقد كافة البلديات والجهات المسؤولة اجتماع طارئ جمعهم لوضع حلول للكارثة التي قد تحدث بأي لحظة ، لافتا الي ان هناك مناطق بمخيم الشاطئ وصلتها مياه البحر خلال المنخفض الاخير وهذا مؤشر خطير خلال الاعوام المقبلة كون البحر ينجرف باتجاه الطريق العام ثلاث امتار سنويا.

وقال : قدمنا طلب لرئيس الوزراء في حكومة التوافق " رامي الحمدلله " لانهاء هذه العاناة من خلال ايجاد تمويل خارجي يسعي من خلاله وضع حلول جذرية للشاطئ .

واوضح ان الازمة قائمة وتتسارع وتزداد بعدما حدث انهيار لبعض الطرق من خلال حصر الرمال بالمنطقة الجنوبية ومنعها من الجهة الشمالية .

وذكر " الاغا" ان بلدية غزة تعالج الأزمة مؤقتا تجنبا من ازديادها ، لكن التآكل يزيد والخطورة تتسع بين الفترة والاخرى.

 بينما يزيد القسوة والخوف أكثر عندما يكون لا علم للجهة الوحيدة والمسؤولة عن مرافق الحياة جميعها في داخل مخيمات اللاجئين ( الاونروا) ، وهذا الامر يتنافى مع حديث مدير عام الصحة في بلدية غزة عندما قال انهم خاطبوا كل الجهات المعنية بما فيهم الاونروا .

 ويستمر مخيم الشاطئ للاجئين في تصديه  لأطنان من المشاكل" بلا حلول!بإنتظار مشاريع جديدة حتى تنهي أزمة خطيرة قد تتسبب في اغراق عشرات المنازل حال لم يتم وضع حل لها بالقريب العاجل ، سيما ان كافة المشاريع التي تصب في خدمة المخيمات بشكل عام هي في دائرة الحلول المؤقتة وليس جذرية مما يتطلب الامر الي ايجاد تمويل وجهة راعية لانهاء ازمة انجراف شاطئ مخيم الشاطئ وباقي قطاع غزة لتوقف حالة الانجراف التي تسببت في انهيار طرق رئيسية بالاضافة الي توسع هذا الجرف ليصل الي عدد كبير من المناطق  .