سقيفة "الحاج محمد" في وادي قانا : عزبة تُحافظ على طبيعتها الفلسطينية عائلة زيدان (صور)

سقيفة "الحاج محمد" في وادي قانا : عزبة تُحافظ على طبيعتها الفلسطينية عائلة زيدان (صور)
خاص دنيا الوطن - من رحمة خالد

فردوس الله في الأرض لا شيء يشوبه إلا أعين الجبناء التي كعادتها لا تترك وردة دون شوكها فزرعت شوكة استيطانية تشرف على وادي قانا وفرضت قيودها على هذا الجمال الذي يعاندها فيزداد بهاء.

وادي قانا عزبة تقع في المنطقة الشمالية الغربية لبلدة ديرستيا قضاء سلفيت وتبلغ مساحة أراضيه 10 آلاف دونم، حيث هاجر سكانها عام 1967 للبلدة طلبا للاستقرار والتعليم  والعمل وهربا من تضييقات الاستيطان عليهم.

عائلة الحاج محمد زيدان منذ خمسين عاما حتى هذا اليوم لا تزال مصرة على أن تبقى علقة في زور المحتل باتخاذها من وادي قانا مسكنا لها رغم عقبات الاحتلال، فيقول الحاج الثمانيني محمد زيدان لدنيا الوطن " عاش والدي في هذه العزبة منذ 90 عاما وأنا حافظت على الوجود الفلسطيني فيها باستقرار عائلتي وأحفادهم بالمنطقة".

فرغم قساوة البرد وشدة الأمطار تعيش عائلة الحاج زيدان والمكونة من 14 فردا في سقيفة من الحجارة عمرها 50 عاما بجوار كهف أغنامهم التي بلغت 300 رأس، ليعيدو لهذا الوادي ملامح الهوية الفلسطينية، فيذكر حفيد الحاج زيدان كفاح عبد الفتاح 23 عاما " الحياة هنا أفضل ورزقنا فقط في هذا الوادي حيث نسرح بالأغنام التي تمثل دخل العائلة من الحليب ومشتقاته".

ويضيف كفاح الذي رسم صورة الشاب الفلسطيني المحب لأرضه وتاريخ أجداده لمراسلة دنيا الوطن" لا نجد الإستقرار إلا في هذه الأرض، فأعيش أنا وزوجتي وولداي مع عائلتي في السقيفة لأن تركها والاستقرار بالبلدة يعني جعل هذه الجنة مرتعا للإستيطان".

فمن أجل الحفاظ على هوية المكان اختارت تلك العائلة ضنك العيش والحياة البدائية التي تتمثل طقوسها بالطهي على الحطب والاعتماد على مياه الينابيع وسقيفة لا حامي لها إلا الله، إلا أنها لم تتخلَ العائلة عن التعليم الأساسي ففي كل صباح تصطحب الوالدة أبنائها الثلاثة لمدارس ديرستيا الإبتدائية وتنتظرهم في منزل العائلة بالبلدة.

ومن الجدير ذكره أن عائلة الحاج زيدان تمتلك منزلا صغيرا في قريتهم المجاورة لا تستخدمه إلا لقضاء حوائجهم .

ويؤكد سعد زيدان رئيس بلدية ديرستيا أهمية الوادي فيقول " تشكل منطقة وادي قانا سلة غذائية للبلدة من حيث الحبوب والخضراوات، كما يشكل متنفسا سياحيا لسكان الضفة الغربية بسبب طبيعته الخلابة وخضرته الدائمة".

أما سياسات الإحتلال التضييقية ابتدأت منذ زمن في وادي قانا بسرقة مياه البئر الارتوازي الذي يغذي 12 ينبوع ماء لصالح سبعة مستوطنات محيطة به مما أضعف المياه فيها، كما يمنع بناء حجر واحد وزراعة الأشجار الحرجية والمثمرة وحصرها على الحبوب والخضراوات التي لم تسلم أيضا من الكلاب والخنازير المطلقة من قبل البؤر الاستيطانية المحاذية وتلويثها بمياه مجاريها التي تصب في ينابيع الوادي .

ويصف الحاج زيدان لمراسلتنا التي زارته في خيمته التضييقات الممارسة تجاههم والتي تزداد يوما بعد الآخر" نمنع من زيادة السقائف أو وضع حجر زيادة عن الذي كان موجود بالسابق"، ويتابع حديثه بنظرات تحمل الإصرار بمعاندة الاحتلال لأجل أدم هذه الأرض " زرعت شجرة عمرها ثلاث سنوات فقام مسؤول الطبيعة الاسرائيلي بقلعها".

ويضيف كفاح لسلسلة القيود والتضييقات " منحتنا مؤسسة سويدية حظيرة للأغنام وضعناها بجوار السقيفة فهدمها الاحتلال وفرض علينا أن لا نضع أي شيء في المنطقة".

ويذكر أن بيارات الحمضيات الموجودة بالوادي يرجع تاريخها لنكبة الفلسطيني حيث اتخذ منه مسكنا بعد هجرته، ولم تزرع منذ ذلك الحين شجرة واحدة بسبب السياسات المفروضة، كما تعود البيوت المقامة فيه لزمن الإدارة الأردنية بالضفة الغربية.

ويشير المزارع عبد الكريم ملوح أحد سكان بلدة ديرستيا " وادي قانا كان مسكنا لعائلتي التي هاجرت من يافا عام 1948، وأنا حريص على التردد إليه باستمرار لزراعة الحبوب والخضراوات كي يظل للفلسطيني الحق في هذه الأرض بإثبات وجوده فيها".

فمهما أرادت شوكة الاستيطان زرع نفسها في ورود وادي قانا سيظل للفلسطينيين عهد على البرتقال بأن لا يكبر بغير ريح يافا المعبق في شرايينهم.