سوريا في قلب العاصفة

سوريا في قلب العاصفة
عمر حلمي الغول

المسألة السورية مازالت تحتل اولوية في الصراع بين الاقطاب الدولية وحلفائها في المنطقة. ورغم إعتقاد الكثيرين من المراقبين، ان الغلبة باتت محسومة للخيار الروسي بعد التدخل العسكري نهاية سبتمبر/ ايلول الماضي، وقبول إدارة اوباما تكتيكيا لرؤية موسكو، وترافق ذلك مع تغير الخطاب الاوروبي تجاه نظام الاسد الابن، ليس هذا فحسب، بل ان غالبيتها مد الجسور الاستخباراتية معه بما فيها أميركا، إلآ ان الواقع وتطوراته، يشير إلى عدم دقة الاستنتاج آنف الذكر. لاسيما وان الصراع بين المخططين الغربي الرأسمالي واتباعه من العرب والمسلمين والشرقي الرأسمالي واتباعه من العرب والعجم مازال مستعرا، ولن يهدأ إلآ بانتصار أحد المشروعين.

بالتأكيد التطورات الجارية على الساحة السورية، تشهد تقدما ملحوظا للرؤية الروسية، وتمكن النظام السوري من تحقيق إنتصارات جلية في الشمال والجنوب والوسط، وبسط سيطرته على مساحة كبيرة من اراضي الدولة، حتى ان الدكتور بشار في مقابلته مع وكالة "فرانس برس" دعا دول الاتحاد الاوروبي لايجاد السبل لاعادة ابناء الشعب السوري لبلدهم اول امس. وهو ما يوحي ان النظام القائم، بات يعتقد، ان الغلبة في الحرب الدائرة من نصيبه. رغم انه أكد ان تحرير كامل البلاد، وإعادة السيطرة الكاملة عليها يحتاج إلى وقت طويل.

لكن من السابق لاوانه الاعتقاد بتحقيق النصر الحاسم في ضوء التطورات الجارية على الارض. وعدم اليقين بذلك، لا يعود بالضرورة لان سيناريوهات أميركا وحلفائها من الاوروبيين والعرب والاتراك، تنادي بتصفية الحساب مع نظام الاسد حتى لو ادى ذلك لتقسيم الدولة والشعب السوري الى دويلات دينية وطائفية ومذهبية، ، فهذه السيناريوهات وغيرها يمكن ان تفشل هنا او هناك، إن لم تتوفر لها شروط النجاح. بالتالي يعود السبب إلى ركيزة اساسية، عنوانها، ان إدارة اوباما ممثلة بوزير خارجيتها، جون كيري، أخذت في التساوق مع رؤية حلفائها في العربية السعودية ومن معها من دول الخليج وتركيا، المنادية بشن حرب في الاراضي السورية، عنوانها المباشر مواجهة "داعش"، وفي الحقيقة الحرب، التي يعد لها راهنا، عنوانها الاساسي، التصدي للتمدد الروسي والسوري الرسمي. وكأن لسان اولئك رفض الاقرار بمخطط بوتين. 

ومن راقب وتابع اللقاءات الاخيرة في جنيف، لاحظ ان القوى المعادية لنظام الاسد الابن، حاولت من خلال ادواتها السورية الضعيفة (المعارضة) تعطيل المؤتمر، اولا عبر عقد مؤتمر لها في السعودية، لابراز ثقلها السياسي والعسكري، غير انها فشلت. وذهبت إلى المؤتمر وفق ما حددته القيادة الروسية؛ ثانيا  من خلال وضعها لشروط على روسيا الاتحادية، منها وقف القصف، والعودة عن المناطق، التي سيطر عليها الجيش النظامي السوري. وايضا فشلت في تحقيق ذلك. ورغم إقرار لافروف والمندوبين الروس في لقاءات الدول ال17 المعنية بالملف السوري، وافق على قرار وقف إطلاق النار شكليا، وتثبيت هدنة، إلآ ان المعطيات على الارض، تفيد عكس المعلن من مواقف.

إذاً من المبكر الاقرار بانتصار فريق على آخر حتى الان. رغم النجاحات الكبيرة للنظام السوري على الارض. لا سيما وان أميركا وحلفائها مازالوا يسيرون بخطى حثيثة نحو إدخال سوريا في موجة جديدة من الحروب، قد تتمدد وفق ما اعلن الرئيس الروسي، ميديفديف اول امس، من ان الحرب، قد تتوسع لترقى لحرب عالمية جديدة بكل معايير الكلمة ودلالاتها السياسية. والايام والشهور القليلة القادمة تحمل في ثناياها الرد على كل الخيارات والتساؤلات المطروحة راهنا.

[email protected]

[email protected]