جاني اينفانتينو رئيسا للفيفا والتحدي الأصعب بدأ للتو

جاني اينفانتينو رئيسا للفيفا والتحدي الأصعب بدأ للتو
رام الله - دنيا الوطن - وكالات 
"سنعمل دون كلل، بدءا من نفسي"، هذا ما قاله اينفانتينو بعد انتخابه، مضيفا: "سنكون فخورين بفيفا. ستكونون فخورين بما سيقوم به فيفا من أجل كرة القدم".تلك كانت أولى كلمات السويسري جاني اينفانتينو بعدما أسدل الستار على انتخابات رئاسة الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" بفوزه الجمعة 26 شباط ـ فبراير الجاري، خلفا لمواطنه جوزف بلاتر. 

ليبدأ التحدي الأصعب على الإطلاق والمتمثل بتحقيق الإصلاحات في المنظمة الكروية العليا وتوحيد اللعبة بعد عاصفة الفضائح التي أدت إلى إيقاف الكثير من المسؤولين ومن بينهم سلفه في "فيفا" ورئيسه في الاتحاد الأوروبي الفرنسي ميشال بلاتيني.

تعهد أمين عام الاتحاد الأوروبي بنهاية الأيام السوداء في فيفا بعد تفوقه 
الجمعة على رئيس الاتحاد الآسيوي للعبة الشيخ البحريني سلمان بن ابراهيم آل خليفة، لكن سرعان ما اصطدم المحامي السويسري - الايطالي البالغ من العمر 45 عاما بجبل من التحديات وأبرزها إقناع الرعاة الأساسيين لفيفا أن بإمكان الأخير العودة إلى السكة الصحيحة.

كما على اينفانتينو أن يضع موضوع تنمية اللعبة في كل من آسيا وأفريقيا في 
القائمة الأساسية للمهام التي تنتظره من أجل التأكيد بأنه وضع الانتخابات خلفه بعد أن صوتت القارتان لمصلحة منافسه الشيخ سلمان على أمل أن يصل إلى سدة الرئاسة شخص من خارج أوروبا التي تزعمت المنظمة الكروية العليا لمدة 18 عاما بواسطة سلفه بلاتر.

تحدي الإصلاحات الشاقة

ورأى اينفانتينو أن إصلاحات الحوكمة التي تم التصويت عليها قبيل الانتخابات تعتبر "رائدة" وتطبيقها يشكل أولوية.
وصوت 179 اتحادا من أعضاء الجمعية العمومية غير العادية لمصلحة اعتماد الإصلاحات التي اقترحتها لجنة مختصة بعد فضائح الفساد المتتالية التي ضربت هذه المنظمة منذ أشهر.

وعرضت إصلاحات اللجنة التي ترأسها المحامي السويسري فرانسوا كارار وقدمت اقتراحاتها إلى اللجنة التنفيذية في الفيفا في كانون الأول ـ ديسمبر الماضي على التصويت، فنالت 179 صوتا (89 بالمئة)، مقابل رفض 22 صوتا رفضوا اعتمادها (11 بالمئة).

أهم الإصلاحات

ومن أهم الإصلاحات التي تم اعتمادها، تحديد سنوات ولايات رئيس الفيفا والأعضاء بـ 12 عاما (3 ولايات حسب النظام الحالي)، هذا فضلا عن إنشاء مجلس الفيفا بدلا من اللجنة التنفيذية حاليا تكون مهمته وضع الاستراتيجية العامة وسياسات الاتحاد على أن تتابع الأمانة العامة الخطوات التنفيذية والتجارية المطلوبة لتنفيذ هذه الاستراتيجية.

ويتم انتخاب أعضاء مجلس الفيفا من الاتحادات الأعضاء في مناطقهم الجغرافية حسب القوانين الانتخابية لفيفا، على أن تجري لجنة من الاتحاد الدولي فحص النزاهة للمرشحين (إجراء متبع للمرشحين لانتخابات رئاسة الفيفا أيضا)، مع تشكيل لجنة للمتابعة.

ومن الإصلاحات أيضا، أنه يتعين على كل اتحاد قاري انتخاب امرأة على الأقل في المجلس التنفيذي للفيفا.

كما أوصت لجنة الإصلاحات برفع عدد أعضاء المجلس التنفيذي وتعزيز الشفافية بالكشف عن المكافآت التي يحصل عليها رئيس وأعضاء المجلس ونشر رواتبهم.

لكن لم يتخذ أي قرار بشأن إنشاء سلطة خارجية مستقلة لمراقبة نشاطات فيفا 
ومسؤوليه، وهو الأمر الذي طالب به الكثيرون لأنهم رأوا فيه الحل الوحيد لتحقيق الإصلاح الحقيقي في المنظمة الكروية العليا والتخلص من الفساد.

ومن بين الذين يطالبون بهذا الأمر، هناك شركة البطاقات الائتمانية العملاقة 
"فيزا" التي تعتبر من أهم رعاة كأس العالم.

وقد جددت هذه الشركة بعد انتخاب اينفانتينو مطالبتها بـ "مراقبة مستقلة 
للإصلاحات" لأنها ما زالت الإستراتيجية الأمثل لتحقيق تغيير حقيقي.

وتعهد اينفانتينو أن يأتي بـ "أصوات مستقلة ومحترمة" إلى فيفا لكنه لم يعط أي تفاصيل بشأن هذه المسألة.

إنها البداية فقط

ويرى الخبراء أن الشركاء الرعاة لفيفا الذين يطالبون بوضع حد للفساد الذي صبغ حقبة بلاتر، سيراقبون عن كثب لمعرفة ما إذا كانت رغبة اينفانتينو بتحقيق التغيير تتجاوز حدود الخطابات.

ورأى جيف ثينيس، وهو مستشار أميركي متخصص بشؤون الأخلاقيات والحوكمة يعمل لمصلحة شركات عالمية بأن التصويت الذي حصل الجمعة في فيفا "ليس سوى البداية"، مضيفا: "نظرا لثقافة فيفا، وهي ثقافة فاسدة جدا ممتدة نزولا حتى الاتحادات الوطنية المحلية، سنكون أمام عملية شاقة طويلة قبل أن يتحول ما هو على الورق إلى واقع".

تحقيق الوحدة

وينفي اينفانتينو أن هناك انشقاقا في عالم كرة القدم، مؤكدا أنه فاز "بانتخابات 
وليس بحرب" لكن المرارة موجودة خصوصا أن الشيخ سلمان كان مرشحا بقوة للفوز بالانتخابات وخسارته تشكل ضربة لآسيا والعالم العربي بشكل خاص لأن هناك رغبة بوصول صوت قوي جديد يعبر عنهما.

لكن الشيخ سلمان ركز مباشرة بعد الانتخابات على تطلع الاتحاد الآسيوي للعمل مع فيفا بنظامه الجديد ورئيسه المنتخب من أجل إصلاح المنظمة الكروية العليا.

وقال الشيخ سلمان: "إن الاتحاد الآسيوي سيواصل القيام بدوره الفعال في عملية الإصلاح... في مثل هذه الظروف الاستثنائية فإن كرة القدم العالمية تحتاج للوحدة، ومن خلال التصويت على حزمة الإصلاحات اليوم (الجمعة) فإن هناك فرصة حقيقية لكي تستعيد كرة القدم العالمية مصداقيتها".

وأشار إلى أن "فيفا الجديد يحتاج ليصبح أكثر شمولا وأن يعكس تنوع عالم لكرة القدم. وأنا على ثقة بان إينفانتينو سيؤمن القيادة لتحقيق ذلك، فضلا عن بقية الإصلاحات التي هناك حاجة ماسة لها الآن".

وحظي الشيخ سلمان بمساندة القارة الأفريقية في هذه الانتخابات لكن أصوات هذه القارة لم تصب بأكملها لمصلحة رئيس الاتحاد الآسيوي خصوصا في الجولة الثانية.

وحاول اينفانتينو الذي حظي بطبيعة الحال بمساندة قارته، أن يزيح عنه صبغة مرشح قارة معينة قائلا بأنه ليس مرشح أوروبا بل "مرشح كرة القدم"، مروجا نفسه كرجل العلاقات مع العالم بأكمله.

ويؤكد اينفانتينو أنه سيسعى إلى تطوير اللعبة قائلا: "من الآن وحتى 2020، أريد أن أطور بشكل كبير كرة القدم. أريد أن أرى أعمالا ملموسة يقوم بها الفيفا وكل اتحاد وطني. إذا كانت عائدات الفيفا تصل إلى 45 مليارات دولار، فلا ضير في تخصيص 25ر1 مليار للاتحادات أي أقل من 25 في المئة من تلك العائدات. وهذا الأمر سيكون أولوية أولى. علينا تخفيض النفقات لكن هذا الأمر لن يكون سهلا".

وفي حال تحقق ذلك، خصوصا القسم المتعلق بإعادة توزيع عائدات فيفا، فسيساعد ذلك كثيرا الاتحادات التي تعاني ماديا وسيعزز من مكانته في كافة القارات.

إرث بلاتر الثقيل

ما هو مؤكد أن اينفانتينو سيستلم منصبه مع تركة هائلة من سلفه بلاتر الذي هنأ مواطنه في رسالة قال فيها: "أهنىء بصدق ومن أعماق قلبي جاني اينفانتينو لانتخابه". وأضاف بلاتر الذي انتخب في أيار ـ أمايو الماضي لولاية خامسة على التوالي ثم أعلن استقالته بعد 4 أيام تحت ضغط فضائح الفساد، "بعد تنبي برنامج الإصلاحات، ما ينتظره هو أكبر بكثير، لكني مقتنع بأن خليفتي سيضع ذلك موضع التنفيذ".

وختم بلاتر "بتجربته وطاقاته وحسه الاستراتيجي والدبلوماسي، سيحمل معه كل مؤهلاته لمتابعة عملي وإعادة الاستقرار إلى الفيفا"، متمنيا لمواطنه "التوفيق والنجاح".

وسيكون اينفانتينو بحاجة دون أدنى شك إلى كل التوفيق للتعامل مع الفوضى التي خلفها بلاتر في ظل التهم والتوقيفات التي طالت 39 مسؤولا من السلطة الكروية العليا بسبب اتهامهم من السلطات القضائية الأميركية بالفساد والرشوة.

مسامحة ونسيان

كما أن عقوبة الإيقاف لستة أعوام بحق بلاتر بسبب الدفعة المشبوهة التي أعطاها لرئيس الاتحاد الأوروبي الفرنسي ميشال بلاتيني الموقوف أيضا للفترة ذاتها، قد لا تشكل آخر الإجراءات القضائية بحق السويسري البالغ من العمر 79 عاما إذ تحقق السلطات السويسرية بدوره في مزاعم فساد محتمل يتعلق بملفي موندياليي روسيا 2018 وقطر 2022.

ويرى باتريك نالي، أحد أبرز مدراء التسويق الرياضي والذي يملك خبرة كبيرة في شؤون فيفا، أن التحقيقات بشأن النسختين المقبلتين من كأس العالم ستشكل تحديا بالنسبة لاينفانتينو وقال نالي: "اعتقد بأنها (كأس العالم) ستقام في روسيا كما هو مخطط. أما في ما يخص قطر، فهو (اينفانتينو) بحاجة إلى مراجعة سريعة ومستقلة. وأعتقد بانه سيكون معقدا (مكلفا) بالنسبة لفيفا أن يسحب البطولة من قطر، معتبرا بأن السويسري يحتاج حينها إلى اعتماد مبدأ "المسامحة والنسيان وجعلها (النهائيات في قطر) ناجحة والتركيز على أشياء أفضل للمستقبل".

التعليقات