الطاقة البديلة في غزة ،" ترفٌ " ضروري !

الطاقة البديلة في غزة ،" ترفٌ " ضروري !
رام الله - دنيا الوطن- آلآء البرعي

كُلما انقطع التيارُ الكهربائيّ ، ينادي على ابنهِ الأصغر أحمد ، ليأتي لهُ بشمعةٍ ليشعَلها ، طالباَ من أبنائِه الصغار عدم التحرك في العَتمة ، خشيةً  أن يتأذى أحد ، فشمعةُ و بطاريّة واحدة  لا تكفي بيت مكونٌ من ستِ وحدات سكنيّة ، لذلك لجأ أبو سامر الدّرة لسحبٍ مبلغٍ من مدخراتهِ في البنك و الإستدانة من آخرين  يُقدر ب 7 آلاف $ ( دولار أمريكي ) مُقابل الحصول  على نظام قدرته تتراوح بين 2 - 3 كيلو واط لإنتاج قدرة كهربائية تتراوح بين 7 - 10 كيلو واط / ساعة أي " تغطية استهلاك احتياجات المنزل كاملة بما فيها  بعض الأجهزة الكهربائية "  .

 يقول أبو سامر عن لجوئه لإستخدام الطاقة الشمسيّة كطاقة بديلة عن الكهرباء لـِ دنيا الوطن :" أزمة انقطاع الكهرباء في غزة ، و حاجة أسرتي للكهرباء دفعني لإقتناء الألواح الشمسيّة  ، خاصة أنّ لديّ أطفال في المدارس  و عددنا كبير و حاجاتنا لا تغطيها عدد ساعات  وصل الكهرباء  اليوميّة ، لذلك لجأت للحصول على  منظومة الطاقة الشمسيّة لسد احتياجاتي من التيار الكهربائي ، رغم إرتفاع أسعارها ".

و بضحكةٍ ساخرة يتابع بقوله :" وجود الكهرباء في حياتنا من الضروريات ، و من الطبيعي أن ألجأ للحصول عليها بكافة الإمكانيات المتوفرة لديّ ،  فوجود الخلايا الشمسيّة ليس ترفاً ، لأن انقطاعها يسبب الشلل التام لكل من في البيت ، فوجود الإنارة 9-10  ساعات متواصلة كحد أقصى  أفضل من لا شيئ  ".

و يؤكد الدّرة أن التكلفة العالية لتركيب الخلايا الشمسيّة أثقلت كاهله ، و برغم ذلك فهو يشعر بالارتياح لأن الطاقة الشمسيّة لن تخيفه من حدوث أضرار تقع بفعل استخدام بدائل أخرى للإنارة كالشموع و الغاز، داعياً الجهات المختصة لتذليل العقبات امام توفير هذه الخدمة للمواطنين خاصة وأنّ تكاليف المعيشة من فواتير وغيرها تؤرق فكرهم على الدوام

و يجدر الإشارة أن اعتماد المواطن الفلسطيني على الطاقة الشمسيّة كمصدر جديد للكهرباء ، بدأ في ظل تفاقم الأزمة و انقطاع الغاز ، و دخول الوقود بكميات شحيحة لقطاع غزة ، إضافة لعدم قدرة المواطن متوسط الدخل من اقتنائها لتكلفتها الباهظة ، فالانقطاع يستمر لفترات تتراوح ما بين 8 إلى 12ساعة يومياً.

و عن التكلفة الإقتصاديّة التي تعود على المواطن من اقتناء الخلايا الشمسيّة  يقول محمد الصوالحي ، صاحب شركة  لبيع الألواح الشمسية لـ دنيا الوطن :" استخدام الطاقة الشمسية يوفر الكثير من الأموال ، و تشغيل الطاقة الشمسية على "   2.5كيلو " من النظام الشمسي وبمواصفات أوروبية أو إسرائيلية مضمون تقريباً  20 عاماً ".

 مبيناً أن سعرها يصل إلى 10 آلاف دولار يتم استعادتها خلال عشرة أعوام ويتبقي عشرة أعوام يأخذ المواطن كهرباء بشكل متواصل دون أن يدفع أغورة واحدة "  على حد قوله .

و عن الأسباب التي غيبت عمل الشركات بتجارة الخلايا  يضيف الصوالحي :" إنّ مشاريع التزويد بالطاقة البديلة في فلسطين تعتمد اعتماداً كلياً على الدول المانحة ، اذ أصبحت العطاءات حكراً على جهات معينة تقوم بتنفيذها في بعض المناطق المستهدفة ".

ومن ناحيةٍ اخرى يشيد الصوالحي بالإعفاء الضريبي المقرّ على هذه الخدمة  في فلسطين ، والذي ساهم في تخفيض أسعارها بالمقارنة مع الدول الاخرى ، في الوقت الذي  ترتفع  فيه أسعار القطع والمعدات المستوردة .

و يؤكد مدير عام الطاقة والكهرباء في سلطة الطاقة بغزة  عوني نعيم لـ " دنيا الوطن " : أصبح السوق الفلسطيني يلقى إقبالاً واسعاً على اقتناء الألواح الشمسيّة كبديل أساس عن الكهرباء ، في ظل استمرار انقطاعها لساعات طويلة خلال اليوم ".

و عن المؤسسات التي أقبلت على استخدام الطاقة البديلة  يضيف بقوله :" المستشفيات في قطاع غزة و بعض المدارس أخذت بإستخدام هذه التقنيّة كحاجة ماسة منها مستشفى النّصر للأطفال و حضانة الأطفال في مُجمع الشفاء الطبي وسط مدينة غزة ".

و عن تركيب الخلايا و ضماناتها يتابع :"  بعض المهندسين يقوم  بتركيب لوح شمسي قدرته النظاميّة كيلو واحد  ما يعطي من 4 إلى 5 كيلو واط / ساعة ، لكن المشكلة تكمن في أن المهندس يقوم بتركيبه دون النظر إلى الأحمال التي يستهلكها المواطن في بيته  من :" ثلاجة وغسالة وإنارة " مؤكداً أن تركيب الطاقة الشمسية بهذا الشكل دون النظر للأحمال يؤدي لخسارة النظام بعد أشهر قليلة على حد تعبيره .

و ينوّه إلى أنّ سلطة الطاقة عمدت لإعداد خطة إستراتيجية تهدف إلى تشجيع التوجه للاستفادة من الطاقة الشمسيّة ، و أن نسبة الاستفادة المتوقعة من الكهرباء المولدة عن طريق الخلايا الشمسية تصل في العام 2020 حسب هذه الخطة إلى 20 % من إجمالي الطاقة الكهربائية المستهلكة في غزة .

و عن العائد الاقتصادي من استخدام الطاقة الشمسيّة يقول الخبير الاقتصادي مُعين رجب  :" الألواح الشمسيّة ساعدت في حل جزء من أزمة الكهرباء في غزة ، و إعادة بعض المصانع المتوقفة للعمل ، و لكن التكلفة الإنتاجيّة العالية تقف عائقاً دون تمكُن  جميع المواطنين من انتقائِها ".

و أكدّ أن استخدام الطاقة الشمسيّة و توفيرها للإنارة ليلأ هو استغلال جيد لهذه الطاقة المُهدرة التي تساهم في تحسين الاقتصاد الذي تضرر كثيراً بفعل شُح الوقود الوارد للقطاع .

ويشير باحثون إلى أنّ  إنشاء حقول الطاقة الشمسيّة  سيساهم في تحسين اقتصاد القطاع  فأشعة الشمس تسقط على غزة طوال 300 يوم في العام تقريباً ، لكن نقص التمويل يقف عقبة أمام  إقامة مثل هذه الحقول  و الذي بدوره يحول دون الاستفادة من هذه الطاقة النظيفة.