يوم انتخابي أمريكي طويل في "مدينة الخطايا"

يوم انتخابي أمريكي طويل في "مدينة الخطايا"
رام الله - دنيا الوطن - وكالات 
في إطار تغطية الانتخابات الرئاسية الأميركية 2016، تبث وكالات الأنباء والصحف العالمية دوريا مدونات خاصة حول كواليس وأصداء السباق إلى البيت الأبيض.

في هذا السياق وحول كواليس التغطيات الصحفية للحملات المرشحين للانتخابات الرئاسية الأمريكية المقررة في العام القادم 2016، نشرت وكالة الأنباء الفرنسية وقائع أحد أيام صحفييها في أثناء مواكبة حملة المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون في لاس فيغاس في ولاية نيفادا الأمريكية استعدادا للانتخابات التمهيدية في الولاية لاختيار مرشح كل من الجمهوريين والديمقراطيين إلى البيت الأبيض.

في الغرف الخلفية لمدينة "الخطايا"

تقول اليومية التي تسجل وقائع اليوم الانتخابي الذي واكبه صحافيو "أ ف ب"، بين تجمع ضخم وآخر، يدعو فريق هيلاري كلينتون عددا قليلا من الصحافيين لمواكبة أنشطتها في أثناء الحملة. لذلك شكلت مجموعة من وسائل الإعلام الأميركية والدولية نظاما مشتركا - مشابها لما يحصل في تغطية أخبار البيت الأبيض - لتقاسم مهام تغطية الحملات الانتخابية والتقارير الصادرة يوميا. وتتألف هذه المجموعة من 14 مؤسسة إعلامية، بينها "واشنطن بوست" و"نيويورك تايمز" و"غارديان" ووكالة "فرانس برس".

هذه المرة حان دورنا للانضمام إلى كلينتون في لاس فيغاس حيث سعت هيلاري كلينتون إلى جذب المجموعات من أصول لاتينية وآسيوية والسود. ويشكل هؤلاء حوالي نصف سكان الولاية.

وبالتالي، فإن كلينتون بحاجة ماسة إلى دعمهم للنهوض بعد هزيمتها الكبيرة أمام خصمها داخل الحزب الديموقراطي بيرني ساندرز في انتخابات نيوهامشير التمهيدية.

طلب منا الحضور صباح السبت في تمام الساعة 07,30 إلى جانب فريق لشبكة "ايه بي سي" الأخبارية ومراسل من "بلومبرغ" وصحافيين محليين وعدد من المصورين، لنمضي يومنا معا ونتنقل من مكان إلى آخر في حافلة الصحافة "النظيفة"، أي التي خضعت لتفتيش جهاز الأمن السري.

المحطة الأولى في الكازينو

محطتنا الأولى المدخل الخلفي لكازينو هاراز في قلب لاس فيغاس حيث طالعنا عناصر الأمن ببزاتهم السوداء لدى وصولنا.

عبرنا أروقة وأدراجا خلف فريق كلينتون الذي استكشف المكان في وقت سابق، لنصل إلى كافتيريا الموظفين في قلب الكازينو، والتي تفتقر إلى نوافذ.

"مرحبا جميعا!" بادرت كلينتون بالقول باسمة مع دخولها وسط هتافات التأييد 
والتصفيق التي أطلقها حوالي 80 شخصا تجمعوا في المكان، وكانوا يرتدون ملابس الندل ومآزر المطبخ، وسارعوا إلى إخراج هواتفهم النقالة لالتقاط الصور.

المرشحة الديموقراطية وهي تنتقل من طاولة إلى أخرى، أعربت عن سعادتها لرؤيتهم وسط مصافحات وصور تذكارية. وقالت "بمساعدتكم السبت يمكننا النجاح".

الجميع مشغول بصور السيلفي

ولم يشهد التجمع الكثير من الحوار، لا لعجلة كلينتون، بل لانشغال الجميع 
بالتقاط الصور، الأمر الذي بدا مضحكا بعض الشيء عندما حاول البعض مواصلة التصوير في أثناء مصافحتها.

وقالت المرشحة الديموقراطية لأحد عاملي المطبخ بعدما اقترب ليتمنى لها حظا سعيدا، "أقدر ذلك كثيرا"، ناظرة إلى عينيه مباشرة.

لكن الحديث الفعلي الوحيد الذي أجرته كان مع الطاهي ريتشارد ميفيس الذي قدم نفسه بأنه من بارك ريدج في ولاية إيلينوي حيث ترعرعت كلينتون.

"أتمازحني!" ردت كلينتون، ثم سألته "في أي ثانوية تلقيت دراستك؟"، معلقة أخيرا كم أن "الدنيا صغيرة".

كلينتون لرواد الكازينو: "أحتاج لمساعدتكم"

بعد خمس دقائق، اصطحبنا فريق كلينتون خارجا إلى ردهة المطاعم في الكازينو، فأثار حضورها هرجا ومرجا بين الزبائن الذين كانوا يتناولون الفطور وأذهلتهم رؤية السيدة الأولى ووزيرة الخارجية سابقا.

هنا اختلفت الأجواء كثيرا عن آيوا حيث أمضى المرشحون إلى البيت الأبيض أسابيع وهم يجولون في الولاية قبل انطلاق الانتخابات التمهيدية في الأول من شباط ـ فبراير.

وهتفت امرأة متوجهة إلى كلينتون "ما أجملك!"، فردت المرشحة "شكرا جزيلا"، مكررة أمام الجميع "أحتاج إلى مساعدتكم السبت"، ولو أن الحاضرين باكثرهم بدوا وكانهم زوار من خارج الولاية.

هستيريا وتشويق وصورة زفاف

في الوقت نفسه، سعى الحراس الشخصيون لكلينتون إلى ضبط الأوضاع على الدوام عندما كان ضغط الحشد يتزايد حولها.

وشوهدت كلينتون تحادث زوجين مثليين جاءا إلى فيغاس لعقد قرانهما. كان ذلك في أسبوع عيد الحب...

وقالت لهما "أحر التهاني!"، مضيفة "هذا مشوق للغاية. حسنا، هلا التقطنا صورة زفاف معا؟". وتعالت صيحات شبه هستيرية لامرأة خلفها تماما تطالب بصورة تذكارية أيضا.

وبهدوء، أجابتها كلينتون "لحظة واحدة.. دعيني أنهي حديثي مع هؤلاء الأشخاص".

هيلاري حارسة المرمى

بين صباح السبت ومساء الأحد، قمنا بسبع زيارات مماثلة تخللها تجمعان شعبيان.

ورافقنا كلينتون إلى مقهيين وكافتيريا الموظفين في كازينو سيزار بالاس. ثم التقينا مجموعة من عائلات مهاجرين لاتينيي الأصول وصلوا إلى الولايات المتحدة بطريقة غير قانونية، قبل زيارة كنيسة للسود وملعب مغلق لكرة القدم للأطفال حيث دعيت هيلاري كلينتون لتقف حارسة مرمى، فلبت الدعوة على الرغم من أنها كانت تنتعل حذاء بكعب عال، مفاجئة حتى مسؤولها الإعلامي المرافق.

الصحافة إلى الخارج

وتستعين المرشحة الديموقراطية بمجموعة الصحافيين المرافقين عندما تريد توجيه رسالة، كما فعلت الأحد للتعليق على وفاة قاضي المحكمة العليا انتونين سكاليا. لكن وجودنا لا يلقى الترحيب على الدوام.

فقبل انطلاق جلسة أسئلة وأجوبة مع مجموعة من المهاجرين، أشارت كلينتون إلى أن وجودنا قد يحول دول تحدثهم بحرية.

وسألت جورج نيري، منظم حملتها في نيفادا، "لا أدري إن كنا نريد بقاء الصحافة لهذا أم لا، ما رأيك جورج؟".

وأجاب جورج بالنفي، فتم اصطحابنا إلى الحافلات بعد أن أكدت لنا كلينتون باسمة "حبها" للصحافة.

إنشاد ديني في كنيسة للسود

إلى جانب التقاط الصور، تشتمل بعض الزيارات على مواقف مهمة جدا.

فالأحد صباحا في كنيسة فيكتوري الإرسالية المعمدانية في حي تاريخي للسود غرب لاس فيغاس، شهدنا حدثا مثيرا.

وجلست كلينتون في الكنيسة التي استضافت فرقة إنشاد ديني مذهلة واكتظت بحشد من حوالي 500 شخص، في الصف الأول إلى اليسار، فيما جلس الصحافيون في الشرفة.

أحد أبطال حركة الحريات المدنية في المكان

وسرعان ما سرى بين الحضور خبر أول مفاده أن المشرع الأميركي الأسود جون لويس موجود في القاعة، وهو ديموقراطي يعتبر من أبطال حركة الحريات المدنية ويحظى باحترام عميق، وسبق أن أعلن تأييده لكلينتون.

"خصمي العزيز" هنا أيضا

بعد دقائق، ذهلنا لرؤية خصم كلينتون الديموقراطي بيرني ساندرز يدخل الكنيسة ليجلس في الصف الأول إلى اليمين، قبل انضمام مجموعة الصحافيين المرافقة له إلينا على الشرفة.

واتضح في النهاية أن كلا من المرشحين رتب زيارته منفردا مع القس الذي يسعده استضافة شخصيات مرموقة مثلهما، ولم يعلن أي من الموعدين على الملأ.

ودعي كل من المرشحين للكلام حوالي خمس دقائق، فأثارت كلينتون حماسة أكبر لدى الحضور، مشددة على أنها زارت هذه الكنيسة من قبل.

واستغلت كلينتون دقائقها الخمس لشن هجوم على مقترحات سناتور فيرمونت، مشيرة إليه بعبارة "خصمي العزيز"، كما تفعل في التجمعات الكبيرة.

ولم يتبادل كلينتون وساندرز أي حديث، ولم يتصافحا أو يتبادلا أي تحية. بدا 

جليا أن أجواء العداء تهيمن على السباق.

التعليقات